سيريا ديلي نيوز- د.فائز الصايغ
في الوقت الذي يعاد فيه تشكيل المشهد السياسي في منطقة الشرق الأوسط على نحو غير مسبوق وبخاصة إزاء مسألة التفرّد الأميركي.. ومن ثم الدخول الروسي اللاحق والانتصارات التي يحققها الجيش السوري على مختلف الجبهات، وكذلك إزاء خروج إيران من دائرة العقوبات مع الاحتفاظ بالخيار النووي السلمي.
في هذا الوقت، وبدلاً من استثمار دول المنطقة للعوامل آنفة الذكر وتوظيفها لمصلحة شعوب المنطقة العربية أولاً. والإسلامية ثانياً. تفتعل السعودية الصدام مع إيران والتورط في اليمن وتعميق تورطها مع سورية ومساندة الإرهاب فيها والمجموعات المرتبطة بها والتي لا تخفي أهدافها لتدمير سورية ومنعها أو عرقلة دورها في دعم المقاومة ومواجهة المشروع الصهيو أميركي المزمن والمستحدث..
ومع أن التصعيد السعودي الراهن مع إيران قد لا يتطور إلى مواجهة عسكرية على الرغم من حماقة صاحب القرار الفعلي في السعودية وحكمة صاحب القرار الإيراني، إلا أن حرباً باردة طويلة الأمد بدأت ولو على المستوى الإقليمي بما يعطّل دور الدولتين ويحاول إخراجهما من دورهما أو تعاونهما لتثبيت الأمن والاستقرار في المنطقة.
الحرب الباردة أو الحامية إذا صح التعبير بدأت فعلاً بكل المعايير والمقاييس بما يُدخل المنطقة في متاهات جديدة ستسهم في تعقيد الأمور وتصعيد الأوضاع بحيث يُدخل السعوديون المنطقة في صراع مفتعل في محاولة لتطويق الدور الإيراني المنتظر بعد إنهاء العقوبات الدولية وإسراع الدول للتقرب من إيران وإعادة ترميم العلاقات معها الذي يعني بالضرورة تحجيم العلاقات مع السعودية التي باتت لا تملك المال اللازم للورطات السعودية ولا النفط اللازم لتحقيق المردود المالي الذي بددته الحرب من جهة، والتسليح من جهة ثانية.
السعودية اليوم هي أضعف من أي يوم مضى، وهي وإن عرفت كيف تبدأ حرب اليمن فلن تتمكن من معرفة نهايتها، وهي تتمنى لو تجتهد دول العالم أو أي دولة مؤثرة فيه وتجد لها مخرجاً من مخالب اليمنيين الذين يريدون كما يبدو استنزاف السعودية وتمريغ أنف المال العنجهي بالتراب الوطني اليمني، ويبدو أن حقائق الأرض تشير إلى هذا التمريغ بوضوح.
فقدت السعودية دورها في المنطقة وكذلك نفوذها، فهي في عرف العالم كله راعية للإرهاب وصاحبة مرجعيات الجهل والذبح والتقطيع والبذخ العائلي الفاحش وبين ظهرانيها أفقر شعب وخاصة في المناطق المهمشة عمداً واستهدافاً وتجويعاً.
حتى الهيمنة على دول الخليج باتت شكلاً بلا مضمون، وهي باهتة حتى على المستوى الرسمي ومرفوضة على المستوى الشعبي في دول الخليج كافة، وأصبح الخليجيون يتلمسون هذا الواقع الرديء الذي أوصلتهم إليه السعودية، ويتحسسون مستقبل أجيالهم ويتململون من الإملاءات السعودية غير المقنعة وغير المبررة، وستبدو الصورة أوضح كلما غرقت السعودية في اليمن وسورية، وكلما انخفض سعر البترول أكثر، الكل بات مهدداً وهم يتطلعون إلى مستقبل بلدانهم وشعوبهم فضلاً عن أن عقلاء الخليج بدؤوا يدركون أن الحماقة السعودية صبيانية صاحب القرار ستدمر بلدانهم، وتهدد ما بنوه خلال سنوات الزهو النفطي العابرة..
أليس مدعاة للسؤال- لماذا لم يتحرك العالم لوقف حرب عبثية في اليمن، ولماذا لا يريد أصحاب القرار الأممي إنقاذ السعودية من نفسها وورطتها؟
ولماذا.. ولماذا.. أسئلة كثيرة بعضها أجبت عنها في المقال.. والبعض الآخر فيما بعد.. لكن الصورة تم تظهيرها على نحو بدأ العالم كله يحمّل السعودية وقادتها مسؤولية ولادة الإرهاب الكوني ومساندته وتدريبه والإنفاق عليه.
ولهذا ألا يبدو تجاهل ورطة السعودية نوعاً من أنواع العقاب..؟!
سيريا ديلي نيوز
2016-02-03 15:18:00