منهم من له أربعة أعوام ومنهم من له أِشهراً وأسابيع المدة الزمنية للنازحين السوريين من مناطق الفوطة الشرقية والمتواجدين في مراكز الإيواء لا تحسب فأوضاعهم الاقتصادية توقفت وعادت إلى نقطة البداية منذ بداية الحرب إن استهداف البنية التحتية الاقتصادية الرئيسية بشكل أو بآخر مثل المشافي والطرقات العامة والمصانع والأسواق عن طريق العصابات الإرهابية المسلحة ، وفرض قيود مشددة على الوصول، والقيود المفروضة على الواردات والتحركات والمعاملات المالية أدت إلى تعطيل تدفق البضائع الضرورية لبقاء المدنيين على قيد الحياة، بما في ذلك المواد الأولية ومواد البناء والمستلزمات التي تلامس الحاجات الضرورية، والنتيجة النهائية هي بيئة اقتصادية هشة أصبحت السلع الأساسية فيها نادرة للغاية ومرتفعة التكلفة علاوة على وجودها بعيداً عن متناول الناس.
الحكومة السورية لا تعطي تصريحات
تواجه المنظمات العاملة في المجال الإنساني ضغوطًا متزايدة للتعويض عن القطاع التجاري بأكمله الأمر الذي يفوق قدراتها والدور المناسب للعمل الإنساني، كما تفرض الحكومة السورية بشكل روتيني قيوداً صارمة على تحركات الأشخاص والبضائع.
من جهة أخرى فإن السلطات الحكومية في دمشق تتأخر أو أنها لا ترغب في إعطاء التصاريح للممارسة العمل بما في ذلك تأشيرات دخول العاملين ، وإن كان يمكن حل هذه القيود في بعض الأحيان من خلال الحوار، إلا أنَّ الوقت المهدور يمثل عبئاً غير مقبول بالنسبة للفئات الأكثر ضعفا في المجتمع الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدات.
اعمل وادرس
الطفل حاتم لم يتجاوز الثالث عشر من العمر يعمل ببيع البسكويت والبطاطا للأطفال في مركز الإيواء والتي يقوم بتأمينها من ندوة المركز التابعة للمؤسسة العامة للتجارة السورية لمساعدة عائلته المكونة من خمسة أشخاص
يقول حاتمأدرس في الصباح وأعمل بعد الظهر للمساء أربح بكل قطعة عشرة ليرات سورية أقوم بتجميعها حالياً لشراء مروحة لعائلتي أبي لا يستطيع العمل لأنه عاجز نتيجة أصابته بقذيفة بمنطقة سقبا بالغوطة الشرقية ولا يوجد لديه راتب من الدولة كان عمله في تصليح السيارات لذلك أعمل لتامين المال لعائلتي .
200 حلاقة الرأس ... 150 حلاقة الذقن
اما عبد الرحمن حميد بعدما دمرت محلاته التجارية في دوما أضطر أن يفتتح مصلحة خاصة به وهي حلاقة رجالية حيث قام بتأمين العديد من المعدات البسيطة للعمل وضمن الخيمة التي كتب على بابها حلاق للرجال فقط يقول لجريدة الأيام : أستطيع تأمين مردود مالي بسيط من خلال هذه المهنة فكل زبون له سعر فحلاقة الرأس 200 ليرة سورية وحلاقة الذقن 150 ليرة سورية ، مستحقاتي اليومية حوالي 1000 ليرة سورية وذلك بحسب عدد الزبائن .
يكمل حميد ، أزمة السيولة ونقص السلع وارتفاع الأسعار أدى إلى التدهور الاقتصادي الشديد والقيود المفروضة على الواردات من أهم العوامل التي أدت إلى نقص السلع الأساسية وارتفاع الأسعار، مما جعل من الصعب لآلاف النازحين توفير حاجاتهم الخاصة والتي تعد من الضروريات .
مساعدات غذائية تباع للخارج
أما العم أبو العبد الله والذي يبع ما يقدم له من مساعدات وسلال غذائية من خلال أشخاص يقومون بشرائها للمتاجرة بها خارج مركز الإيواء .
يضيف أبو العبد أن هؤلاء الأشخاص يدخلون إلى مركز الإيواء ويقومون بشراء المساعدات أو الطرود المقدمة مباشرة للاجئين بأسعار مخفضة، على أن يتم بيعها في الأسواق، مشيرا إلى أن هذه المتاجرة أقرب ما تكون إلى سوق سوداء تنشط في جميع المناطق السورية، مؤكداً اضطرارهم إلى بيع بعض السلع لتوفير أموال لاحتياجات ضرورية أخرى تتعلق بالصحة والتعليم والمعيشة ورأى أنه من الصعب ضبط هذه الممارسات من قبل أي جهة.
الخبز المجفف مصدر رزق
أما محمد الاغواني من بيت سوا فيقول بعد أسبوع من خروجي من الغوطة طلبت العمل لتأمين مردود مالي لأطفالي وأعمل حالياً من الساعة 7 إلى 4 ظهرا في مركز الإيواء كعامل نظافة مقابل مبلغ 1500 ليرة يومياً ويتم محاسبتي كل يوم خميس لافتاً إلى أنها لاتغطي نفقات عائلته ولكن أفضل من الجلوس .
تجمع أم فؤاد الخبز المرمي على أطراف الخيام في مركز الإيواء لتقوم بتجفيفه ومن ثم بيعه، تبين السيدة التي تعتبر الخبز اليابس مصدر لرزقها ثمن كيس وزنه حوالي عشرين كغ يتراوح بين 1500 و 2000 ليرة سورية في الحقيقة، نتمكن من جمع عشر أكياس يوميا بفضل تبذير النازحين السوريين فالخبز أكثر الأشياء التي يتم توزيعها في المركز... هذا لا يمكننا من أن نصبح أغنياء، لكنه يوفر لنا دخلا محترما في انتظار الأفضل".
مشروع للتشغيل ... والمكان غير متاح
وحول موضوع القدرة على تشغيل الشباب الراغبين بالعمل والعودة للحياة الطبيعية دون العيش على المساعدات الإنسانية التي تقدم من قبل المنظمات الدولية يكشف مدير مركز الإيواء إبراهيم حسون أن بطرياك الفرام السريانية قدمت مشروع لتشغيل الشباب في مراكز الإيواء سواء نساء أو رجال مقابل أجور شهرية أو أسبوعية بحسب عمل كل شخص ولكن صعب حاليا تنفيذ المشروع لعدم توافر المكان، مبيناً أن فكرة المشروع التشغيل بالصناعة والحرف اليدوية والزراعة .
وأضاف الحسون، تم تشغيل العديد من النساء في المطبخ الموجود في المركز مقابل مبلغ بسيط وهو 1000 ليرة سورية يومياً كما تم تشغيل حوالي 150 شاب في عمليات التنظيف بالمركز بمبلغ 1500 ليرة سورية يومياً وتم تشغيل 15 شاب في الزراعة بالحدائق مقابل مبالغ رمزية جداً لعدم توافر المردود المالي لدينا .
وأشار الحسون إلى قيام المركز برفع أسماء الأشخاص الذين كانوا موظفين بالدولة وتم فصلهم بحسب قانون العمل السوري نتيجة انقطاعهم عن العمل لأكثر من 15 يوم بدون تبرير لدراسة وضعهم وتسوية أوضاعهم وعودتهم للعمل كما يوجد حوالي 20 شخص يتقاضى رواتب من الدولة لأنهم موظفين متقاعدين
200 مليون الدولة السورية تصرف يومياً
في الوقت الذي يتحايل النازحين من الغوطة الشرقية على القدر لتأمين القليل من المال لسد رمق حاجاتهم الخاصة يكشف وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبد الغربي أن الحكومة تقوم كل يوم بصرف 200 مليون ليرة سورية لمتابعة احتياجات المحررين من الغوطة الشرقية، مؤكداً تأمين كل احتياجات المواطنين.
منوهاً بأنه يتم تأمين جميع المواد الغذائية والخدمات صحية لسكان، لافتاً إلى الخطة موضوعة من الحكومة بدعم كبير لتقديم كل الخدمات اللازمة
ولفت الغربي إلى وجود 11 مركز إيواء حالياً، مشيراً إلى توافد أعداد من المواطنين من دوما يتم استقبالهم في مركز جديد في عدرا، مؤكداً كفاية مراكز الإيواء لأنه تم الطلب إلى الأهالي البقاء في منازلهم، مضيفاً بأنه يتم العمل لعودة الأهالي إلى مناطقهم التي تهجروا منها في اقرب وقت.
آلام كثيرة في قلب كل مهجر ترك بيته وعمله هرب من الإرهاب والحصار ليجد السكن المشترك حلاً مؤقتاً بينما تنتهي الحرب ويعود إلى منزله فزاد ألمه ألماً، وزاد قهره قهراً.
سيريا ديلي نيوز- نور ملحم
2018-05-10 20:03:35