صبحت مدينة السادس من أكتوبر التابعة لمحافظة الجيزة، والتي تقع على بعد 38 كم من قلب القاهرة، قبلةً للعرب الوافدين إلى مصر، الذين لجأوا إليها بعدما اشتدت الصراعات الداخلية في دولهم.

فعلى الرغم من أن منطقة السادس من أكتوبر اشتهرت بقلة الكثافة السكانية وعزوف المواطنين عن السكن بها نظراً لقلة الخدمات العامة فيها، فقد كان يراها المصريون "صحراء"، إلا أن هذه النظرة بدأت تتغير تدريجياً في السنوات القليلة الماضية، خصوصاً

بعد توافد مجموعات من المواطنين العرب إلى هذه المنطقة.

وبالرغم من تعدد الجنسيات العربية في المدينة، إلا أن السوريين كانت لهمة بصمة خاصة بها، حيث إنه مع تزايد عدد سكان الأسر السورية استطاعوا أن يجعلوا منها منطقة حيوية ذات طابع سوري خاص.

فإذا تجولت بمنطقة الحي الثاني بالمدينة، ستجد كل ما تشاء من مطاعم ومقاهٍ ومحلات للملابس ومخابز، وغيرها من الخدمات ذات الطابع السوري الخالص، حتى أطلق عليها المواطنون المصريون "حي دمشق"، بعدما نجح السوريون في تنشيط هذه المنطقة

حتى أصبحت مكاناً لنزهة المصريين.

ظروف ملائمة
آلاء فتاة سورية تبلغ من العمر 18 عاماً، استطاعت هي وأسرتها أن تفرّ من نيران الصراعات داخل سوريا وتصل إلى مصر، ورغم أنها تركت جامعتها لكنها لم تفقد الأمل، فاستطاعت أن تعمل في إحدى المؤسسات الخاصة بإنقاذ الطفولة وتعمل على إعادة تأهيل الأطفال اللاجئين.

قالت آلاء لـ"هافينغتون بوست عربي" إن أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل المواطنين السوريين يلجأون إلى مصر هو تقارب العادات والتقاليد الشرقية إلى جانب اللغة، وأضافت أن هناك أسراً وعائلات كاملة سورية استطاعت أن تأتي إلى مصر، وتمركز

أغلبهم بالحي الثاني في مدينة 6 أكتوبر، ومع تزايد تلك الأسر التي استطاع رجالها أن يستغلوا ما يمتلكون من حرف مهنية في خدمة أنفسهم والمواطنين، فقد نشأ الحي الذي أطلق عليه فيما بعد "حي دمشق".

وأضافت أن الرجال السوريين يحبون العمل جداً، ولا يوجد أحد لا يمتلك مهنة يُبدع فيها، وهذا ما جعلهم يستغلون تلك المهن في العمل بمصر حتى يستطيعوا توفير أموال للإقامة ولظروف المعيشة.

نزار شاب في العقد الثاني من عمره، صاحب محل حلويات سورية بحي دمشق، استطاع أن يهرب من سوريا إلى مصر، كما استطاع أن يقدم أشهى الحلويات الشرقية ذات البصمة السورية بمنطقة السادس من أكتوبر، وأكد نزار أنه جاء إلى مصر بمفرده دون

أسرته التي مازالت تقيم بسوريا، وأن مأكولاته التي يقدمها أثارت إعجاب المصريين الذين اعتادوا التوافد إلى محله.

وأكد أن طريقة تعامل السوريين في البيع تختلف إلى حد ما عن المصريين، فالسوريون يرحبون بالبائع بابتسامة لطيفة وكلمة ترحيبية، مؤكداً أن المعاملة الحسنة أهم شيء، وأنها تجعل الزبائن يعودون كثيراً إلى المكان ذاته، فيما أبدى نزار رغبته في أن يعود إلى بلاده وأسرته مرة أخرى بعد أن تهدأ الأوضاع.

أبوغياث صاحب مقهى في حي دمشق، أوضح مدى راحته وحبه لمقهاه الذي يجمع العديد من المواطنين وعلى رأسهم المصريون، مشيراً إلى أن تعامل المواطنين المصريين معهم جزء لا ينكر في نجاح مشروعاتهم، مؤكداً أن هناك بعض المضايقات الأمنية

ولكن سرعان ما تنتهي بعد المساعدة من بعض المصريين.

وأشار إلى أنه في بادئ الأمر كان يرفض فكرة إقامة أي مشروع داخل مصر تخوّفاً من المضايقات، ولكن مع انتشار مشروعات السوريين ونجاحها تشجّع في إقامة مشروعه، حيث نجح في تقديم بعض المشروبات السورية للمواطنين والتي نالت إعجاب العديدين منهم.

وأوضح أنه بالرغم من انتقال الأسر السورية إلى مصر إلا أنها مازالت محافظة على عاداتها وتقاليدها وممارسات حياتهم العائلية، مؤكداً أن أغلب الأسر السورية بحي دمشق محافظة على الترابط والزيارات المتبادلة.

المصدر: هافينغتون بوست عربي

سيريا ديلي نيوز


التعليقات