بعض االاوقات  تحين لحظة وداع الأهل والأصدقاء القاسية لبدء حياة جامعية أو عملية بالخارج، أو يُختم فيلمك المفضل بنهاية مؤثرة فتنفجر باكياً مطلقاً العنان لهذه القطرات الحارة المالحة بعد طول حبس وكتمان، وبينما تمسح الدموع عن عينيك لترى العالم بوضوح مرة أخرى، وتتأمل جفنيك المنتفخين في المرآة، قد تتساءل: ما تأثير هذا الانفجار كله على نفسيتك المهشمة؟.

تفرز أعيننا في اليوم عشر أونصات من الدموع، ما يعادل ثلاثون جالوناً منها في السنة الواحدة. قد تكون هذه الدموع قاعدية، أي أنّها متواجدة في العين طوال الوقت ولها وظائف ترطيب وحماية وتغذية العينين، وقد تكون لا إرادية كالتي تذرف عند تقطيعك للبصل أو التعرض لأتربة أو رياح قوية، فوظيفتها في المجمل هي حماية العين عند تعرضها لمهيجات، وأخيراً تأتي الدموع العاطفية التي تريح قزحية العين بالرغم مما تحمله من كميات هائلة من الضغوط، كما تحرك مشاعر من يرونها وتزيد من تعاطفهم معك.

يشعر  الكثير من الناس ، وخاصةً الرجال بإحراج شديد من دموعهم إذا هاجمتهم وهم في مكان عام، والحقيقة أنّ البكاء حالةٌ طبيعيةٌ، بل حاجة إنسانية ليس من المفترض أن تثير الجدل أو تشعرك بالخجل، إلّا في مجتمعاتنا التي ربتنا على أنّ البكاء تخصص نسائي يشترك فيه الرجال معنا حتى سن السابعة، وفي محاولة لقصف هذا المعتقد السقيم، إليكم ست فوائد أودعها الله في هذه الدموع لتطهر أعيننا وتشفي صدورنا.

أولاً: دموعك تحمل سموم جسمك

قد يبدو البكاء في ظاهره عملية تطهير لنفسيتك من أوجاعها، إلّا أنّه يطهر جسدك أيضًا، حيث يخلصك من الكيماويات التي تساهم في زيادة هرمون الضغط النفسي، الكورتيزول، وأثبتت الدراسات أنّ البكاء مثله مثل باقي عمليات الإخراج الأخرى من الزفير والتبول والعرق، فهو يساهم في إفراز السموم ليحل محلها بروتين البرولاكتين، وبعض الهرمونات الأخرى التي تخفف من حدة الألم النفسي.

ثانياً: تقتل البكتيريا أيضاً

تحتوي الدموع على اليَحلُول (Lysosomes) وهي عضيات موجودة في اللبن والسائل المنوي والمخاط واللعاب تعمل على قتل من 90% إلى 95% من بكتيريا الجسم في مدة تتراوح ما بين 5-10 دقائق، وتشير دراسة مدهشة إلى أنّ للدموع قدرة فائقة على محاربة البكتيريا حتى أنّها تمنع من الإصابة بداء الجمرة الخبيثة حتى وإن تعرض الإنسان لمسببات العدوى، ويذكر أنّ داء الجمرة الخبيثة هو التهاب يفتك بالرئتين أو الجهاز الهضمي أو الجلد، فلا يفارق الإنسان حتى يفارق هو الحياة في معظم الأحوال.

ثالثاً: تجعل العالم أكثر وضوحاً

تساعد الدموع على تصفية الرؤية عن طريق إنعاش مقلتي العين والجفون، فعندما تجف الأغشية التي تغطي العينين تصبح الرؤية أقل وضوحاً، فتقوم الدموع بغسل السطح الخارجي للعين وترطيبه، ومسح الأتربة والغبار عنه لتعود الرؤية واضحة من جديد.

رابعاً: تحسن من حالتك المزاجية

أشارت دراسة في جامعة فلوريدا الجنوبية إلى أنّ البكاء يرطب على النفس ويحسن من مزاجك بفاعلية تفوق استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب، وأعرب 90% ممن يبكون وقت احتياجهم لذلك عن تحسن في المزاج عقب البكاء بينما شعر 8% فقط بتدهور نفسيتهم نتيجة لذلك، ولوحظ أنّ أغلب من يعانون من اضطرابات شديدة في المزاج أو من القلق المزمن كان انتفاعهم بفوائد البكاء أقل بكثير.

خامساً: تحررك من الضغوط

لا شك أنّك تشعر بإحساس غامر بالراحة عقب البكاء حتى وإن لم تتغير الأوضاع، ويعد البكاء بديلاً صحياً لخبط رأسك بالحائط مثلاً، أو حتى كتمان مشاعرك وهمومك لما قد يسببه ذلك من صداع حاد وارتفاع في ضغط الدم. البكاء هو أكثر السبل أماناً للتعامل مع الضغوط، حيث يحررك عاطفياً من مشاعرك السلبية وكل ما تعاني منه من إحباط.

سادساً: تقوي علاقاتك

ربما تعرضت لهذا الموقف من قبل كنت تتظاهر أمام من تحب بعدم اكتراثك بالعلاقة، أو أنّك على استعداد أن تمضي قدماً دونما تأثر أو توقف، ثم تنهمر الدموع على خديك لتكشف حقيقة مشاعرك وما كان يحاول لسانك إخفاءه، فعندما يخرس اللسان تنطق العيون، وعندها يتحول النقاش الحاد المنفر إلى حوار سلس وعاطفي يقود إلى حل مشكلة، أو يلفت النظر إلى نقطة تم التغاضي عنها في ظل تحجر قلوب المتحاورين وعقولهم، وربما يساهم في إعطاء المشاعر حقها من الحوار فيما بعد.

والمضحك المحزن أنّه بعد كل ما ذكر وبعد كل ما نعايشه من فوائد للبكاء وميزات للدموع تجد من يوبخ صديقه على دمعة ذرفت من عينيه دون قصد في لحظة انفعال أو تأثر، ويعيب الأب على ابنه الشاب إذا بكى في حالة ضعف أو ضيق بنفسه، كيف يعيش إذا من يكتم عملية بيولوجية طبيعية ويحرم نفسه من استعمالها وفيها الوقاية والشفاء؟ لذا، عندما يعترض أحدهم طريقك ذات يوم ويقول لك: “صه، لا تبكِ”، اتركه “ابكِ … ففي البكاء شفاء لك” واخل أنت بدموعك.

المصدر دمشق الان

سيريا ديلي نيوز


التعليقات