بدأ تنظيم داعش بالتحول نحو تجارة الذهب الداخلية، عبر إلزام سكان المناطق التي ينتشر فيها التنظيم، على شراء العملة الذهبية التي قام بالإعلان عنها قبل نحو عام
من الآن، وبدأت عملية الترويج للتعامل بـ "الدينار الذهبي" قبل أسبوع تقريباً، إذ ألزم التنظيم تجار النفط القادمين من العراق، على التعامل بعملته الذهبية في تعاملهم
معه، ومن ثم انتقل داعش نحو فرض التعامل بهذه العملة على المدنيين في المناطق الشرقية من سورية.
وبحسب موقع عاجل فأن "الدينار الذهبي" الذي يروج له تنظيم داعش يعادل 190 دولار أمريكي، وقد أمهل التنظيم سكان تلك المناطق مهلة ثلاثة أشهر لاستبدال ما
يملكوه من الدولارات بهذه العملة ليكون الدينار هو العملة الرسمية الوحيدة القابلة للتداول في مناطق سيطرة داعش، وهذا يشير إلى أن التنظيم يحاول تعويض الفاقد
من العملة الأمريكية الناتجة عن انخفاض معدل تهريب النفط السوري، ما أدى لانخفاض مصادر التمويل الذاتي لما يسميه التنظيم بـ "الولايات" في دير الزور والرقة
والحسكة، وتأتي هذه الخطوة كرد فعل على انخفاض مصادر التمويل الذاتي، فداعش يعتمد على عدة مصادر أساسية غير تجارة "النفط والغاز"، إذ إنه يمول نفسه
من تهريب الآثار، وتجارة الأعضاء، وتجارة الرقيق الأبيض كـ "الأطفال والسبايا"، وهي تجارة مازالت بعيدة عن وسائل الإعلام، وهذه "التجارة" تدر على خزينة
داعش أكثر مما توفره النفط.
وقد يبدو للوهلة الأولى إن داعش يحاول تعويض ما فقده من رصيد العملة الأمريكية الذي يمتلكه، بعد أن فر عدد من مسؤوليه الماليين آخرهم المدعو "فراس هلال
العلي" الذي كان مسؤولا عن قطاع الزراعة في مناطق دير الزور، ومن قبله فرار كل من "أبو فاطمة التونسي" و "أبو عبد الرحمن" الذين كانا يعملان لديه بصفة
"خازن بيت المال" في كل من الشدادي والرقة، ويضاف إلى ذلك تعرض إحدى النقاط النفطية الواقعة بين حقلي "التنك و العمر" بريف دير الزور الشرقي لهجوم
مازال مجهول الهوية، وفي هذا الحادثة التي وقعت خلال الشهر الماضي، خسر التنظيم ثلاثة من مسؤوليه الماليين من الجنسية السعودية، كما خسر نحو 25 مليون
دولار أمريكي، تمكنت المجموعة المهاجمة من الفرار بها، إلا أن هذه الحوادث التي قد يكون التنظيم خسر فيها مجتمعة ما يقارب الـ 100 مليون دولار لن تشكل
ضغطا ماليا على التنظيم الذي يدخل خزانته بشكل يومي ما يقارب الـ 150 مليون دولار يوميا من مصادر تمويله مجتمعة، وعلى ذلك يمكن البناء على إن تجارة
الذهب، أو "ترويج الدينار الذهبي" كما يسميه التنظيم لا يأتي وفقا لأسباب داخلية تتعلق بعمل "الولايات" التابعة له، فالاستقلالية الإدارية غير موجودة في هيكلية
التنظيم الذي يعتمد على القيادة المركزية المباشرة التي يمارسها "مجلس الشورى" لكل المناطق الخاضعة لسيطرته، ولا يمكن القول إن هذه العملية تأتي وفقا
لمحاولة "ضرب الدولار" وبقية العملات الورقية الأجنبية، ضمن ما يسميه التنظيم بـ "الحرب الاقتصادية" على الدول المعادية في ظاهر الأمر لداعش.
فداعش كتنظيم ثبت وفقا لعدة اعترافات غربية بأنه خرج من رحم المخابرات الأمريكية، لن يمتلك القدرة على "التمرد" والخروج عن النص الأمريكي، حتى وإن خسر
العديد من المناطق النفطية في سورية لصالح تقدم "قوات سورية الديمقراطية" بدعم من التحالف الأمريكي، فالثابت إن مصادر تمويله من غير النفط، تقدم لخزينته
رقما أكبر مما تقدمه التجارة المستهدفة بعمليات جادة من قبل الطيران الروسي منذ الـ 30 من أيلول الماضي، ولو كان الأمر يتعلق بفقدان القدرة على الاستفادة من
تجارة النفط.
كل ما تقدم، يحيل إلى أن داعش قرر أن يسند خزينته بالمزيد من الأموال من خلال ممارسة "الإرهاب الاقتصادي" في صورة جديدة من الممارسات لم يسبقه إليها أي
من التنظيمات الجهادية، وذلك عبر تجارة الذهب، الذي سرقه من البنوك التي كانت في المدن التي سيطر عليها، إضافة لما يتحصل عليه التنظيم من تجارة المعادن في
السوق السوداء العالمية، ليقوم بسكه كعملة يبيعها في الداخل السوري والعراقي، وهذا يؤكد مجددا على وجود علاقة اقتصادية بين داعش كتنظيم إرهابي،
ومجموعة من الأنظمة الإقليمية المحيطة بكل من سورية والعراق، على رأسها كل من "السعودية – قطر" كدول ممولة، و "تركيا" كدولة وسيط بين داعش وزبائنه
الأوروبيين، ولا يمكن الاستهانة بقيام داعش ببيع الذهب في الأسواق المحلية أيا كان حجم الكمية التي سيروجها داخل هذه الأسواق، فالأمر سيجبر الناس على شراء
عملة غير قابلة للصرف في بقية المناطق السورية أو العراقية، وقد يعتبر حمله إلى تلك المناطق عملية غير مشروعة بالنسبة للتنظيم، ولن تقبل الحكومتين السورية
والعراقية بدخول هذه العملة إلى مناطقها، ناهيك عن التخوف الشعبي من أن يحسب حامل هذه العملة على التنظيم، وبالتالي سيكون المواطن السوري والعراقي
المحاصر بوجود تنظيم داعش في منطقة عيشه ملزما على دفع ما يمتلكه من مال مقابل شيء "لا ينفع"، في حين أن التنظيم سيلم ما تحتويه المناطق الخاضعة
لسيطرته من العمل الأجنبية، مقابل سلعة يعرف تماما إنه الوحيد الذي سيشتريها، وبالتالي سيتحكم بسعر المبيع والشراء وفقا لمزاجية قادته، وهذا "الإرهاب
الاقتصادي" هو علامة فارقة تسجل لصالح داعش، كما تشير قدرة التنظيم على الحصول على المعادن الثمينة "الذهب و الفضة" بكميات تسمح له بـ "سك عملة"
بكمية قابلة للتداول ضمن مساحة واسعة من الأراضي السورية والعراقية، إلى استمرار خرق داعمي ورعاة داعش لقرارات مجلس الأمن القاضية بتحريم التعامل مع "داعش والنصرة"، وضرورة تجفيف منابع تمويل الإرهاب.
سيريا ديلي نيوز
2016-07-07 21:31:23