تقبع سورية منذ أكثر من 7 سنوات تحت وطأة حرب طاحنة، وبالتوازي استُبيحت أسواقها أمام غزو المواد المهربة، وكما دخلت الفياغرا تهريباً، وحجزت لنفسها مكاناً في السوق السورية، فهناك أيضاً الدواء والمواد الغذائية وكل أنواع المشروبات والألبسة والإسمنت والمخدرات والسلاح، هي تناقضات الحرب، واحتياجاتها بالوقت نفسه، كثرت حركة التهريب في ظل الفوضى العارمة التي تعيشها البلاد، وفلتان الحدود، واستمرار الاقتتال والأعمال العسكرية بين قوى متصارعة، فكانت عمليات التهريب على جانبي الحدود مع دول الجوار، فأصبحت مصدر رزق للكثيرين، وبتنا نتحدث عن اقتصاد أسود متكامل، يستحوذ باعترافات وزراء الحكومة على أكثر من ثلاثة أرباع موارد الخزينة العامّة، وعلى تقديرات حجمها يتجاوز 7 مليارات دولار سنوياً، مقارنة مع حجم تهريب تصل قيمته إلى نصف الموازنة العامّة للدولة قبيل 2011.
حقيقة البداية …
كانت سورية قبل العام 2011 مصدرا أساسياً لتهريب المنتجات إلى دول الجوار وخاصة لبنان والعراق، وكانت شبكات متخصصة تأخذ على عاتقها تهريب المحروقات بأنواعها، والسكر، والسجائر، والمواشي، وأحيانًا قطع تبديل السيارات، وكان المهربون يتقاضون مبالغ كبيرة لقاء تمرير هذه البضائع إلى الجانب المقابل من الحدود، فهذه المواد منخفضة الأسعار في سورية، ومرتفعة جدًا في الدول المجاورة، ويشكل الحصول عليها من سورية فائدة كبيرة لسكان دول الجوار وخاصة المناطق الحدودية.
بعد العام 2011، تغيّرت المعادلة، ويمكن القول إن “الآية انقلبت”، فالمنتجات السورية التي كانت تهرّب وبكثافة، أصبح السوريون في الداخل بأمسّ الحاجة لها، فقد أدت سنوات الحرب السبع إلى تراجع معدلات الإنتاج بحدود 75% وخاصة المواد المصنعة، وساهمت العقوبات على الحكومة السورية في تكبيل التجار والحكومة معاً، وهذا ساهم في تنشيط أعمال التهريب من وإلى سورية، وبصورة مختلفة عما كانت من قبل.
عمل منظم
التهريب وجه آخر للفساد المنظم الذي تقوده، شبكات التهريب العلني، وتحت ناظري الحكومة، إلا أن التغاضي الحكومي محسوب بدقة، وبحسب ما يقول مصدر مسؤول في الجمارك لـ «الأيام»، فإن تأمين السلع خلال فترة الحرب، يحتاج إلى ذكاء حكومي، فكان الطريق الأسلم لذلك هو إطلاق أيدي مجموعة من رجال الأعمال الجدد، الذين تم اختيارهم بدقة وعناية، بناء على اعتبارات محددة لخلق تشابكات مالية واقتصادية متينة، تسمح بمرور هذه السلع إلى جميع المناطق التي تقع تحت سيطرة الدولة أو خارجها.
كل الطرق تؤدي إلى التهريب
تغدو الجغرافيا الاقتصادية، هي الحامل الموضوعي لتدفق السلع والبضائع، فالحدود المترامية الأطراف، والطويلة والمتشاركة مع عدد من الدول، تفتح مجالاً رحباً للمهرّبين، وتعود على مسيّري وميّسري هذه العملية بالفوائد، لكن مع تقسيم البلاد إلى (كانتونات) صغيرة تحت إمرة أُمراء الحرب، يصبح التركيز على الطرق التي تسلكها هذه البضائع، من لحظة عبورها الحدود مع الدول الأخرى إلى الداخل السوري وبالعكس هي الطرق الأهم.
وبحسب المصدر المسؤول في الجمارك، فإن معظم المعابر التي تقع تحت سيطرة الفصائل المسلحة هي الباب الأساسي لتهريب السلاح والمخدرات، وأعضاء البشر مبيناً أن لسورية معابر حدودية شرعية وهي معبر نصيب والذي يقع حالياً تحت سيطرة الدولة، والذي كان التهريب عبره خلال الفترة الماضية كثيراً وخاصة المخدرات، ويوجد معبر درعا القديم وهذا المعبر لا يستخدم إلا في حالات نادرة، وقد كانت تتم عمليات تهريب السلاح عبره قبل عام 2011 وبكميات كبيرة، وهو المعبر الرئيسي لتهريب السلاح من الأردن إلى دمشق وريفها.
ويضيف المصدر، أنه في المنطقة الجنوبية، كانت السلع حتى وقت قريب تدخل برّاً من الأردن، وتدخل إلى درعا وتُدفع الإتاوات لقادة الفصائل المسيطرة على المعابر، ليسمح بدخولها إلى دمشق. وحاول المهرّبون تغيير البوصلة بتوجّه حافلات التهريب من الحدود الأردنية إلى محافظة السويداء، إلا أن طول الطريق البري، لم ينفع في تحقيق هذا الحلم، وتوفير المزيد من المال الذي يذهب لقادة فصائل درعا المسلّحة.
ويوضح المصدر، أنه جرت محاولات جادة من قبيل سيطرة تنظيم «داعش» على الجزء الأكبر من البادية السورية، ليكون العراق هو المعبر الذي يتنفس منه المهربون، لكن الإنزياحات العسكرية المفاجئة، ولعبة الكر والفر القائمة منذ عامين، أغلقت هذا الباب.
ويتابع المصدر بالقول «المعابر الشرعية مع لبنان هي خمسة معابر منها معبر جديدة يابوس، ومن المتعارف عليه تهريب الدخان والمواد الغذائية والملابس عبر هذا المعبر من خلال سائقي سيارات الأجرة العاملة على الخط، ويوجد أربعة معابر تابعة لمحافظة حمص وهي جسر قمار – الدبوسية – العريضة – جوسيه، ويعدّ معبر العريضة أكثر المعابر التي يتم التهريب عبرها من سورية إلى لبنان وبالعكس، وخاصة الذهب والعملات والمازوت والمواد الزراعية بالتعاون مع قوى مماثلة في لبنان، تجري عمليّات إدخال الجزء الأكبر من البضائع عبر الشريط الحدودي المشترك مع لبنان، لاسيما في المنطقة الواقعة غرب حمص، وتتميّز هذه المنطقة بأنها معابر مخصّصة أساساً للتهريب منذ زمن طويل، ومن خلالها يتمّ تأمين الكثير من المواد والسلع، التي تُوزّع حسب الحاجة إلى كل أنحاء البلاد كون حمص تتوسّط سورية.
على عينك يا تاجر …
قبل الأزمة في سورية، كان التهريب يجري على «البغال» وغيره من الوسائل التي تستطيع عبور الطرقات الوعرة، في المنطقة من وديان وتلال، وكانت تجارة المازوت وبعض المواد الغذائية منتشرة قبل أن تتطور «ذهنية» التجّار في المنطقة، فكبرت اللعبة وباتت المخدرات وحبوب الكبتاغون من البضائع المهمة في التهريب، إضافة إلى الأسلحة التي كانت تدخل إلى سورية من لبنان عبر معابر يشرف عليها بعض التجار.
تنشط تلك المعابر ولا تستطيع أجهزة الدولة مجتمعة لجم هذه الظاهرة، ويشكو أهالي بعلبك من ذلك، إذ إن السرقات زادت في المرحلة الأخيرة، نظرا لسهولة إيصال القطع المسروقة إلى الداخل السوري وتصريفها هناك عبر المعابر غير الشرعية في الهرمل والقرى الأخرى، ومن هنا تزداد النقمة على الأجهزة الأمنية والمطالبات الدائمة لوضع خطط لمنع تلك الحوادث، لكن من الأمور التي تدرس جديّا هذه الأيام إنشاء غرفة عمليات مشتركة لإغلاق المعابر غير الشرعية في البقاع اللبناني، والسعي مع القوى الحزبية في تلك المناطق إلى الالتفاف حول الجيش ومنع التهريب الذي وصل في بعض المراحل الى إدخال الانتحاريين وبأسعار مرتفعة من قبل بعض التجار.
في البعيد عن عين الحكومة…
تفتح التضاريس الجغرافية وتداخل المناطق الحدودية بين لبنان وسورية، الباب أمام المواطنين في البلدين لإقامة علاقة تبادل تجارية، تكون بعيدة عن أعين السلطة السياسية في البلاد ولا تخضع لرقابتها، وقد عرف لبنان على مر التاريخ خطوطا كثيرة غير شرعية مثل القلمون – النبك – القصير – وادي خالد – تلكلخ .استطاع البعض الاستفادة منها لتكوين ثروته الخاصة من خلال التجارة «الحرة»، التي لا تخضع لمعايير أو مراقبة من قبل الأجهزة الأمنية، ما يسمح للتجار بإمداد طرفي الحدود بأنواع تجارية محرمة «كالسلاح والمخدرات والأدوية، وغيرها من السلع كالدخان والمازوت والأدوات الكهربائية»، لتتطور إلى «السيارات» التي ازدادت عمليات تهريبها مؤخرا بشكل ملحوظ وبسعر يتراوح بين 1500 و2000 دولار.
الشاب حسين وهو أحد الأشخاص القائمين على عملية التهريب من لبنان قال لـ «الأيام»: إن أحد الأشخاص من بلدة زيتا، كان يتولى تسهيل مرور السيارات عبر الحواجز. ولفت إلى أنه كان يسهل مرورها من حواجز في أطراف القصير، ويرافقها لحين وصولها إلى جسر بلدة شنشار على أوتوستراد دمشق- حمص الدولي، ويضمن عدم التعرض لها لقاء مبالغ مالية متفق عليها، تصل إلى 2400 دولار عن كل سيارة وبعد الوصول إلى الجسر تبدل لوحة السيارة اللبنانية، بلوحة سورية لتتابع طريقها داخل الأراضي السورية.
الآثار لم ترحم أيضاً…
انتشرت أعمال التنقيب والبحث عن الآثار بطرق غير شرعية في مناطق القلمون المحاذية للبنان، فوفرت عمليات التهريب مصدر رزق بالنسبة للكثير من الشبان، فيما بدت فرصة للاغتناء وتكوين الثروات لآخرين أيضاً. ويستخدم المنقّبون أجهزة تنقيب حديثة، يشترونها من أوروبا أو تركيا، وينقلونها عبر الجبال إلى قرى القلمون، ويستعينون بخبراء محليين للبحث عن الآثار، فيما يحاولون العمل في نفس أماكن ورشات التنقيب الحكومية التي كانت تنشط في المنطقة قبل الحرب، علّهم يضفون على تنقيبهم العشوائي، تنظيماً أكبر.
تنتشر على جنبات وبين ثنايا جبال القلمون في سورية، الكثير من الآثار والمغاور والمباني المحفورة في الصخر، والكهوف والمعابد والأديرة والكنائس، والمقدسات المسيحية التاريخية المهمة، تباع الآثار المهربة في مدينة عرسال اللبنانية، ويختلف سعر القطعة بحسب عمرها وشكلها، ومدى تضررها، أو حتى حجمها، ويعد متوسط سعر القطعة الأثرية الواحدة 200دولار أمريكي.
ويقول حسين إن الطريق التي يسلكونها موجودة منذ زمن طويل، ويتم من خلالها نقل الآثار والدخان والكثير من المواد الأخرى «فالأمر ليس جديداً»، ويسيطر على الطريق تاريخياً أصحاب السطوة والنفوذ السياسي والعسكري. ويكمل حسين: كان «خط البقيعة» أشهر خطوط التهريب أيام التسعينات، وكان معبرا غير شرعي بين لبنان وسورية في منطقة وادي خالد في عكار، حيث كان لغياب الدولة في ثمانينات القرن الماضي أثرا كبيرا على حياة المواطنين القاطنين في قرى وادي خالد، إذ إن غالبيتهم كانوا مكتومي القيد من «العرب الرحل» إلى أن أعطتهم الدولة عام 1994 الجنسية اللبنانية.
وقبل هذا التاريخ كان التهريب تجارتهم بين لبنان وسورية وللمفارقة استطاع هؤلاء أن يحولوا «خط البقيعة» إلى خط استيراد وتصدير بين لبنان وسورية من «الموز» إلى «السلاح»، والكثير من البضائع التي ربما لا تخطر على بال أي تاجر، ووصل عدد المحال التجارية أوائل الحرب إلى حوالي ألف محل تجاري على امتداد الطريق في البقيعة.
وادي خالد ينشط من جديد
ومع «شرعنة» الحدود في منطقة الوادي تم إنشاء «معبر جسر قمار» الحدودي بين البلدين، فتقلصت أعمال التهريب حيث تم ضبط الحدود إلى حد كبير، بعد الأحداث السورية وتحديدا في المرحلة الأولى من الحرب، عاد خط وادي خالد باتجاه الحدود السورية ليكون عنصرا مؤثرا في الحرب السورية، وكانت البضائع المهربة في معظمها طبية وأسلحة والسيارات المفخخة والمجندين من اللبنانيين الذين انضموا إلى صفوف الفصائل المسلحة. وفي هذه الفترة تمكّن عدد لا يستهان به في المنطقة من تكوين ثروة مالية لا بأس بها، من خلال التجارة التي نشطت وتحديدا في منطقة حمص الأقرب إلى منطقة الوادي.
تلكلخ مدينة في ريف حمص الغربي، وهي منطقة حدودية مع شمال لبنان، يفصلهما النهر الكبير الجنوبي، كان الدخل الرئيسي لمدينة تلكلخ هو التهريب، وأهم البضائع المهربة، المازوت، بشكل أساسي إلى لبنان، إلى جانب الدخان ومواد غذائية متنوعة، وقد لعبت هذه المنطقة دوراً كبيراً وفعالاً في فترة الحصار على سورية في ثمانينات القرن الماضي، بتوفير الكثير من السلع التي فُقدت من الأسواق السورية، كالسمنة والزيوت والسكر، وما كان يحلم به المواطن السوري في حينها. التهريب حالياً أصبح مستحيلاً واقتصرت مزاولته على مجموعات محددة في المناطق المجاورة لمدينة تلكلخ.
فبعد أن كان أبناء هذه القرى يعملون أُجراء أو سائقين لدى مهربي تلكلخ، أو عمالاً لديهم، وكنتيجة لهروب أغلب مهربي تلكلخ ونزوح أغلب أهلها خلال السنتين الأخيرتين، صعدت طبقة جديدة من المهربين، أو ممن عمل مهرباً سابقاً برفقة أبناء تلكلخ، ولكن هذه المرة، تحت رعاية وتغطية من جهات متنفذة، محسوبة على اللجان الشعبية.
تركيا بوابة التهريب الشمالية
وفي منطقة الساحل السوري مازالت عمليات التهريب محتكرة على أشخاص معينين، ولم تستطع الحرب تغيير قواعد هذه اللعبة، فيما باتت الحدود الشمالية المفتوحة مع العراق وتركيا بوابة تدخل منها البضائع، إلى حلب وإدلب، والرقة ودير الزور وخاصة محافظة الحسكة، والتي تمتد على مساحة 23 ألف كيلومتر مربع، وبسبب ظروف الحرب انتشر التهريب من العراق بكثرة، فالحرب ساهمت بخلق فرص عمل للمهربين وخاصة في الفترة التي انقطعت بها الطرقات بين الجزيرة السورية والعاصمة دمشق، حيث يتقاضى هؤلاء مبالغ كبيرة لقاء تهريبهم المواد الغذائية والأدوية، وتشير معلومات الجمارك إلى أنه كان هناك شحنات كبيرة تدخل الحدود لتلاقي من ينتظرها في الطرف السوري، وتشحن هذه المواد إلى الداخل السوري، بما فيها الأدوية العراقية التي انتشرت بشكل كبير في الحسكة والمواد الغذائية، كما تدخل المنطقة سيارات الدفع الرباعي، والشحن الصغيرة، ومختلف أنواع قطع الغيار ومستلزمات المركبات، وذلك لتغطية النقص الحاصل في المنطقة، كما انتشرت ظاهرة تهريب البشر، والأعضاء البشرية عبر هذه الحدود، وقد وصلت المبالغ إلى 1700 دولار عن الشخص الواحد .
وتتحكم شبكة محكمة بالمناطق الواقعة تحت سيطرة ما يسمى «الإدارة الذاتية الكردية»، تتحكم بتدفق السلع القادمة إليها، عبر القوى الحزبية والعسكرية الكرديّة، التي تسيطر على كل منطقة، فيما كان تنظيم «داعش» يسيطرعلى الحركة التجارية عبر الحدود المشتركة مع العراق إلى وقت قريب، لكن سيطرته تراجعت إلى أقصى الحدود اليوم.
بالمقابل تمارس تركيا الدور ذاته في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المسلّحة في شمال سورية وشمالها الشرقي، حيث وصلت الزيوت التركية المهربة والفروج المجمد التركي والبيض والألبسة إلى وسط دمشق، وبالمقابل فإن الأسواق التركية تعج بغنم العواس والقمح السوري والبطاطا والبندورة والنفط السوري.
الأرقام تتكلم …
بلغة الأرقام، زادت عمليات التهريب بمختلف أنواعها خلال الفترة الأخيرة زيادة كبيرة، فقد لوحظ أنها زادت بنسبة 400%، ومحاولات التسلل زادت بنسبة 350% خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وتحتل المنطقة الشمالية المركز الأول بتهريب البضائع بنسبة 100% لتركيا والعراق وتليها القلمون والنبك بنسبة 70% بالتهريب إلى لبنان، لتكون المناطق الجنوبية بالمرتبة الثالثة حيث اشتهرت بتهريب المخدرات والسلاح بنسبة 60%.
التهريب بيد رجال الأعمال!
يقول المحلل الاقتصادي علي الأحمد إن التهريب ليس مستجداً على الاقتصاد السوري، وهو استمرار لحالة الفوضى الاقتصادية التي كانت سائدة، وصورة مصغرة للاحتكار، ومدى تركز الاقتصاد بيد قلة قليلة من رجال الأعمال، لافتاً إلى أن حجم اقتصاد التهريب، لا يقل عن ستة مليارات دولار سنوياً والفائدة الكبرى منها بالنسبة للمهربين فقط، هو الإعفاء من الضرائب والرسوم، ما يعني زيادة أرباحهم الحقيقية.
ويضيف الأحمد: تحاول الحكومة من خلال تصريحاتها الأخيرة محاربة التهريب، وقام وزير المالية بتقديم مقترحات، لكن الواضح في كل ما يقال هنا، عن ضرورة مشاركة الشعب بجهود مكافحة التهريب، وهو الخطاب المتناقض دائما وأبداً، فالوزراء الذين تحدثوا عن معرفتهم وبالاسم لكبار المهربين، والشبكات التي يديرونها، غير قادرين على الاقتراب منها، فيرمون الكرة بملعب الناس البسطاء الذين في أفواههم الماء، وقد أعيتهم الحرب، وبالمقابل تحاول «الجمارك» أن تشير لجهودها في مكافحة التهريب، لكنها لا تصطاد كبار المهرّبين، بل تبحث عن الفتات، وعن الذين لا يشكلون سوى الحلقة النهائية في عمليّات البيع والشراء، أي تجار المفرّق.
وبناءً على كل ما سبق، ما زالت عمليات التهريب مستمرة حتى هذه اللحظة، وما زالت المعابر الحدودية غير الشرعية تفعل فعلها وتتوج أثرياء جدد في كل يوم، وما زالت تلك المعابر تضخ المخدرات والسلع المشبوهة إلى الاقتصاد السوري، وتسحب منه ما يحتاجه فعلياً، وما زالت شبكات خفيّة تدير هذه الظاهرة القذرة وتستفيد منها وتخلق من خلالها إمبراطوريات ظل، وإمبراطوريات للفساد والسلطة المنفلتة والنهب المنظّم.
سيريا ديلي نيوز- نور ملحم
2018-08-26 20:27:34