أجبر مصرف باركليز البريطاني الثري السوري الأصل وفيق سعيد على إغلاق حساباته الشخصية والخاصة بشركاته ومؤسساته الخيرية من دون تبرير، لذا يعتزم سعيد تقديم شكوى بحقه.

ينوي وفيق سعيد، الملياردير الوسيط في سوق السلاح والمعروف بمشاريعه الخيرية، مقاضاة مصرف “باركليز” الذي أجبره على إغلاق حساباته الشخصية وحسابات جمعياته الخيرية ومشاريعه التجارية. فسعيد، الذين فر من سورية في عام 1963 يقول إن باركليز أعلمه في كانون الأول (ديسمبر) الماضي بأنه “عميل غير مرغوب فيه”، متهمًا المصرف البريطاني باستخدامه كبش فداء في سعيه إلى تلميع صورته.

تقديم شكوى

ونقلت «ذا غارديان» البريطانية عن شركة بيل بوتينغر للعلاقات العامة، التي يديرها اللورد بيل، المستشار السابق لرئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر، بيانًا بالنيابة عن سعيد الجمعة، قالت فيه: “نصح كبار محامي الشركة سعيد بتقديم شكوى ضد بنك باركليز”.

يمكن إدراج هذه الشكوى في إطار قانون حماية البيانات، طالما أن المصرف رفض الافصاح لسعيد عن الأسباب التي دفعته إلى إجباره على إغلاق حساباته.

أما باركليز فأعلن من جهته: “لا نعلق في العادة على هذه المسائل بسبب السرية المصرفية التي يتمتع بها عملاؤنا، كما نعامل كل قضية مستقلة بنفسها”.

على سعيد، الذي تتبرع أسرته لحزب المحافظين، أن يعثر على مصرف جديد لأموال جمعيته الخيرية “مؤسسة سعيد”، التي يقع مقرها قرب قصر باكنغهام. وفقًا لموقعها الالكتروني، تساعد هذه المؤسسة الأطفال والشباب ذوي الحاجات الخاصة في فلسطين ولبنان والأردن، وتدعم كلية سعيد لإدارة الأعمال في جامعة أكسفورد. والجدير بالذكر أن السير مايكل بيت، السكرتير الخاص السابق لأمير ويلز، عضو في مجلس أمناء المؤسسة.

صاحب “اليمامة”

يُعرف عن سعيد (76 عامًا) أنه أدى دورًا مميزًا في إتمام صفقة “اليمامة”، وهي صفقة سلاح بين المملكة العربية السعودية وبريطانيا في عام 1985، تعدّ الأكبر في التاريخ. في ذلك العام، بدأ مكتب مكافحة جرائم الاحتيال في المملكة المتحدة تحقيقًا دقيقًا في مزاعم تقول إن شركة BAE البريطانية ددفعت رشاوى للفوز بالعقود المربحة التي ضمتها الصفقة، إلا أن رئيس الوزراء البريطاني في حينها، توني بلير، تدخل وأوقف التحقيق.

يستقر سعيد اليوم في باريس مع زوجته روزماري المولودة في بريطانيا، ومع ولديه، وإليها نقل حساباته الشخصية.

وقال بيان بيل بوتينغر: “على الرغم من الاجتماعات رفيعة المستوى والعديد من طلبات، الرسمية وغير الرسمية، لم يتلق السيد سعيد أي سبب أو مبرر قانوني لقرار المصرف. في الواقع، قال مسؤولون في المصرف لمبعوثه إنه إذا كان لشخص ما عنوان في البرازيل، على سبيل المثال، فالمصرف سيغلق حسابه. ويبدو أن المصرف أراد تلميع صورته، فكان سعيد وشركاته كبش الفداء. ويتمتع سعيد بعلاقات ممتازة بعدد من كبرى المصارف العالمية، ولم يعترض أي منها على مصادر ثروته”.

 

غرامات.. تبرعات

أغلب الظن في هذه المسألة أن باركليز خشي من تعذر نيله رضا ناظمي القطاع المصرفي البريطاني بتدابيره لمكافحة غسل الأموال وحدها، خصوصًا أنه دفع في العام الماضي للسلطات المالية غرامة قدرها 72 مليون جنيه استرليني، بعدما أدين بأن إجراءاته لا تمنع غسل الأموال أو تمويل الإرهاب.

قرر سعيد اتخاذ الخطوات الاجرائية المتاحة له “لضمان حقوق جمعياته الخيرية، وتجنب وقوعها في أي ملأزق مالي نتيجة إجراءات باركليز، وآسف كثيرًا للسلوك غير العقلاني وغير المسؤول الصادر عن المصرف”، كما قال في بيان شخصي، مضيفًا أن مؤسساته الخيرية، التي تحظى بدعم كامل من المفوضية العامة للأعمال الخيرية، تتبرع بنحو 7 ملايين جنيه استرليني للمملكة المتحدة ولصالح قضايا خارجية.

وقالت جامعة أوكسفورد إن “مالية” كلية إدارة الأعمال “آمنة تمامًا”، وهذا ما لم يعلق عليه أي مصدر في مؤسسة سعيد.

تشدد في الأنظمة

يتشدد ناظمو القطاع المصرفي البريطاني في مكافحة غسل الأموال. ففي العام الماضي، تلقى مصرف HSBC انتقادات لاذعة بسبب إغلاق حسابات خاصة بجمعيات خيرية، وحذر رئيس مجلس إدارته، دوغلاس فلينت من أن خطر الغرامات هو ما يدفع البنوك إلى مثل هذه القرارات، تجنبًا لأي مخاطرة.

قال آشيم سينغ، مدير السياسة العامة في مجموعة ACEVO لأصحاب المؤسسات الخيرية، انه سيوجه كتابًا إلى مصرف باركليز. أضاف: “أضمن طريقة لضمان الاحتيال أو النشاط الإرهابي الأسوأ هو إجبار المنظمات الإنسانية على الاحتفاظ بنقودها التي يمكن أن تختلسه قوى ظلامية تستغل أعمال الشغب في مناطق النزاع”.

وتابع سينغ: “ربما تضرّ المصارف أكثر مما تنفع بتخليها عن تقديم الخدمات المالية الأساسية. نعرف أن لكل حالة وضعها الخاص، لكننا سنوجه كتابًا إلى رئيس مصرف باركليز للحصول على تأكيدات بأن مثل هذه القرارات تُتخذ بعد دراسة صارمة ونزيهة، لا يرقى إليها الشك”.

وقالت جامعة أكسفورد إن كلية سعيد لإدارة الأعمال قسم أكاديمي في جامعة أكسفورد، يستمد تمويله من مصادر عديدة، تشمل تمويل البحوث والرسوم التي يدفعها الطلاب، “واليوم، توفر مؤسسة سعيد المنح الخيرية لدعم مجموعة من المبادرات لتحقيق أهداف الكلية الإستراتيجية، بما في ذلك المنح الدراسية للطلاب، وجوائز الابتكار في التدريس، ونحن ممتنون للمؤسسة لدعمها، ونتطلع إلى استمرار هذا التعاون”.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات