رغم كل المسوّغات التي تقدمها الحكومة عن تخفيض الأسعار لبعض المواد والسلع إلا أن ما يجري في السوق السورية من ارتفاع للأسعار التي وصلت إلى حدود جنونية على مختلف السلع والمواد الاستهلاكية أمر بات لا يحتمل… ويحمل معه تساؤلات مبهمة في ظل ميزانية المستهلك ذي الدخل المنخفض والمتوسط العام للرواتب التي تعجز عن تلبية الطلب.. اليوم وبعد أكثر من عشرة أيام على وعود الحكومة بتخفيض الأسعار لا يزال المستهلك في استهجان من هذا الغلاء فبين السوق وتصريحات المسؤولين فارق كبير.
«الوطن» ومن باب التواصل طرحت هذه المسألة على الباحث والدكتور نضال طالب الذي أكد أنه في ظل الأزمة الحالية في سورية وارتفاع مستوى الأسعار ومعدل البطالة وانخفاض القوة الشرائية في السوق، تعد الظروف المعيشية التي يمرّ بها المواطن السـوري الأكثر سوءاً على الإطلاق. وإذا ما نظرنا إلى خصوصية شهر رمضان الكريم وقيام معظم الأسر بإنفاق مالي يتجاوز متوسط الإنفاق في الأشهر الأخرى بكثير وخصوصاً على الغذاء. حيث تشير الأرقام والإحصائيات وفق آخر مسح أجراه المكتب المركزي للإحصاء في عام 2010 لإنفاق الأسرة، وكان قدّر متوسط إنفاق الأسرة السـورية شهرياً في حينه بحوالى 30.900 ألف ليرة سورية، منها نسبة (38%) قيمة الإنفاق شهرياً على المواد الغذائية اللازمة لأسرة مكونة من خمسة أشخاص وتعادل نحو (11700) ليرة سورية، ويعد هذا الرقم في سورية من أخفض الدول مقارنة مع دول العالم عام 2010، لافتا إلى أنه وبالمقارنة مع أسعار اليوم وما تعيشه البلاد من معدلات تضخم وانخفاض في قيمة العملة المحلية نلاحظ أننا وضمن نسبة إنفاق الأسرة نفسها على الغذاء التي تبناها المكتب المركزي للإحصاء في بياناته لعام 2010 نجد أن الأسرة السورية المكونة من خمسة أشخاص تحتاج ما يزيد على /100/ ألف ليرة سورية للإنفاق على الغذاء فقط من دون الحديث عن حاجاتها الأخرى في مجال السكن والمواصلات والكساء وغيره.
ومن جهة أخرى رأى طالب أنه إذا ما اعتمدنا وجبتي الإفطار والسحور للأسرة السورية وحاجة أفراد الأسرة يومياً من السعرات الحرارية بحسب التصنيف العالمي والتي تعتمد على عوامل منها السنّ وحجم الجسم والطول والجنس ونمط الحياة والحالة الصحية كلّها، والمقدرة وسطياً بـحوالى (2400) حريرة يومياً تتوافر بحسب التالي:
الخبز /500/ غرام – البيض /50/ غراماً – الجبن أو الألبان /25/ غراماً – اللحوم /75/ غراماً – الخضر /250/ غراماً – زيوت وأرز / 70/ غراماً – الفواكه / 200/ غرام – السكريات / 112/ غراماً
ونحتاج مبلغ (625) ليرة سورية يومياً لكي نحقق تغذية سليمة للفرد وفقاً للتصنيف العالمي، مع الإشارة إلى أنه لم تؤخذ بعين الاعتبار في الحسابات أعلاه المغالاة أو الترفيه في الإنفاق، فعلى سبيل المثال لم نتطرق للإنفاق على الخبز السياحي، واللحوم هي لأسعار وسطية بين الفروج البالغة قيمة الكيلو غرام منه وسطياً 1230 ليرة سورية، ولحم العجل بـ3300 ليرة سورية، ولحم الغنم بـ5500 ليرة سورية، ولوسطي أسعار الخضر بـ150 ليرة سورية، ووسطي أسعار الفواكه 240 ليرة سورية، وبذلك تكون الحاجة شهرياً للفرد الواحد (18750) ليرة سورية، ولأسرة مكونة من خمسة أشخاص تحتاج نحو (94000) ليرة سورية شهرياً فقط فيما يخص الغذاء السليم لهذه الأسرة، وإذا ما أضفنا قيمة مشروبات (6000) ليرة سورية ثمن شاي وبن وسكر تصبح قيمة الإنفاق شهرياً على الأغذية والمشروبات اللازمة لأسرة مكونة من خمسة أشخاص تزيد على (100000) ليرة سورية، ولم يؤخذ بعين الاعتبار الإنفاق على مشروبات غازية أو تبغ أو غيره، حتى لم يؤخذ بالاعتبار اضطرار بعض العائلات لشراء مياه الشرب أو حاجتها لمياه التنظيف في بعض الأماكن.
وأشار طالب إلى أنه وفي ضوء هذه الظروف تسعى الأسرة السورية بكامل طاقاتها لتحافظ على طقوس الشهر الكريم من جهة وإعادة ترتيب أولوياتها في الإنفاق بحسب دخلها المحدود وميزانيتها من جهة أخرى الأمر الذي خلق تغيراً في العادات الاستهلاكية للمواطن السوري فهناك شريحة كبيرة باتت في ظل دخلها المحدود وانخفاض عدد المعيلين لديها وبسبب الارتفاع الكبير في الأسعار أمام اختصار العديد من أساسيات التغذية لديها واكتفت بالحدود الدنيا منها.
سيريا ديلي نيوز
2016-06-09 21:05:46