نسمات حارقة لاهبة في وقت زاد فيه الأمل و سخنت الهمم بالتفكير العقلاني للتخطيط الواقعي لما يجب أن يكون بما يعيد الانتعاش الاقتصادي و يحابي حماة الوطن و الوطنية بعد سنوات من العذاب و الصبر و الألم و فيضان الدماء وتحمل أقسى معاناة من أعداء الخارج المتاجرين بدمائنا و الساعيين لتدمير تنميتنا المتراكمة مدعين الإنسانية و الديمقراطية و حقوق الإنسان وهم اخطر من يقبل بتداول سلوكيات توصل إي مجتمع للتمتع بهكذا مصطلحات و تجار الأزمات من حيتان الفساد ومستغلي الظروف ممن جعل الفوضى وسوداوية الهواء يسود و حول كل البلد يطوف فهم شركاء لمن نطق بأعلى صوت لا لكل من يواجه العولمة و الفساد ولا لمن يجاهر بسياسات ونهج يعيد البسمة و السرور لأغلى البشر وأصبر العباد , وفي الانتظار لتغيير حكومي يقطع الطريق على النهج الانقلابي بأسلوب صدم البلد و المواطن و أرضى المؤسسات الدولية و رعاة الامبريالية وأغنى القلة على حساب آهات ودماء وطن, فجئ الجميع بثلاث قرارات أصدرتها وزارة التجارة الداخلية و حماية المستهلك لتتجاوز بها الخطوط الحمراء و تقلب المعادلة و تطيح بآمال الإعادة لما يحقق العدالة ثلاث قرارات تصيب ثلاث مواد نفطية يحتاجها كل مواطن و ينعكس آثارها على كل المواد والسلع و الخدمات وإن كان بإطارات مختلفة فأكيد سعر المازوت لا يستثنى أي سلعة أو خدمة من زيادة التكايف ورفع السعر فهو يدخل في تكاليف التصنيع و النقل و المواصلات لكل الزراعات و الصناعات و الخدمات بكافة أنواعها و كذلك تأثيرات البنزين تصيب تكاليف التنقل و المولدات الكهربائية و توزيع بعض السلع و الغاز يحتاجه كل مطعم وكل أسرة و بذلك فإن هذه القرارات ستؤدي إلى زيادة التضخم و بالتالي زيادة تكاليف المعيشة بنسب مختلفة وأكيد تختلف عما صرحت به الوزارة بأن نسبة زيادة المازوت ستنعكس فقط 10% على وسائط النقل و البنزين بـ27% في وقت وصلت التقديرات بحاجة أسرة مؤلفة من أب و أم و 3 أبناء حوالي 200 ألف شهرياً ليعد من الطبقة الوسطى وكلنا يعلم ان متوسط الأجور قبل الإضافة الأخيرة حوالي 20 ألف و بعدها أصبح 27500 ليرة سورية و هذا الفرق يبين حجم من دخل خط الفقر العادي و الفقر المدقع والنسب تتكلم عن 85% وأن حوالي 6 مليون سوري بحاجة لمعونة غذائية لإنقاذه من سوء القادمات , ورغماً من هذه القرارات التي جاءت من قبل حكومة تسيير الأعمال وفي وقت كان يهبط الدولار وفي وقت انتقادات لاذعة للسياسات النقدية و الاقتصادية لتكون صاعقة مجهولة الانعكاسات هذه الانعكاسات التي لن تظهر قبل وقت غير بقصير و تصريحات بعيدة عن الواقع و عن العقلنة من قبل من تصدى لهكذا قرارات تحت شعار عقلنة أسعار هذه المواد مبتعدين عن مصطلح رفع الدعم الذي كان سيد الإعلام من وقت تبناه العطري و الدردري إلى وقت الحكومات اللاحقة حتى أصبح الشعب هو من يدعم سعر هذه المواد بعد أن وصلت لأسعار تفوق دول الجوار علماً أن سعر برميل النفط عندما تبنى الدردري مصطلح رفع الدعم كان سعر البرميل حوالي 130 دولار وكان إنتاج بلدنا حوالي 400 ألف برميل يومياً هذا الإنتاج الذي تقلص إلى 10 آلاف بفعل الإرهاب و شركائهم و استمر كذلك تبرير سعادة المسؤولين أن سبب القرار لمنع التهريب ودوماً تكون التصريحات أشد صعوبة من القرارات لأنها تحمل معاني الاستغباء و البعد عن الواقع و الأسباب الحقيقية , وخاصة في بلد تحمل شعبه كل أشكال الصبر و التحمل و التقشف و العذاب و في ظرف خسرت به البلاد حوالي 300 مليار دولار و أكثر من مليون منزل و 36000منشأة صناعية وحرفية و مطاعم وفنادق و مستشفيات ومدارس و في وقت تستمر العقوبات الاقتصادية الظالمة و الحصار اللعين الملعون و في وقت زادت به مساحات لساحات القتال وزادت نفقات الوقود و تكاليف الأسلحة وكل هذا كان بعيد عن التصريحات وقد يكون ذلك ضرورة ولكن لا يعني ذلك الاختباء وراء تبريرات لا منطقية يخاف من كونها استمراراً لنفس النهج الذي قتل سورية وحابى الفساد و استثمر بالإفساد وكان مدخلاً لتهشيم البنى وولوج المشاريع الخارجية المحمية بأدوات مأجورة تابعة و خاصة إن أي إصلاح و تحسين للمعيشة لا يعيد النظر بأسعار المحروقات لن يخدم ولن يكون سنداً للعودة و الانطلاقة المفيدة و كذلك ما أخاف المواطنين هو سوء الإدارة الاقتصادية و عدم تعاملها مع الواقع المأزوم فالهروب من التسعير الإداري مستمراً و سرقة فعالية وزارة حماية المستهلك عبر التغاضي و التعامي عما يقترفه التجار من رفع للأسعار و اللعب بالمواصفات وحرية الاحتكار , ما جعل الأسعار تصبح غير واقعية وغير منطقية لا تتناسب مع الربح المسموح وتفوق طاقات التحمل لدى أغلب المواطنين وعبر سلب دور مؤسسات التجارة الخارجية لتصبح موزع لمحتكري المواد ورافعة لأسعار سلعهم بدلاً من دورها في زيادة العرض من السلع والمواد و بالتالي الظروف الموضوعية لجعل التضخم الوهمي المفتعل يمتص زيادة أسعار الوقود ضئيلة التحقق و كوابح زيادة التضخم مصابة بالخلل , و بعد هذه الزيادة بأسعار الوقود صدر مرسوم إضافة مبلغ مقطوع على المعاشات لكل موظفي الدولة و القطاع الخاص و ليصيب أول مرة المجندين و الذين يشكلوا أعداد كبيرة ممتدة لأشخاص حملوا أكفانهم على أيديهم لحماية العرض و الوطن وهم يستحقوا هذه المكافأة وأكثر و لكن السؤال كيف سيفرض على القطاع الخاص الذي سنت قوانين لحمايته وسلب العمال المكتسبات التي تحققت لهم عبر النضالات و المطالبات ومنها القانون 17 و كذلك إن جزء كبير من السوريين عاطلين عن العمل وعدد النازحين حوالي 7 ملايين ومهما يكن فلن تستطيع أن تسد هذه الإضافة ما يقابلها من زيادة أسعار و لبعض الأسعر فقط أجور النقل لمن هو موظف أو طالب تمتصها وزيادة وخاصة لمن يسكن بالأرياف و يستعمل أكثر من واسطة نقل , ومهما يكن فإن ظروف البلد و اللعب بالوتر الاقتصادي عبر تماهي الإرهاب المستثمر به مع الإرهاب المسلح تقتضي أن نراعي الظروف وأن نصبر ونظل الداعمين لحماة الوطن و السيادة وأن لا نبخل بأي قطرة دم جالبة للسلام و للعدل و للحق و ناصرة للدماء الطاهرة و القاطرة لنصر اقتصادي مكافئ لأن أي خسارة هي ضياع لكل صبر ونضال و أمل جديد و هذا الصبر و التقبل لما يصاغ من قرارات أزموية نابع من أمل أكيد في صياغة نهج اقتصادي واقعي حقيقي عادل يناسب بلدنا و يعيد العدالة و المناعة و يحاسب تجار الأزمة و يعيد للمؤسسات حيوتها ودورها و يجعلها القوة الغالية القائدة للمسيرة التنموية السيادية المستقلة المحابية لبلد وشعب بدلاً من محاباة القلة و هذه الانطلاقة إن لم تستند على ركائز بناءة ومنها إعادة النظر بسعر الصرف وأسعار الوقود و بالتالي كافة أسعار السلع و الاستناد للتسعير الإداري و عودة الدولة كقائدة للأمن الغذائي و للإصلاح الصناعي بعد الحسم العسكري فلن تكون ولن يعاد للمؤسسات حيويتها إن لم تعاد لها مهمة التعيينات على أساس الكفاءات و المهارات و عبر حكومة التكنوقراط بدلاً من تعيينات المحسوبية و سطوة منظومات مافيوية

 

سيرياديلي نيوز- الدكتور سنان علي ديب


التعليقات