بعد تحول فيروس كورونا المستجد إلى وباء عالمي غير تفاصيل الحياة في معظم الدول ونشر موجات من الرعب والارتباك مع ارتفاع أعداد المصابين والوفيات ليشمل تأثيره الخطر الاقتصاد العالمي.
دول العالم اتخذت إجراءات للحد من انتشار الفيروس القاتل شملت خطوات غير مسبوقة بما فيها حظر السفر جوا وبحرا وبرا وإغلاق مدن كبرى بأكملها وفرض قيود على التنقلات وإغلاق شركات وخدمات حكومية وخاصة وأصبح الاقتصاد العالمي من خلال تلك الإجراءات تحت وطأة الفيروس بشكل كامل وسط ترجيحات قوية بالانزلاق إلى حالة ركود شاملة وصفها صندوق النقد الدولي بأنها ستكون بشدة الأزمة المالية العالمية عامي 2008 و2009 أو ربما أسوأ.
مديرة الصندوق كريستينا جورجيفا أعلنت قبل أيام أن النمو الاقتصادي خلال 2020 سيكون سلبيا مشيرة إلى سحب المستثمرين حول العالم 83 مليار دولار من الأسواق الصاعدة منذ بداية أزمة كورونا.
صندوق النقد كشف أيضا أن 80 بلدا طلب مساعدته لمواجهة التحديات بسبب تفشي فيروس كورونا والضغوط الهائلة التي يلقيها على القطاعات كافة سواء الصحي أو الاقتصادي أو الاجتماعي وغيرها.
برامج اقتصادية ومالية طارئة لجأت إليها الاقتصادات المتقدمة والناشئة لتخفيف حدة الأزمة الاقتصادية على أسواقها ومساعدة مواطنيها على اجتياز الأزمة التي أوقفت ملامح الحياة في معظم بلدان العالم وفرضت تغييرات جذرية على الأعمال التجارية والخدمية بعد التداعيات التي ألمت بها جراء تفشي الفيروس منذ بداية شباط الماضي.
التخوف مما هو قادم على الصعيد الاقتصادي بسبب كورونا ظهر واضحا في توقعات بنك غولدمان ساكس حول تراجع الاقتصاد العالمي بنسبة 24 بالمئة في الربع الثاني من هذا العام وانكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي على مستوى العالم حوالي 1 بالمئة وهو ما يفوق معدل التراجع الاقتصادي الذي تسببت به الأزمة المالية العالمية عام 2008.
التراجع الحاد الناتج عن تفشي كورونا ظهر بشكل واضح في قطاعات الخدمات والسياحة والسفر والصناعة وترافق بهبوط حاد في الاستهلاك ومن أكثر القطاعات تأثرا حتى الآن قطاع الطيران حيث تواجه شركات الطيران انهيارا كاملا مع توقف شبه كلي لحركتها وتوقعات بتراجع ايراداتها بـ 252 مليار دولار هذا العام حسب الاتحاد الدولي للنقل الجوي “إياتا”.
تقديرات “اياتا” الجديدة ترجح تراجع إيرادات قطاع النقل الجوي للركاب خلال العام الحالي بنسبة 40 بالمئة مقارنة بالعام الماضي كما ستحتاج شركات الطيران برأي الاتحاد إلى دعم نقدي يصل إلى 200 مليار دولار لتجاوز هذه الأزمة التي جعلتها تلغي معظم أو جميع رحلاتها وتسريح مئات الموظفين فيها بسبب تراجع الطلب والقيود المفروضة على حركة السفر والنقل في إطار محاولات احتواء فيروس كورونا.
التهديد الذي يحمله كورونا يواجه أكبر اقتصادات العالم وفي مقدمتها الاقتصاد الأمريكي الذي تدهور على نحو متسارع مع تشديد الإجراءات التي أعلنتها الولايات المتحدة في محاولة لاحتواء الفيروس ودفعت بملايين العمال الأمريكيين إلى حافة البطالة وسط استجابة بطيئة من الإدارة الأمريكية عززت اتهامات واسعة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتعمد إرجاء اتخاذ قرارات حاسمة لمواجهة الفيروس رغم إدراكه خطورة الأمر.
وفي ظل محاولات إدارة ترامب استدراك ردودها المتاخرة على تفشي كورونا بعد أن أصبحت الولايات المتحدة ثالث أكبر الدول المتضررة من الفيروس لجهة ارتفاع عدد الإصابات والوفيات وصل مجلس الشيوخ الأمريكي والبيت الأبيض أمس إلى اتفاق وصف بـ “التاريخي” حول خطة بقيمة تريليوني دولار لتحفيز الاقتصاد الأمريكي المتضرر بشدة من كورونا.
إجراءات إسعافية اتخذتها بعض الدول للحد من آثار الأزمة من بينها روسيا التي أعلنت مجموعة تدابير لدعم قطاع الأعمال ولاسيما الطيران والسياحة في الوقت الذي حذر فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن انتشار فيروس كورونا ينعكس سلباً على الاقتصادات الرائدة في العالم ويمس روسيا أيضا فاتورة انتشار كورونا تتفاقم عالميا بين عدد الإصابات الهائل والوفيات من جهة وما يتكبده الاقتصاد العالمي من جهة أخرى وفيما تتزايد خسائر قطاع الطيران ترتفع خسائر ايطاليا التي تعتبر من أكثر الدول تأثرا بالفيروس لتصل إلى ما يقدر بنحو مئة مليار يورو شهريا بينما يقف العالم برمته في حالة انتظار تملؤها التساؤلات ومشاعر القلق من التغييرات المقبلة التي سيفرضها انتشار كورونا على شعوب العالم دون تمييز.
سيريا ديلي نيوز
2020-03-28 18:29:21