كنا قد تطرّقنا سابقاً إلى أهم المخالفات المتعلقة بالتراث الوطني والهوية الوطنية من خلال تحقيقاتنا الصحافية، ويجدر بنا الآن تسليط الضوء على آخر ما جادت قريحة البعض من الرسميين بحضورهم قبل أسابيع مضت لحفل توزيع كتاب عن معلولا في فندق "داما روز" بدمشق، لمؤلفه "الياس نصر الله" من أهالي معلولا، وكما يبدو من صورة غلاف الكتاب التي ننشرها بتحفّظ كبير، فإن الحروف العبرية تلطّخ صورة معلولا...ولهذا الموضوع الخطير خلفية تعود إلى سنوات ماضية ويتلخص في أن بعض أبناء "المجتمع المحلي" في معلولا ارتأوا –بدعم أكاديمي ورسمي من بعض المستشارين "العلميين"- إحياء آرامية معلولا وتدريسها بالحروف العبرية وحركاتها الحديثة، رغم إمكانية تدريس تلك الآرامية بحروف الجزم العربية والآرامية السورية الأصلية...وقد تصدى باحثون وإعلاميون ومختصون بآرامية معلولا من أهاليها آنذاك للموضوع، وبموجب تدخلهم العلمي لمعالجة هذا الخطأ صدر قرار رئاسة مجلس الوزراء رقم 2815/و، تاريخ 27/10/2009 والذي نص على إزالة الكتابات العبرية كافة من معلولا وإعادة النظر في منهاج معهد تعليم اللغة الآرامية في معلولا والكادر التعليمي والوظيفي فيه، بالإضافة إلى إعادة النظر في مناهج الجامعات السورية التي تستخدم الحرف العبري في عملية تدريس اللغات السورية القديمة...إلا أن البعض أصر بعد صدور هذا القرار على الاستمرار في المشروع الخاطئ والخطير، ولا زالت المحاولات مستمرة إلى هذا الوقت بدعم من "مستشارين" وسطاء لا يحملون صفة علمية مناسبة، الأمر الذي انعكس على تحضيرات تتم في معهد معلولا لإطلاق دورات جديدة لتعليم آرامية معلولا بالحروف العبرية ذات الحركات الحديثة، ومن هذه التحضيرات إعادة طبع نسخ جديدة من كتاب التعليم الذي يعتمد الحروف العبرية الحديثة على أنها آرامية!

إن إشارتنا إلى خطأ الاستمرار في المشروع المذكور إنما هي للتذكير أيضاً بكل ما يهدد تراثنا الآرامي والكنعاني، ولعل بعض مصادقات المديرية العامة للآثار والمتاحف على مشاريع غربية انتهجت الإساءة إلى هذا التراث خير مبرر لنا للاستمرار في كشف الخطأ والمطالبة بعلاجه واتخاذ خطوات تدارك من قبل وزارة الثقافة.