كان للانقلاب الاقتصادي بأسلوب الصدمة الوقع المهشم والمدمر للبنى السورية عن طريق تسكير منافذ إعادة التوزيع الحكومي للايرادات الناجمة عن تطور تنموي كبير متراكم لقطاعات اقتصادية قطعت أشواطاً بالمعرفة و التقنية و التراكم الرأسمالي أعطت مؤشرات اقتصادية قلما يصلها بلد وخاصة مما يسمى بلدان العالم الثالث و حتى لا يتناول أي كان تسميتنا لما حصل بالانقلاب لابد من توضيح أن السير بنهج اقتصادي عكس الواقع وعكس مقتضياته بسياسات هادفة مبطنة مدعية تقليد اقتصادات رائدة يجب أن يكون حاجة ضرورية للبلد المعني لزيادة التنمية و تقويتها فالانطلاق من مؤشرات اقتصادية محققة عدالة اجتماعية رسخت طبقة وسطى صلبة و مسيطرة مع هوامش لفقر مستطاع مكافحته لا يعني إلا مكافحة هذا الفقر وتوسيع نطاق التنمية عمودياً وأفقياً للوصول لتوازنها واستمراريتها و استقلاليتها وأي صدمة لا تحقق هذه الشروط التنموية تكون غاياتها أبعد ما تكون وطنية فإما أن تكون مفروضة من قوى خارجية وهو انتهاك للسيادة أو تكون محابية للبعض على حساب الكل وهو اعتداء على أمن و استقرار البلد , فأي نهج اقتصادي وطني يسلب المواطنيين من عمال وفلاحيين مكاسب تاريخية وصلوا لها عبر سياسات و برامج صرف لها مئات المليارات لتكون المؤشرات التنموية ميميزة من خلال ديون خارجية تكاد تكون معدومة و فائض في ميزان المدفوعات و احتياطي نقدي متميز و دخول تتفوق على غيرها من أغلب بلدان المنطقة مترافقة باسعار تكاد تكون الأقل وعبر مؤسسات تعليمية منتشرة بالأرياف قبل المدن وخدمات صحية مؤمنة من دون وجود مؤسسات تأمين و وظائف متاحة ولو أدخلت طاقات إنتاجية لستمرت نسبة البطالة لا تذكر بالمعدلات العالمية وصرف صحي شمل أغلب مناطق الوطن و مياه صحية قلما قدمت لمواطنيين غيرنا من البلدان و قطاع عام أصبح يسد الحاجات من الصناعات التحويلة و النسيجية و الدوائية و البتروكيميائية و مؤسسات تدخلية توصل السلع للمواطنيين بأبخس الأسعار سياسات جذرت المواطن ببلده وبأرضه لنصل لأمن غذائي فاض عن حاجاتنا و صناعات سدت الكثير من احتياجات الاستيراد و سياحة قلما تتكامل ظروفها لأي بلد من حيث الطبيعة و المناخ و الأثار التاريخية و الدينية لتتكامل اللوحة الاقتصادية و الخدمية بأبهى صورها ليجيء الانقلاب الظالم ليشوه الصورة و يخلخل المؤشرات و ليظلم أغلب العباد و ليكون المدخل القادم لأبشع مؤامرة هجرت الفلاحين من أراضيهم و لتسلب المواطنيين خدمات أعدلت وقومت سلوكهم و ليختل مؤشر العدالة لقلة أفاضوا فساداً و استهزاءاً بالوطن والمواطن و ليحول الصلابة لهشاشة مترافقة بحرف أغلب البنى الفوقية عن مسارها و لتجعل المواطن الحالم هش وغير مستقر ولا مستقل , بدلاً من معالجة السكن العشوائي وفق أسلوب عادل مجمل يمنح المواطن و الوطن مليارات الدولارات طمع أصحاب الذوات لتلزيمها لشركات غربية طامحة ليس بالتعهد وإنما بتدمير تنميتنا وأي تحسين لمعيشة أخوتنا في العشوائيات يضيع عليهم مليارات و يثبط مشاريعه القادمة الملزمة من قبل الغرب لقتل الروح و الجسد السوري , اللعب بالعدالة الاجتماعية لم يكن خافياً على حاملي المشروع وكل حججهم عقلنة الدعم و سحب الدعم و إيصال الحق لأصحابه وو وهم يسيرون لتكريس الدعم المتجاوز لقوانيين البلد و لإضعاف دور المؤسسات و لصنع ذوات الأموال الغالب عليها اللون الأسود من الفساد و الرشى وأجور مشاريع قتل الوطن من أجراء الآبار النفطية و محتضني القواعد الأجنبية و مدعي حماية الأديان وفق منظور علماني و هم و العلم الانساني أعداء ومشروعهم بإعادة أمجاد وصلوا لها بالغدر هو الزاد, أجراء لمشروع غربي هادف لسحق الدول عبر سحق العدالة عن طريق بث الفوضى بتفريغ المؤسسات بعد عولمة أفرغت الإنسان من أغلب عوامل صموده عبر اللعب الغرائزي الاستهلاكي ليصبح سلعة مستهلكة لسلعهم متلقية لنفاقهم وتضليلهم و مصدقة لإدعائاتهم التي هم أعدائها لغير مواطنيهم مدعي الديمقراطية و حقوق الانسان لدول وأجراء أكبر عدو لهم الديمقراطية و يوزعوا حقوق لحيواناتهم التي ينظروا لها أهم من إنساننا, دول استعمارية شوهت العدالة لدينا وهي بعدالتها الداخلية تقوض أي تدخل ببلدانها و تسرق رأيها العام لقتلنا وسحقنا و الاتجار بنا و بتاريخنا , عدالتهم التي تعطى عن طريق حكوماتهم ومؤسساتهم و بخطط تضعها حكوماتهم و بقطاع عام فاعل وشبه مسيطر واجب لاستمرار ثنائية السرقة و النهب و السيطرة و استمرارية سحق باقي البلدان و استمرارية التبعية كعبيد مكبلين بالنار و الحديد, أي نهج اقتصادي يحقق حلمهم الاستعماري أكيد انقلاب مدمر هادف لبث الفوضى و تقزيم المؤسسات و سبي الحدود و الجدود ,بتهشيم عدالتنا كسبوا معركة ولكن لم ولن يكسبوا الرهان إن جعلنا العدالة بوصلتنا عبر نهج واقعي منطقي يعيد للمؤسسات دورها و يعيد للعلاقات الاقتصادية قوتها عبر مصالح الدولة ومواطنيها غير منقادة لعواطف قد تجلب العواصف , ولا يمكن الوصول لهذا النهج من دون تحشيد الطاقات المبعثرة التائهة و المتوهة , طاقات حامية لمشروع الوطن وقفت في وجه العواصف ما أضطر أتباع الأنكلوسكسونية لقلب الطاولة و فرض رؤاهم بالنار و الدم فكلنا شاهد تدمير المعامل وتمرير القوانيين وتأزيم الوضع ليس إلا من أجل إرضاء المعلمين ومؤسساتهم من بنك دولي و منظمة تجارة وزعماء مؤتمر واشنطن الذين لم ولن يقبلوا أي بلد يسير بما يخدم مواطنيه وإنما يجب السير بالليبرالية القاتلة عبر دعه يعمل دعه يمر ولو كانت هذه السياسة تخل الموازين و تفيض الدماء , للأسف ما رايناه ولمسناه إلى الأمد القريب محاباة لمن سفك الدماء و لمن وضع الخنجر بخاصرتنا وهذا لن يعيد للعدالة موازينها ولن يجمع أصحاب المصلحة الحقيقة بها ,ورغم هذا التأزيم و التقزيم لدور المؤسسات ظل صوت أصحاب الحق والوطن مستمراً رغما من التهديد والوعيد بإرهاب اقتصادي أحمر وبأسلوب مافيوي غير ابه إلا بالليرة و الدولار ولو على حساب لقمة جائع أو دم شريف همه الوطن , ورغم الكوارث الاجتماعية و الاقتصادية الناجمة عن الحرب الظالمة القاتلة و التي خسرت بلدنا حوالي 300مليار دولار مقترنة بحوالي مليون ونصف من البيوت المدمرة و 3آلاف مدرسة متضررة و مئات المشافي ومنها المتميزة على مستوى المنطقة و عبر مئات الالاف من الشهداء و حوالي مليون معاق و أكثر من 4.5 مليون لاجىء و حوالي 7 ملايين نازح داخلي و خسارة اكثر من 30 ألف منشأة حرفية ومتوسطة ومعمل كبير فإن المصلحة العامة لأغلب الشعب الذي اصبح 90% تحت خط الفقر ونصفه معطل عن العمل لن تكون إلا بعودة دولة المؤسسات القائدة للعملية الاقتصادية و التنموية وفقاً لمعايير الحاجة و الضرورة و الإمكانات و هذا رهن بسيل من العلاقات الاقتصادية مع دول لها مصلحة بمواجهة الغزو البربري القاتل عبر تدعيم الجبهات الداخلية وعبر قرارات جريئة تعيد الحسبان لقرارات مؤلمة ظالمة خصخصت بخجل الكثير من القطاعات وإن لم تخصخصها أفقدتها فاعليتها عبر منع التسعير الاداري أو رفع الأسعار أو جعلها تابعة لسلع التجار أو عبر بث الفساد بمؤسسات التعليم و الصحة و عبراللعب بالأسعار و بالدولار , لا عدالة بأي بلد لا تسيطر الحكومة على قراراته الاقتصادية لتمنع الاحتكار ولتمنع الخروج عن القانون في أي زمان , ولا عدالة ببلد لا تكون الكفاءة معيار التعيينات و يحوي قوانيين تحيط وتكافح الفساد ولا عدالة من دون قوة حازمة حاسمة ضابطة متابعة مراقبة ولا عدالة بمجتمع اصحابها نيام مبتسمين لسالبي الوطن والأمان , إن الانقياد وراء غربان قبلوا أن يكونوا ادوات لأي مشروع خارجي وعدم البوح بما واجب فعله لن يعيد العدالة وإن لم تعود فلا إمكانية للعودة القوية المأمولة لشعب لا ييأس ولا يخنع إن لم تتضافر جهود جميع الشرفاء من أي ايديولوجية سواءاً أكانت رأسمالية أو اشتراكية أو قطاع خاص شريف وطني أو عروبية فلا عودة لما كنا عليه وإن شربنا نحن كأس السم الذي لم يقتلنا وسنحيا بعد فقدان سمه لفعاليته فإن هذا الكأس سيشرب من أدوات البرغماتية الغربية ولا مصلحة لكل حملة الفكر الانساني الأممي العروبي بشربه فسورية المنيعة الوديعة هشمت من سمهم فكيف من بيوتهم من رمال , إن لم تتضامن قوى الحق و القيم و الأخلاق فشر الليبرالية الأمريكية سيحطم الجميع , وإن لم تكرس هذه القيم و الأخلاقيات لتسود العدالة فلن ير مشروعهم النور, العدالة بأوطاننا عدوة للأمبريالية و العودة لها هو الصراع الحقيقي و المواجهة الصحيحة و المقاومة الفعلية وفق مقولة لا تغلق جميع نوافذك فقد تموت من النجاسة ولا تفتحها امام الرياح فقد تقتلعك من أرضك , عندما نسينا قضايانا التحررية و دخلنا بمتاهات اللعب بمصير شعوبنا وخاصة الأراضي المحتلة كرسنا فقدان البوصلة و عندما نعيد العدالة نعيد قوتنا لنعيد هذه القضايا مقدمة لتحررنا القادم فلا حرية لشعب مسلوبة حقوقه وأراضيه و ثرواته ولا عدالة بوجود قوى متصهينة سالبة للحقوق و للديمقراطية و للعدالة ومن يجعل العدالة عنوان بشعب عميق متجذر مالك للعلوم و المعارف سيكسب الرهان و سيبصر النور أمام نفق الظلام ,الامال معقودة لنعيد العدالة المفقودة.
سيريا ديلي نيوز - الدكتور علي ديب
2016-06-21 21:21:30