يقول خبر تم منذ فترة تداوله إن دوريات مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حمص وبناء على توجيهات الوزير قامت بفتح مستودعات الأعلاف العائدة لأهم مستوردين للأعلاف في سورية ( على شاكلة كبسة ) ووجدت بداخلها كميات كبيرة من الأعلاف، حيث قامت بتوزيع كميات منها إلى معامل الأعلاف بالتعاون مع مديريات حماية المستهلك في المحافظات .
كان الخبر صادماً.. إذ كيف لمستورد ما وبالسعر المدعوم .. أو غير المدعوم .. أن يغلق مستودعاته وهي مليئة .. وأسعار الأعلاف كالنار في الهشيم ..بل أكثر من ذلك، فقد شكل هذا خطراً حقيقياً على تربية الدواجن وأخرج قسماً منها من الخدمة .. ولو أنه تم(غزو ) مستودعات وصوامع الأعلاف للمستوردين أنفسهم في المنطار بطرطوس وقرب مرفأ طرطوس وفي اللاذقية لوجد أيضاً آلاف الأطنان المخزنة فيها ينتظر الإفراج عنها مزيداً من ارتفاع الأسعار .
ليس هذا فاتحة أو بداية لهذا التحقيق لكن هذا حصل مصادفة في بداية البحث في موضوع الأعلاف منذ بداية (جنونها)
تؤكد( الأعلاف) أن كميات الذرة الصفراء وفول الصويا التي دخلت عبر مرفأ طرطوس منذ بداية العام ولغاية الشهر الرابع هي : 26،3 آلاف طن من الصويا و 147،4 آلاف طن من الذرة الصفراء .. وأنه في شهر نيسان فقط وهو الشهر الذي بدأت فيه الأسعار بالارتفاع .. وصول 13،5 آلاف طن من الصويا و 53،9 آلاف طن من الذرة وكانت هذه الكميات قد وصلت بعد قرار إلغاء الضميمة على الأعلاف .. أي من المفترض أن تنخفض الأسعار .
وتؤكد (الأعلاف) أن سعر الجمارك لكل طن من كسبة الصويا هو 375 دولاراً أو 278 يورو و 125 دولاراً لطن الذرة واصل أرض المرفأ أي إن سعر طن الذرة في تلك الأثناء في أرض المرفأ هو 171 ألف ليرة بعد إضافة تكلفة المرفأ ورسوم منع معارضة للسيارات والساعات المأجورة (أجور عمال العتالة) وأجور الروافع وهذه الرسوم تحتسب لكامل الكمية الواصلة إلى المرفأ باستثناء تكلفة المرفأ التي هي3 آلاف ليرة لكل طن .. نتحدث هنا عن غالبية الكميات التي تصل بأسعار مدعومة من المركزي .. وكان سعر الدولار وقتذاك 435 ليرة .
أصحاب معامل الأعلاف : ارتفع السعر منذ بداية العام أضعافاً.. ونحن محكومون من المستورد ..!!
سرقة ..
أحد أصحاب معامل الأعلاف قال : في شهر كانون الثاني تم تسليمنا طن الذرة بـ 160 ألف ليرة وطن الصويا بـ 460 ألف ليرة ..
وفي شهر شباط كان سعر الذرة 240 ألف ليرة للطن و460 ألف للصويا ( نلاحظ هنا مضاعفة سعر الذرة تقريباً وثبات سعر الصويا ) وهنا بداية فورة الأسعار .
أما في شهر آذار فكان سعر الذرة 250 ألف ليرة للطن و510 آلاف ليرة لطن الصويا .. ( أي بزيادة 10 آلاف ليرة للذرة وحوالي 50 ألف ليرة للصويا ) وهذا عن الشهر السابق .
في شهر نيسان سلم المستوردون الأعلاف إلى المعامل بسعر 330 ألف ليرة لطن الذرة و 850 ألف ليرة للصويا أي بزيادة تقدر بـ 300 ألف ليرة عن الشهر السابق علماً ( حسب صاحب المعمل ) أنه تم تسليمهم الصويا بـ 650 ألف ليرة لفترة وجيزة .
هذه القفزة الكبيرة في الأسعار أدت إلى ارتفاع طن العلف الجاهز من المعمل إلى المداجن بالتدرج منذ بداية العام من 450 ألف ليرة .. إلى 550 ألفاً … 850 ألفاً ثم إلى 1،2 مليون ليرة للطن حالياً .
طبعاً هذا لا يعفي أصحاب المعامل من المساهمة بارتفاع الأسعار .. صاحب المعمل يؤكد أن الخلطة مكونة من 60 بالمئة ذرة صفراء و 35 بالمئة صويا و 5 بالمئة مواد أخرى كالمعادن .. ولأن سعر الذرة أقل بكثير من سعر الصويا .. ولأن كمية الذرة في الخلطة هي تقريباً ضعف كمية الصويا، فهذا يعني أن التلاعب يتم هنا ومن هذا الباب تحديداً .
من خلال مراقبة هذه الأرقام ومقارنتها مع الأسعار في أرض المرفأ وإلى حين وصولها علفاً جاهزاً للمداجن ندرك مدى السرقات التي يمارسها المستوردون وأصحاب المعامل .. ومدى الأذى الذي يصيب المربين وبالتالي الأسعار للمستهلك .. ندرك لماذا لجأ الكثير من المربين إلى إغلاق مداجنهم والعزوف عن تربية الدجاج.
لغير مستحقيه ..
عندما ذكر رئيس الحكومة السابق في مدينة السقيلبية بمحافظة حماة منذ نحو ثلاثة أسابيع أن الحكومة دعمت مربي الدواجن بـ 300 مليار ليرة أصبنا بالإحباط .. خاصة إذا علمنا وهذا ما كتبناه سابقاً عن قيام مؤسسة الأعلاف بالاعتذار بين عامي 2017و2019 خلال عمل الإدارة السابقة للمؤسسة العامة للأعلاف عن استلام 50 ألف طن وهي الكميات المستحقة لها من الـ 15 بالمئة من الكميات المستوردة التي يموّلها المركزي .. وقلنا حينها أنها عملية غير بريئة لكن لا رئاسة الحكومة ولا وزارة الزراعة التي يفترض أنها (أم الصبي ) لم يحركوا ساكناً لا لناحية استرجاع هذه الكميات التي ستترك أثراً كبيراً في تخفيض أسعار الأعلاف وبالتالي أسعار المنتج .. ولا بمحاسبة المسؤولين عن هذا الاستهتار في مؤسسة الأعلاف لأن فارق السعر كبير جداً.
بحيث يتم تسليم الكميات (المدعومة ) وفق بيانات الجمارك وبوالص الشحن .. وبيّن أن يبيعها المستورد بأسعار خيالية ومن هنا فإن هذا الدعم الذي تحدث عنه لم يذهب إلى مستحقيه بل بقي في (قلوب) المستوردين .. ولأنه يروق للبعض الاستمرار في الاعتذار تحت سمع ونظر وزارة الزراعة رغم الأسعار الخيالية في السوق، فقد نشهد قريباً استقالات ممن لم يقبلوا بالاعتذار عن استلام حصة المؤسسة وذلك لأسباب قد يكون منها الضغوط التي يمكن أن تمارس عليهم من الإدارة والمستوردين ..
في الاجتماع ذاته قال رئيس الحكومة السابق أن 70 بالمئة من المداجن القائمة حالياً هي غير مرخصة .. وهذا يترك أسئلة كبيرة حول التسهيلات التي روّجت لها الحكومة وعن حديثها الدائم عن تخفيف الاشتراطات التي مللنا من سماعها..
أقرت الحكومة مجموعة خطوات قد تكون جيدة إذا ما أحسن استخدامها أولها رصد 4 ملايين يورو لمؤسسة الأعلاف لاستيراد حوالي 200 الف طن من أجل أن تتدخل إيجابياً في السوق .. ( وهذا سيكون مجالاً للنقاش في وقت آخر ) .. ورصد مبلغ 9 مليارات ليرة ( على أساس دعم صغار المربين )، لكن الأنظار مشدودة إلى الحيتان الذين (يعيثون في هذا السوق فساداً).
إضافة إلى دعم المداجن غير المرخصة بالمحروقات والأعلاف لمدة عامين.وهذا يعني أنه في نهاية العامين إما تتم تسوية أوضاعها .. أو المجاهرة بإخراج 70 بالمئة من المداجن خارج الخدمة .
أسئلة كثيرة يرقى بعضها حد اتهام وزارة الزراعة بالتقصير .. أولها عدم تحريك ملف الـ 50 ألف طن وتحميل المسؤولية لمن قام بهذا الفعل .. وتالياً عدم العمل على استرداد هذه الكميات أو قيمتها وهذا حق الخزينة ويجب أن يعاد إليها .
تشرين
سيريا ديلي نيوز
2020-06-23 10:02:18