لم يؤثر انخفاض سعر الصرف في ارتفاع أسعار السلع مع أنه كان الحجة الأساسية للتجار عند قيامهم بمضاعفة أسعارها دون مراعاة ظروف المواطن المعيشية وأحواله المتردية، ليأتي شهر رمضان الكريم وسط موجة غلاء غير مسبوقة زادت أعباء المواطن وهمومه خاصة أن الأجور الشهرية لم تعد تكفي لشراء حاجيات الأسرة الأساسية لعشرة أيام من الشهر، وسط اكتفاء المعنيين وخاصة وزارة التجارة الداخلية بإجراءات تقليدية عادية لا تتناسب مع أزمة الغلاء التي باتت تهدد مصير كل أسرة سوريّة مع الاستمرار برفع العصا أمام التجار المخالفين دون أي إجراء رادع يمنع جشعهم ورغبتهم بتحقيق أرباح كبيرة على حساب المواطن.
الوزارة التي ترفع عالياً اسم "حماية المستهلك" استفاقت متأخرة خلال الأسبوع الماضي، وهذا جيد، فأن تصحو متأخراً خيرٌ من ألا تصحو أبداً، حيث أصدر الوزير جمال شاهين قراراً مهماً يقضي بالحجر على البضاعة فوراً بالنسبة للمستوردين والمنتجين وتجار الجملة ونصف الجملة للمواد والسلع الاستهلاكية الأساسية عند احتكارها أو الامتناع عن البيع أو عدم تداول الفواتير النظامية، لكن الوزارة التي على ما يبدو ألفت تقصيرها أكثر مما ألفناه في حق المواطن عبر عدم قدرتها على ضبط وكبح جشع التجار أبت إلا أن تكمل فرحتها وفرحتنا بإنجازها اليتيم عبر اتخاذها هذا القرار الجدي والجريء، الذي يهدد برفع العصا الغليظة بحق التجار المخالفين ويضع حداً لهم، إذا سارعت بعد إصداره بيومين فقط إلى تعطيله عبر التوجيه بعدم تطبيقه ريثما يتم دراسة آليات تنفيذه جيداً والذريعة دوماً الخوف من ردة فعل التجار وذلك عبر سحب السلع من السوق واحتكارها، فالمهم برأيها توفير المادة أكثر من سعرها، وهنا يحق لنا التساؤل لماذا تراجعت وزارة التجارة الداخلية في تنفيذ قرارها المهم الذي إن طبق سيكون أداة ردع فعلية أمام التجار كون بضاعتهم ستصادر فوراً عند الاحتكار أو الامتناع عن البيع أو عدم تداول فواتير نظامية؟، ومَن ضغط على الوزارة من أجل التريث في تطبيق قرار سيكون له انعكاس مهم على المواطن عبر تخفيض الأسعار وضبط السوق؟، وهل يمكن اعتبار أن التعطيل المؤقت هو وقوف في صف التجار ضد المستهلك الذي تحمل راية الدفاع عن حقوقه؟.
أسئلة نضعها برسم وزير التجارة الداخلية علّ المواطن يستوضح مبرراته في تأخير تنفيذ قرار أحوج ما نكون له الآن لضبط وتيرة ارتفاع الأسعار وخاصة خلال شهر رمضان بشكل يضمن للأسرة توسيع قدرتها الشرائية بما يسمح لها أن تمارس عادات الشهر الفضيل ولو بالحد الأدنى بعد غلاء جنوني أطاح بكل التوقعات.
سيريا ديلي نيوز - رحاب الإبراهيم
2016-06-15 21:49:08