في خضم الحملة الانتخابية التي أصبح اللاجئون جزءا مهمًا منها، نشر معهد الدراسات الاقتصادية الألماني دراسة حول مصير اللاجئين الشباب خلال 10 سنوات من الآن. والمعتقد أن دراسة سابقة لهذا المعهد كانت أحد دوافع المستشارة أنجيلا ميركل لفتح أبواب الهجرة على مصراعيها.

إذ نشر المعهد قبل أكثر من سنة دراسة تقول: إن الاقتصاد الألماني سيكون بحاجة إلى نصف مليون مهاجر في السنة، حتى 2020. كي يستطيع الاستمرار في معدلات نموه الحالية، وفي ظل نسبة الولادات الضعيفة بين الألمان.

وجاء في الدراسة الجديدة أيضًا أن اللاجئين الشباب سيكونون حافزًا اقتصاديا جيدًا للمجتمع الألماني الكهل. وتأتي الدراسة ردًا على ادعاء بعض سياسيي المحافظين الذين يرون اللاجئين عبئًا اقتصاديا على المجتمع الألماني.

استندت دراسة المعهد، التابع لجامعة هومبولد البرلينية، على دراسة مصائر جيل اللاجئين الجدد الذين وصلوا إلى ألمانيا 1990 و2010، وكيف اندمجوا في المجتمع والاقتصاد الألمانيين.

قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس الخميس إن بلادها بحاجة إلى «حلول قابلة للتطبيق» لتسريع إدماج اللاجئين في قوة العمل بعد اجتماعها مع عدد من الشركات الكبرى التي وظفت أقل من 100 لاجئ بعد وصول نحو مليون منهم إلى البلاد العام الماضي.

واستدعت ميركل التي تخوض حربا للدفاع عن مستقبلها السياسي فيما يتعلق بسياسة الباب المفتوح التي تنتهجها رؤساء بعض كبرى الشركات الألمانية إلى برلين ليوضحوا لماذا لا يحركون ساكنا ولتبادل الأفكار بشأن سبل القيام بالمزيد من جانبهم.

وتشير الدراسة أن البداية كانت صعبة بالنسبة لغالبية الشباب الذين وفدوا إلى ألمانيا في تلك الفترة وهم بمعدل عمر 23 سنة. وخصوصًا في مجالات اللغة والتدريب المهني والدراسة.

كان 86 في المائة منهم ذوي خبرة في العمل اقتنوها في بلدانهم، إلا أن 20 في المائة منهم حرموا من استكمال الدراسة بسبب ظروف الحروب والحروب الأهلية والتشرد. وكانت نسبة من لم يكملوا تعليمهم بين اللاجئين من فئات أعمار أكبر لا تزيد عن 10 في المائة.

وكان الشباب بين لاجئي تلك الفترة أسرع منْ تعلم اللغة الألمانية وتعلم في التدريب والتأهيل المهنيين وأفضل من أرسل أولاده إلى المدارس أيضًا.

وكان لاجئو 1999 – 2010 عمومًا أقل سرعة في اندماجهم من بقية المهاجرين (من شرق أوروبا كمثل)، واحتاجوا إلى فترة أطول من غيرهم.

وجد ثلثا الرجال، وربع النساء، من الشباب اللاجئين بين 1999 – 2010 عملاً خلال خمس سنوات من إقامتهم في ألمانيا. وتوقع مارتن غروه من المعهد، على أساس هذه الإحصائيات، أن يمتلك لاجئو اليوم فرصة أفضل في الاندماج، خصوصا أن دراسات سابقة تقول: إن نسبة المتعلمين والمؤهلين بينهم أعلى بكثير.

وعبر غروه عن أمله باندماج سريع للاجئين الذين وفدوا في العام 2014 و2015، وخصوصًا في ظل المساعدات التي تقدمها غرف التجارة والصناعة والمبادرات الاجتماعية.

والمهم هو توجيه وتعريف اللاجئين الجدد بكيفية استخدام معارفهم ومؤهلاتهم للحصول على عمل في ألمانيا، ولم يكن لاجئو الأعوام السابقة يعرفون عن ذلك إلا بنسبة 30 في المائة.

وتقول شركات ألمانية كثيرة إن عدم إتقان اللغة الألمانية وعجز لاجئين كثيرين عن إثبات أي مؤهلات وعدم التيقن بشأن السماح لهم بالبقاء داخل البلاد يكبل أيديها في المدى القريب.

وقالت ميركل لإذاعة آر بي بي – إنفو راديو إنه يمكن إذا دعت الحاجة وضع تدابير خاصة لتسريع إدماج اللاجئين في قوة العمل لكنها أقرت بأن هذا سيستغرق وقتا. وقالت ميركل «الكثيرون يتلقون دورات الاندماج أو ينتظرون الحصول على واحدة. لذا أعتقد أننا نحتاج إلى التحلي ببعض الصبر لكن يجب أن نكون مستعدين في أي وقت لتطوير حلول قابلة للتطبيق».

وخلص مسح أجرته رويترز للشركات الثلاثين على مؤشر داكس الألماني إلى تعيين 63 لاجئا فقط في المجمل. وشغل خمسون من بين الثلاثة والستين المعينين وظائف في شركة البريد الألمانية دويتشه بوست التي قالت: إنها طبقت «نهجا عمليا» واستعانت بالمهاجرين في فرز وتوصيل الخطابات والطرود.

وقال متحدث بالبريد الإلكتروني «في ضوء أن نحو 80 في المائة من طالبي اللجوء لا يملكون مؤهلات عالية وربما لا يجيدون الألمانية بعد فقد عرضنا بالأساس وظائف لا تتطلب مهارات فنية ولا قدرا كبيرا من التفاعل باللغة الألمانية».

وقال فرانك أبيل الرئيس التنفيذي لشركة دويتشه بوست إن الشركة توظف حاليا المزيد من اللاجئين رافعا إجمالي العدد إلى 102 موظف. وقال الكثير من السبع والعشرين شركة التي استجابت إنهم اعتبروا سؤال المتقدمين لشغل الوظائف عن سجلهم كمهاجرين يعد تمييزا ولذا لا يعلمون ما إذا كانوا قد وظفوا مهاجرين أم لا وكم يبلغ عددهم.

الأمر الواضح أن التفاؤل المبكر بأن موجة المهاجرين قد تعزز النمو الاقتصادي وتساهم في تخفيف نقص المهارات في ألمانيا – حيث من المتوقع أن ينكمش عدد السكان الذين في سن العمل بمقدار ستة ملايين شخص بحلول 2030 – يتبخر.

وقال هاينريش هيسينجر الرئيس التنفيذي لمجموعة تيسينكروب الصناعية خلال زيارة قام بها الرئيس الألماني في وقت سابق هذا الشهر «توظيف اللاجئين ليس حلا لنقص المهارات».

وتفضل غالبية الشركات الألمانية خاصة تلك العاملة بقطاع التصنيع التوظيف عبر برامج منظمة للتدريب المهني يقومون من خلالها بتدريب الشبان لمدة تصل إلى أربع سنوات لشغل وظائف تتطلب مهارات عالية وأحيانا تخصصية.

لكنهم يقولون: إن الوافدين الجدد من سوريا والعراق وأفغانستان وأماكن أخرى غير مؤهلين بشكل أساسي لهذا التدريب.

واستطاعت شركات مؤشر داكس التي شملها استطلاع رويترز أن تفصح عن نحو 190 متدربا أدرجوا هذا العام أو العام الماضي. وخضع الكثير منهم لمرحلة تدريب تمهيدية امتدت لأشهر وصممت خصيصا للمهاجرين من قبل شركات كبرى مثل سيمنس للهندسة ودايملر لصناعة سيارات مرسيدس وكونتيننتال لتكنولوجيا السيارات.

وقال متحدث باسم دويتشه تيلكوم التي تخطط لقبول نحو 75 لاجئا كمتدربين هذا العام لكنها لم تتخذ قرارا بالتوظيف الدائم «خبرتنا تقول: إن الأمر يستغرق 18 شهرا على الأقل كي ينتهي اللاجئ المدرب تدريبا جيدا من إجراءات اللجوء وتعلم الألمانية بمستوى كاف للتقدم لشغل وظيفة».

وتقول شركات أخرى من كبرى الشركات الألمانية وبخاصة تلك العاملة بقطاعات الخدمات المالية والطيران إنه من المستحيل عمليا أن تقبل بأي لاجئين وذلك لأسباب تنظيمية مثل الحاجة إلى إجراء فحص تفصيلي لخلفيات الموظفين.

(الشرق الأوسط)

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات