المعالجة الطبية السنية  تحولت بسبب الازمة إلى مهنة من فئة السبع نجوم ضمن تراجع عدد الأطباء والخدمات, ومن جهة أخرى ارتفعت تكاليف المعالجة الطبية عدة مرات ووصلت إلى أرقام خيالية أمام دخل المواطنين المتواضع وبات المواطن محدود الدخل أمام خيارين أحلاها مر.. إما أن يبتلع وجعه وهذا محال, وإما أن يقتلع ضرسه ويؤخر تكاليف المعالجة لحاجات أكبر وأهم في أسرته استعداداً لتركيب فك كامل مع انتهاء قلع كل أضراسه.
وبمحاولة  الوقوف على مشهد معالجة الأسنان بكل تفاصيله ولاسيما أن جزءاً من المشهد مفتعل فليس كل المواد المستخدمة مستوردة إنما بعضها يصنّع محلياً, ولا يمكن أن تكون تكلفة المادة الأولية هي الأساس في تقديم الخدمة الطبية, فالعمل الطبي هو جزء أساسي من العملية ولا يمكن حساب تكلفته وفق أسس المواد المستخدمة في المعالجة, ففي كل الدول تحسب أجور هذه الخدمات وفق القدرة الشرائية والمعيشية للمواطن وليس وفق مثيلتها في دول أخرى.
و بمتابعة  هذا الموضوع عند المواطنين كما لدى الجهات المعنية. البداية كانت من نقابة أطباء الأسنان في سورية وبإجراء العديد من الاتصالات مع النقابة وفي النهاية كلفت رئاسة النقابة أحد أعضائها لتزويدنا بالمعلومات والإجراءات والخدمات التي تقدمها النقابة، لكن بعد المراجعة مراراً لم يحالفنا الحظ باللقاء مع النقابي المكلف بالحديث إلينا وفي كل مرة وعلى مدة أكثر من شهر ونصف الشهر كنا نسأل عن رئيس النقابة أو أي عضو موجود فيها كان الجواب من إحدى العاملات في النقابة بأن أعضاء النقابة لديهم مسؤوليات وكأن النقابة غير معنية بشيء يخص قطاعها نظراً لغياب أعضائها المتواصل عن الدوام فيها وخارجها، إلى أن التقينا مصادفة الدكتور محمد عربي كاتبي عضو النقابة وقال: ارتفاع الأسعار الجنوني للمواد والتجهيزات الطبية، وأجور أطباء الأسنان مقابل تسعيرة وزارة الصحة التي لا تتناسب مع تكاليف تقديم الخدمات الطبية والمواد المستهلكة لمعالجات المرضى تدفع أطباء الأسنان للمطالبة بضرورة تعديل أجور المعاينات وعلاج الأسنان لكونهم لا يلتزمون بالتسعيرة ويتقاضون أجورهم من المرضى حسب مزاجهم، وتالياً فإن المريض هو من يدفع الثمن في ظل عدم ضبط فلتان أسعار كل ما يرتبط بقطاع الأسنان, بدءاً من التجهيزات والمواد الطبية إلى أجور الأطباء بما ينعكس على جودة الخدمة الطبية لمريض الأسنان وإعطاء الطبيب أجرة علاجه المناسب، إذ من غير المعقول أن يقبل المريض أو الطبيب أن تكون أجرة قلع السن 200 ليرة لاتتجاوز قيمتها ثمن الكفوف والكهرباء المستهلكة. ونوه  الدكتور كاتبي إلى أن عدد أطباء الأسنان المسجلين لدى النقابة انخفض منذ بداية الأزمة إلى الآن من 18 ألف طبيب إلى 11 ألف طبيب يزاولون عملهم وتكاد تكون صناعة التجهيزات الطبية قد اندثرت لدينا وأصبحنا نستورد كل التجهيزات مثل الكراسي التي يتراوح سعرها اليوم بين 5 آلاف دولار إلى 15 ألف دولار حسب الوضع الاقتصادي لطبيب الأسنان، كما يتم استيراد بعض الأدوات والمواد المستخدمة في طب الأسنان بمستويات متدنية ومواصفات رديئة ولا يخلو السوق من هذه المواد المهربة التي تدخل إلى بلدنا بطريقة مهربة وغير مسيطر عليها إلى جانب انتشار المستلزمات المزورة بشكل متقن فلا يستطيع الطبيب اكتشاف المزور منها وهناك مشكلات ناتجة عن هذه المواد المهربة يعانيها الأطباء تنعكس آثارها على المريض قبل الطبيب ولا تجد من يسيطر عليها، كما أكد كاتبي ضرورة تعديل الأسعار التي لم يطرأ عليها أي تعديل منذ عام 2011 رغم ارتفاع أسعار المواد والتجهيزات الطبية بشكل جنوني وأصبحت خدمة طبيب الأسنان تختلف من مريض لآخر من حيث أجرة المعالجة كما تختلف نوعية التجهيزات والمواد الطبية المستخدمة في عيادات طب الأسنان حسب إمكانية الطبيب أيضاً، وعلى سبيل المثال بعض الأطباء يستخدمون أجهزة تعقيم بالحرارة الجافة تتراوح أسعارها بين15- 100 ألف ليرة والبعض الآخر يستخدمون أجهزة التعقيم الرطبة «أوتوغلاف» التي يتراوح سعرها بين مليون إلى ثلاثة ملايين ليرة، لهذا فإنه من الضروري تسهيل إجراءات منح القروض للأطباء من المصارف ليتمكن الأطباء من شراء الأجهزة الحديثة لمواكبة التطور والتركيز على رعاية الصحة الفموية وطرق الوقاية من أمراض الأسنان واللثة التي تعود لأسباب علمية تتعلق بسوء العناية بالصحة الفموية وطبيعة الغذاء ولاسيما عند الأطفال.
 من جهته الدكتور خلف العثمان اختصاصي في طب الأسنان قال حسب تشرين : تحتاج المعالجة السنية اللبية للأسنان إلى مبارد وموسعات ويبلغ سعر علبة المبارد التي تحتوي على ستة رؤوس 2000 ليرة تستخدم لست مرات وسعر علبة حشوات الأقنية 1100 ليرة وهي تكفي لعدة أسنان.. وتتراوح أسعار سنابل الحفر بين 200 ليرة إلى 800 حسب مصدرها وتستخدم لعدة مرات على أن يتم استخدام السنبلة لأكثر من مريض بعد التعقيم، كما يحتاج الطبيب إلى مواد معقمة جافة على شكل أقراص كوسائل تعقيم حيث تكفي عبوة السائل لمدة أسبوع على الأغلب ويصل سعر علبة المخدر التي تحتوي على 50 أمبولة إلى 6 آلاف ليرة ويحتاج السن الواحد من أمبولة إلى أمبولتين وسعر علبة رؤوس إبر التخدير التي تحتوي على مئة رأس 3 آلاف ليرة ويحتاج كل سن إلى رأس إبرة كما يحتاج تركيب الجسر إلى مواد طابعة وسيليكون قاسٍ وطري على مجموعة بسعر 13 ألف ليرة تكفي بين 100 إلى 150 مريضاً لأخذ قياس السن، وتصل أجور مخبر الأسنان الخزفية إلى 2500 ليرة و3500 ليرة لكل سن والأسنان التجميلية من 10 آلاف ليرة إلى 12 ألف ليرة لكل سن وتصل أجرة الأجهزة المتحركة المخبرية إلى 12 ألف ليرة للبدلة الواحدة إضافة إلى مواد طابعة وشمع وتسخين بقيمة 1500 ليرة ومواد تنظيف للعيادة ومعقمات سطوح للأجهزة الطبية 1500 ليرة للعبوة الواحدة، وأونصة الأملغام مع الزئبق يصل سعرها إلى أكثر من عشرين ألف ليرة وهي تكفي 50 مريضاً على الأقل وبمعدل سن واحد لكل مريض، وتختلف الحشوات التجميلية مثل ميم ثلاثة وهي غالية الثمن إذ يتجاوز العقد الذي يزن 4 غرامات 14 ألف ليرة ويكفي لـ 20 سناً، وهناك نوعيات أقل جودة من الحشوات التجميلية متوافرة في السوق المحلية، كما تتطلب هذه الحشوات مادة لاصقة ومادة مخرشة بقيمة 5 آلاف ليرة للمجموعة المذكورة وتتم صناعة الأسنان في مخابر مختصة وهي تتطلب تحضيرات وأجهزة خاصة بالإمكان توافرها عند الطبيب لكنها تحتاج إلى وقت وتتراوح أجرة صناعة السن الواحد بين 2500 ليرة إلى 3000 ليرة.
ونوه  عثمان إلى أن معظم عيادات طب الأسنان تستعين بمراكز الأشعة وتبلغ أجرة بانوراما الأشعة للسن نحو 2000 ليرة وأجرة التصوير الخاص للتقويم 2000 ليرة لكل صورة شعاعية، ومهنة طب الأسنان في بلدنا بشكل عام بوضع ممتاز ويتم تقديم الخدمات الطبية بأسعار تعد رمزية بالنسبة للدول الأخرى، كما تحتاج زراعة الأسنان إلى تكلفة كبيرة حسب نوع الزرعة ومصدرها ويتراوح سعر الزرعة الواحدة بين 200 إلى 250 ألف ليرة حيث يحتاج الفك السفلي إلى 6 زرعات والعلوي إلى 4 زرعات ويضاف إلى سعر الزرعة ثمن تركيب الأسنان وأجرة الطبيب، وتعد الأسنان الخزفية والزيروكوت من أفضل أنواع الأسنان وهي متوافرة في الأسواق بنوعيات جيدة ويكلف تركيب السن المقلوع بين سنين ثابتين من دون معالجة لبية للأسنان الجانبية 25 ألف ليرة وسطياً وذلك حسب مزاج الطبيب وموقع عيادته، وفي حال تم تركيب سن زيروكوت بين سنين ثابتين يكلف 100 ألف ليرة إضافة إلى مبلغ 5000 ليرة أجور تركيب السن باستخدام المواد اللاصقة والطابعة والتحضير واستهلاك الأجهزة من دون أي أرباح للطبيب وناشد الدكتور عثمان كل مراجعي عيادات أطباء الأسنان بالتعاون مع الأطباء ومصارحتهم في حال كانت لديهم أمراض وبائية مثل التهاب الكبد والإيدز وغيرها ليتمكن الطبيب من استخدام أدوات خاصة للمريض المصاب تلافياً للعدوى على أن يتم إتلاف هذه الأدوات بعد العلاج.
 من جهته مدير الصحة الفموية في وزارة الصحة الدكتور عبدالله العكل قال  : فيما يتعلق بأجور المعالجات السنية المقررة من وزارة الصحة فهي أجور قديمة وحتى اليوم لم يتم تعديلها بما يتناسب مع ارتفاع أسعار المواد والتجهيزات الطبية المستهلكة من قبل أطباء الأسنان، مع العلم  بأن المواد والتجهيزات الطبية لمعالجة الأسنان كلها مستوردة من قبل التجار وتتفاوت أسعارها بحسب سعر الصرف وحسب مزاجية الطبيب، وتقوم المديرية المركزية للتجهيزات الطبية في وزارة الصحة بمنح الموافقات للتجار باستيراد جميع المواد والتجهيزات الطبية، وكان لدائرة الصحة الفموية دور فعال بإعطاء الرأي الفني والطبي لاستيراد هذه المواد حيث يتم السماح للتجار بالاستيراد وفق هذا الرأي وفي حال تم استيراد منتج جديد تتم مراسلة الدائرة من قبل المديرية المركزية المذكورة حول الموافقة والقبول باستيراد المنتج الجديد. وبيّن الدكتور عكل أن وزارة الصحة تقدم خدماتها العلاجية للأسنان حالياً من خلال 1070 مركزاً في المحافظات من أصل 1706 مراكز علماً أن المراكز المتبقية خرجت من الخدمة بعد تعرضها للسرقة والتخريب بفعل الإرهاب، وفي عام 2010 تم تجهيز كل المراكز بالتجهيزات والمواد اللازمة للحشوات وسحب عصب السن ومعالجات لب السن واستمر تحسين وضع المعالجات بافتتاح مراكز تخصصية لتقويم الأسنان واللثة والتداوي في معظم المحافظات ومراكز تخصصية لزرع الأسنان في دمشق وحماة وافتتاح عيادات المشورة للأسنان في اللاذقية وحلب والزبلطاني في دمشق تختص بالمرضى الذين هم بحالة الخطورة مثل المصابين بالإيدز والتهاب الكبد الوبائي على أن تتم المعالجة بشكل سري للمصابين بهذه الأمراض وتقوم الدائرة بافتتاح مراكز وعيادات الأسنان لذوي الاحتياجات الخاصة وتجهيز هذه المراكز بمدخل خاص لهم للدخول إلى المراكز بسهولة، كما أصدرت المديرية التعميم اللازم لاستعمال مادة الزئبق الحر واستبداله بالكبسولات اللازمة لحشوات الأسنان من أجل منع تصاعد الأبخرة السامة الناتجة عند مزج الزئبق الحر مع مادة البودرة المستخدمة للحشوات المعدنية، كما يهدف التعميم إلى التعامل مع مخلفات حشوات الأسنان ومعالجتها بطرق صحية من خلال وضعها بعبوات زجاجية فارغة ومزجها بالماء للتخلص من الآثار السامة والتلوث البيئي وتلافي المخاطر، إضافة إلى إقامة الكثير من دورات ضبط العدوى في المراكز في المحافظات بتدريب الكوادر العاملة في هذه المراكز على كيفية الوقاية من انتقال الأمراض المعدية وتعقيم الأجهزة والتخلص من النفايات الخطرة وإلزام جميع المراكز بوضع مشعرات ورقية في المعقمات لمعرفة نتيجة التعقيم والتأكد من صحته بشكل كامل، وتتم مراقبة هذه العملية بشكل دائم من قبل الدائرة للتأكد من الشروط المتعلقة بالتعقيم وضبط العدوى وتقوم مراكز الأسنان التابعة للمديرية في المحافظات بعمليات علاجية للأسنان من الناحية الوظيفية والتجميلية للحصول على إطباق فم جيد وسليم وتجنب أعراض التهاب المفصل الصدغي بطريقة تجميلية لرصف الأسنان وإعطائها الشكل الجميل.
وفيما يتعلق بتقديم خدمة صناعة التعويضات للأسنان يوجد مركز في حلب لصناعة هذه التعويضات وهو الوحيد في القطر بالنسبة للمراكز التابعة للدائرة، كما يوجد في حي الشاغور في دمشق مركز للدائرة يقوم بصناعة الأجهزة المتحركة «بدلات الأسنان» وتقوم هذه المراكز أيضاً بإجراء عمليات التجميل اللازمة للشفة المشرومة وقبة الحنك التي ينصح بإجرائها في سن مبكرة للأطفال. وأشار الدكتور العكل إلى زيادة إقبال المواطنين على معظم مراكز طب الأسنان العامة نظراً لثقة المواطنين بالكوادر العاملة في المراكز وحصولهم على نتائج علاجية سليمة ومأمونة بشكل مجاني، خاصة بعد ارتفاع أجور المعالجات السنية في العيادات الخاصة.
وتحدث الدكتور العكل عن مجموعة من النصائح والإرشادات الطبية لسلامة الأسنان والحصول على ابتسامة جميلة تتحقق بزيارة طبيب الأسنان مرتين على الأقل في العام والعناية الدائمة بنظافة الأسنان خاصة قبل النوم لإزالة بقايا الطعام العالقة بين الأسنان لأن إغلاق الفم مدة طويلة خاصة أثناء النوم يولد خمائر وبكتيريا تؤدي إلى تخريب الأسنان مع التأكيد على ضرورة التغذية الجيدة للأم الحامل للحصول على أسنان جيدة للوليد والتركيز على الإرضاع الطبيعي لتقوية بنية الأسنان عند الأطفال وعدم الإطالة باستعمال «اللهايات» لأنها تؤثر في علاقة الفكين، كما ينصح بمسح المنطقة اللثوية والسن أثناء البزوغ المبكر من بقايا الحليب المترسب في فم الطفل، وبالنسبة للاعتقاد الخاطئ بأن عملية بزوغ أسنان الطفل تترافق مع ترفع حروري فإن ذلك من الشائعات الخاطئة لأن سبب الترفع الحروري هو أن قيام الطفل بوضع ما حوله من أشياء غير معقمة في فمه خلال فترة بزوغ الأسنان يؤدي إلى التهابات أو ترفع حروري.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات