زمن الكراهية والبغضاء والإرهاب، زمن الحرب، زمننا اليومَ، باختصار، يبعد كل واحد منا عن التفكير في الحياة، بما هي مرصودة للمحبة والمودة، أي للحب والعشق والهوى، قد تكون الحرب أبشع ما يمكن أن يمر به الإنسان، القتل، الدمار، الذكريات التي تدفن تحت أنقاض من الأحجار سقطت بفعل  تساقط القذائف من الهواء.

رائحة الموت التي تنتشر في المدينة كنار في الهشيم، أي حياة يمكنك أن تعيشها في تلك الأجواء وأي مشاعر يمكنها أن تنتابك وسطها، فقط الحب.. لا يفنى وسط الحرب ولا يتوه ولا يضيع، فقط الحب ..يبقى يعيش بداخل الإنسان وإن سقطت الدنيا كلها من حوله،  فكيف للحياة أن تكون حياة بدون محبة؟ وكيف لها أن تدوم بدون عشق وحب؟

   رغم الحرب الحب موجود ..

هذا ما أثبته المجند يوسف من الجيش العربي السوري عندما قرر أن يتجاوز وعروسه أجواء الدمار والدم في محافظة حمص السورية، ليأخذا معًا صور زفافهما وخلفهما أنقاضها، ما تبقى من مدينة كانت يومًا مليئة بالحياة.

يقول يوسف ..بين الحب والحرب .. الكثير من التشابهات،  في كلاهما نضحي بالكثير من أنفسنا، في كلاهما ، المكائد مُباحةٌ من أجل النصر والفوز.. لا بد أن ينتصر الطرف الأكثر جهداً وصبراً وثقة

ويتابع المجند في بعض الأحيان , يكون الحب أقسى من الحرب, وأحياناً نشعر أن الحرب أكثر وضوحاً وتستحق تضحيةً أكثر من الحب، وبعضهم يخاف الحب أكثر من الحرب ويخافه في زمن الحرب ..

وعلقت سناء عروس يوسف عن الحب في سوريا، بأنه أصبح قاسياً، فكل شبانها العشاق ،  باتوا جنوداً على جبهاتها حملوا بنادق صاخبة، بدلاً من ورود هادئة، ولكن و الرغم قسوة الحرب لدينا الرغبة الكبيرة في الاستمرار والحب علنا ننسى الأحزان.

قصتي ليست الوحيدة ..

ففي زمن الحرب الدامية تغيرت قصص الحب وتبدلت فالكثير من الفتيات انكسرت قلوبهم، انتظروا .. وانتظروا لعلى الفرج قريب، ولكن الحبيب عاد محمل على عرشه عريساً، تروي ليندا قصتها قائلة: أعمل مراسلة حربية وتعرفت على خطيبي ثائر هو ضابط في الجيش العربي السوري بداية الحرب الطاغية، عندما كنت أصور أحدى التقارير، لم يتردد أبداً بطلبي للزواج رغم أن الأوضاع سيئة جداً والمعيشة صعبة وبعد عام من علاقتنا استشهد ثائر في منطقة القصير التابعة لحمص.

تتابع ليندا قائلة : الصدمة كانت كبيرة فحبيبي لا أستطيع أن أراه بعد اليوم فالفراق كان سيد الموقف، بألمٍ لا يضاهيه ألم ،  وقسوة حياة لم تمنحهما أبسط ما رغبت به , ولكن الحرب أشدُ وقعاً، إلى جانب الدمار والحرمان قُتل هذا الحب , لم يبقى إلا صورته في الذاكرة التي أعيش تفاصيلها كل يوم.

  تضيف ليندا قصتي ليست الأولى ولا الأخيرة في سوريا فالكثير من الفتيات كانت الحرب قاسية عليهم فقدوا المحبوب وبات الحب والعشق الحلم الجميل الذي كانوا يعاش حيث لا يعرف أحد هل سيتحقق ام لا وهذا كله بسبب الحرب التي قتلت الزهور قبل تفتحها وشاء القدر.

الحواجز التي تكاثرت في زمن الحرب، غيّبت الكثير من عاداتها وتقاليدها وكل ذلك " فدا الوطن " وبالمقابل على الحب أن يستمر ويقام ضمن الوقائع الجديدة المفروضة فالكثير من العشاق استطاعوا أن يبلغوا مرادهم وكونوا عائلة، وأخرون لم يصلوا وكانت الظروف ضدهم لبلوغ المراد .

على الأمل نعيش ..

وعلى الرغم من الحرب المستمرة في سورية منذ خمس أعوام، التي سرقت الكثير من بهجة الناس وهنائهم، يؤكد الشاب (أحمد) لوكالة " سبوتنيك" الحب من شأنه أن يلهينا للحظات عن الماسأة التي تعترضنا كل يوم

ويقول (أحمد) وهو ملازم أول مجند  احتياط في الجيش العربي السوري: لا حل للأزمة من دون حب، صحيح أن الحرب خانت المحبين والعشاق ولكن نحن كشباب سوريين لا نخون وطننا، رغم معرفتي أن الموت يرافقني في المعركة.

يتابع أحمد أخشى من عدم قدرتي للوفاء بالوعد الذي قطعته لحبيبتي التي تنظرني رافضة الزواج من غيري لأنني غير قادر على بناء بيتاً قد يُهدم في أي لحظة،  وليس بإمكاني أن أقيم عرساً على أصوات الرصاص والقذائف ورائحة الدم  وأرواح رفاقي الذين قضوا في هذه الحرب، حتى أنني لا أستطيع رؤيتها متى شئت .. و سماع صوتها، بات من المعجزات، ففي الحرب تُقطع الاتصالات، ولكن ما زلت أستيقظ على أمل العودة يوماً لحبيبتي رغم وجودي على جبهات القتال  

 

 

 

 

 

 

 

.

سيرياديلي نيوز - نور ملحم


التعليقات