مضى عام تقريباً على انتهاء حصار أحياء دير الزور، ودحر التنظيم الفاشي التكفيري داعش من بقية أحياء المدينة، وريفيها الشرقي والغربي جنوب نهر الفرات، بينما ما زال ريفها الشمالي، نصفه تحت هيمنة «قوات قسد» ونصفه الآخر تحت سيطرة داعش..
وعلى الرغم من ذلك ما أن ينتهي الأهالي من مصيبة، حتى تبرز لهم مصائب عدة، سببها التعليمات والفساد والنهب والتعفيش و..
مسلسل تحصيل الذمم
تم إلزام أهالي البيوت المدمرة، بتبرئة ذمتهم وتسديد قيمة فواتير الكهرباء والهاتف والماء، عن سنوات كانوا فيها مهجرين، ولم تكن فيها آنذاك لا كهرباء ولا ماء ولا هاتف، وذلك كي يتمكنوا من تقديم أوراقهم إلى لجنة الكشف عن الأضرار وتقدير قيمتها، في انتظار الحصول على هذه الأموال التي يمكن أن تطول ويموت أصحابها قبل الحصول عليها، علماً أن قيمتها محسومة بألا تزيد عن 30% من القيمة الفعلية، والتي لا تساوي شيئاً في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء وأجور المهنيين وغيرها من مستلزمات إعادة إعمار وتأهيل منازلهم، بل ربما لا تساوي حتى أجور رفع الأنقاض للمنازل المدمرة، أو التي أصبحت بعد التعفيش هيكلاً فقط، بل حتى الهيكل جري فكفكته وبيعه كحديد خردة أو بلوك أحياناً من قبل بقايا المعفشين.
أجور النقل!
ما تزال أجور النقل مرتفعة جداً، والسبب ليس جشع أصحاب شركات النقل، وأصحاب السيارات فقط، وإنما ما يدفعه السائقون من إتاوات لبعض الحواجز بين المدينة وريفها، أو بين المدينة والمحافظات الأخرى، والتي يجري تحميلها للركاب عبر إضافتها إلى سعر تذكرة الركوب، فالمعلم أو الموظف أو طالب الجامعة الذي يسكن في الريف ويعمل في المدينة، أو العكس، أو المواطن الذي عليه مراجعة إحدى دوائر الدولة كالنفوس، أو التجنيد وغيرها، عليه أن يدفع 2000 ليرة ذهاباً ومثلها إياباً لمسافةٍ تتراوح بين 20 و30 كم، وهذا يعني أن راتبه لا يكفيه أجور نقلٍ، فمن أين له أن يأكل ليعيش فقط.؟
ضرائب ورسوم إضافية
ضريبة أخرى تفرض على أهالي دير الزور، وحيواناتهم وممتلكاتهم، وعلى تحركاتهم وتنقلهم، وتجبى علناً وبموجب إيصالات لا تعرف أين تذهب هذه الأموال المجباة!
فسيارة الشحن يترواح «ترسيمها» بين 200 ألف و400 ألف ليرة حسب حجمها، وبالطبع هذا سينعكس على أسعار المواد التي تنقلها، فيرتفع سعرها ضعفين أو ثلاثة، وعلى سبيل المثال: يرتفع سعر بلوكة البناء من حوالي 150 ليرة إلى 500 ليرة، وكذلك على بقية المواد كالمواد الغذائية وغيرها..
وقد طالت ضريبة الترسيم المواطنين الذين يعبرون من الضفة الشمالية لنهر الفرات إلى الضفة الجنوبية، فعلى كل مواطن يعبر أن يدفع 5 آلاف ليرة، وإذا كان يحمل أداةً منزلية 5 آلاف أخرى.. وكذلك إذا أراد أن يبيع خروفاً في سوق الغنم ليشتري بثمنه بعض حاجاته عليه أن يدفع 5 آلاف ليرة، بموجب إيصال..
أنّى اتجه المواطن باتت الضرائب تلاحقه، فأية فاتورة تجد أن الضرائب أحياناً تتجاوز قيمتها، وبعضها بحجة المجهود الحربي وبعضها بحجة إعادة الإعمار و.. و..
ألا يكفي المواطن معاناته من الفقر والجوع والبطالة وفقدان الأمان، لتأتي الضرائب وتنتزع ما بقي في جيوبه المثقوبة، إذا بقي فيها شيء!
سيريا ديلي نيوز
2018-09-15 13:42:58