أكثر من خمس سنوات من الحرب المستعرة في سوريا، تكبّدت المرأة السوريّة حملاً وافراً من الأعباء، الّتي تمثّلت بالانتهاكات والعنف والاغتصاب والمتاجرة والاستغلال في الكثير من المناطق الواقعة تحت سيطرة المجموعات المسلحة، إضافة إلى عبء فقدان الزوج أو الابن.
فباتت الحياة بالنسبة لهن تتمثل في الحصول على القليل من النقود لتأمين الاحتياجات الأساسية لأطفالهن، والاعتماد على المساعدات لتأمين القوت اليومي، وبقي حلم عودة الأمان هو الهاجس الوحيد لدى جميع السوريين.
74 ألف سيدة فقدت زوجها..
وبحسب الإحصائيات الموثقة من قبل المركز السوري فأنه خلال سنوات الحرب الخمس هناك ما لا يقلّ عن 74 ألف سيدّة فقدت زوجها، من بينهنّ أكثر من 50 ألف أمّ، أما الباقي فلم ينجبن أطفالا.
ومن المتعارف عليه في المجتمع السوري أنّ المرأة تعتمد بشكل كليّ على الرجل الّذي يعمل من أجل تأسيس العائلة، بينما تقوم المرأة بدور ربّة المنزل ورعاية الأطفال، فكان فقدان الزوج أمر يصعب التأقلم معه بالنّسبة إلى النساء السوريّات، خصوصاً اللّواتي أنجبن أكثر من طفل.
وفي ظلّ هذا الواقع، كان لا بدّ للمرأة الّتي فقدت زوجها أن تتحوّل إلى منتجة، بدل أن تكون ربّة منزل فقط لتتمكّن من البقاء وإعالة أطفالها بسبب الواقع الاقتصادي المتردّي الّذي تمرّ فيه البلاد من جرّاء الحرب.
وتروي علياء، وهي سنة ثانية في الجامعة، وخرجت مع ابنتها من حيها بريف دمشق الذي أصبح عبارة عن صورة خراب ودمار لمراسل "سبوتنيك"، خرجنا من أجل أن نكمل علاج ابنتي المصابة بسرطان الدم، استشهد زوجي في محافظة حمص وهو ضابط بالجيش السوري، لذلك اضطررت للعمل في مجال التعليم لأعيل طفلتي المريضة، إضافة لتكميل تعلمي في الجامعة..
الطبخ عنوانهن اليومي..
خمس نساء يعملن في المطبخ، المأكولات الشامية والحلبية الشهيرة هي العنوان اليومي لهن، أم محمود الحلبية مشرفة المطبخ توزع العمل عليهن صباح كل يوم، وتقول "كل سيدة من العاملات في المطبخ تخصصت بإعداد أطباق معينة، نقدم وجبات يومية للجرحى والمصابين، إضافة إلى خط إنتاج يومي نلبي من خلاله طلبات التواصي"، بينما تخصصت أم حازم، من مدينة حمص، بإعداد أطباق مثل ورق العنب "جئت إلى دمشق مثل باقي النازحين، ومضى على وجودي 3 أعوام أنا وعائلتي، أعمل في المبطخ منذ عام، زوجي استشهد في تفجير إرهابي، أعمل كل شيء في المطبخ"، فيما تقدم أم خالد من درعا الوجبات الدرعاوية والشامية."
من جهة أخرى تقول أميمة وهي أم لأربعة أطفال.. تزوجت وأنا صغيرة لذلك لم أكمل تعليمي واستشهد زوجي في معارك حلب لذلك قررت الانتساب إلى معهد للتعلم كوني إنسانة "أميّة" لا أعرف القراءة والكتابة.
تكمل أميمة حديثها بلغتها البسيطة "لازم أتعلم القراءة والكتابة من شان حاول ساعد أطفالي على التعليم حاليّاً، نحنا عايشين بفترة صعبة كتير، ممكن لاقي فرصة عمل لاحقاً لتعليم الأطفال الصغار، الواقع الحالي بيفرض علي كربّة منزل إنو أعمل من شان أتمكّن من الاستمرار بالحياة مع أطفالي بعد استشهاد والدهم".
وفي سياق متصل تقول أم مصطفى، قرّرت تعلم مهنة الخياطة بعد ضعف حال زوجي المصاب نتيجة قذيفة هاون أدت إلى فقدان أطرافه، فالراتب القليل الّذي يحصل عليه لا يكفي لنهاية الشهر، والمفروض عليّ حاليّاً كزوجة أن أساعد زوجي في إدارة أمور العائلة كوننا نمرّ بفترة صعبة جدّاً، عندي طفل صغير عمره 3 سنوات، والناس يعرفون الوضع الصعب الذي نعيشه، لذلك فعلينا أن نعمل حتى نعيش.
تدرك النساء في سوريا، وخصوصاً اللّواتي فقدن أزواجهنّ، أنّ الحاجة إلى العمل باتت ضرورة ملحّة في ظلّ ظروف الحرب القاسية، ولا سيّما اللّواتي رفضن أن يتزوّجن مرّة أخرى وفضّلن أن يكرسن وقتهنّ وأنفسهنّ لتربية أطفالهنّ.
كما يدركن ضرورة الاعتماد على أنفسهنّ في الفترة الراهنة، وخصوصاً أنّ مجمل الأوضاع الاقتصادية في البلاد لا تساعد في أن يقوم أحد أقربائهنّ أو ذويهنّ بمساعدتهنّ.
سيريا ديلي نيوز
2016-07-14 21:30:59