لم يكن يخطر على بال أي موطن وأي اقتصادي مهما كان متشائماً أن تأتي الأخطار على المستهلك من مواد تموينية وسلع أساسية وخضار وفواكه ولحوم وبيض وغير ذلك, ولا يزال السوق بعارضيه وطالبيه مشدوداً للقفزات الكبرى التي حلقت بها الاسعار والتي تهم المستهلك, وقد تحولت معظم الحلول المطروحة بعيداً عن الواقع الصعب الذي يعيشه المستهلك بآلية السوق, وشاهدنا بعض تجار الأزمات تحاول اللعب من خلف ظهر الحكومة لتمرير الصفقات غير الشرعية.
وأمام هذا الواقع هل تفلح مؤسسات التدخل الايجابي الماضية بفتح صالاتها أمام المستهلكين والتوسع في العرض وقلة بالأسعار التي تدعمها الحكومة وتبيعها بسعر التكلفة وبفارق سعر واضح عن السوق المحلية.
تساؤلات ما زالت تطرح حول دور مؤسسات التدخل الايجابي والتي تعد أحد الأذرع الاساسية لعمل الحكومة بتأمين المستلزمات الاساسية للمواطن وبأسعار مناسبة قياساً لفوضى الاسواق وانفلات الاسعار, هل بالفعل لعبت دورها المناط بها وخاصة في ظل الارتفاع الكبير بالأسعار أم لا ..؟!.
جمود الصالات والمنافذ:
إن مواجهة ارتفاع الاسعار هي حالة اقتصادية تعتبر من أهم مؤشرات الاقتصاد في خدمة الانسانية وبالتالي الاسعار كتأثير اجتماعي مقترن تماماً بالأجور لأنه ينطلق من دخل المستهلك الذي لم يعد يصل إلى السعر المحدد للسلعة.
فبالرغم من سعي الحكومة والقطاع الاقتصادي الحثيث الى ضبط الاسواق وتعزيز دورها الايجابي باتجاه مراقبة الاسعار وجعلها ضمن حدودها المقبولة والتحكم بالأسعار وضبطها فالحديث هو نفسه ضعاف نفوس من التجار والبائعين واحتكار السلع وزيادة المواد التي تشهد إقبالاً كبيراً, فمن خلال التصريحات تطمئن مؤسسات التدخل الايجابي المستهلكين بالتدخل في السوق من خلال صالاتها ومنافذها المنتشرة بهدف تخفيف العبء على المستهلكين لجهة تامين المواد والسلع وبأقل من السوق فمن خلال جولة إلى مؤسسات التدخل الايجابي أوضح المواطن/ باسل خندرية/:
على الرغم من كثرة القرارات التي تتخذها الجهات المعنية بالتدخل الايجابي والتصريحات العديدة التي أطلقت حول الاسعار والسلع والاجراءات التي من شأنها ضبط السوق من خلال طرح السلع الاساسية والمواد التموينية عبر الصالات والمنافذ العامة وبأسعار مدروسة ومخططة, فها نحن يوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر لم نلحظ أي تدخل ايجابي من قبل هذه الصالات والمنافذ المنتشرة الذي جعل الاعباء تزيد والهموم تتزايد بعشوائية السوق المحلية, وعدم تدخل مؤسسات التدخل الايجابي بدليل أن الكثير من العائلات لا تدخل لهذه المؤسسات حتى الآن بشكل رسمي.
فأسعارها متقاربة جداً مع السوق المحلية ناهيك أن هذه المواد والسلع تكون خارج الصالات والمنافذ أكثر جودة, فكثيرة هي الأسباب التي ساهمت في جمود الصالات والمنافذ حيث امتد الجمود ليشمل الكثير من السلع لذلك فإن المواطن عزف عن الصالات.
مؤسسات التدخل الايجابي السورية ترفع أسعار المواد الغذائية30%
قامت مؤسسات التدخل الايجابي التابعة لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك برفع أسعار عدد من المواد الغذائية الاساسية بنسب وصلت إلى 30% وشمل الرفع المواد المستوردة عبر الخط الائتماني الايراني والتي طرحت في المؤسسات بأسعار مدعومة.
وشمل الرفع سعر السكر 30% وسعر لتر الزيت النباتي نحو20% وسعر السمنة النباتية بنسبة 10% كما تقرر رفع سعر رب البندورة والطون إضافة الى رفع أسعار جميع المواد المستجرة من التجار تماشياً مع رفع سعرها في الاسواق , لتدخل هذه المؤسسات في سباق رفع الاسعار, رغم أن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك أشار في أكثر من لقاء له مع التجار الى رفض رفع الاسعار بحجة رفع سعر الدولار وخاصة للمواد الموجودة في المستودعات, وهذا ما ينطبق تماماً على بضائع الخط الائتماني الموجودة منذ أشهر في مستودعات المؤسسات.
إن مؤسسات التدخل الايجابي العامة بنوعيتها الخدمية ذات الملكية العامة تشكل معاً فصيلاً هاماً ضمن الحركة العشوائية للسوق المحلية فهذه المؤسسات وكما أوضح غالبية المواطنين الذين التقيناهم بجولاتنا هي بحاجة الى تفعيل وإعادة صياغة بنائها التنظيمي بما يلبي حاجات المستهلكين وينسجم مع حجم التطور والمسؤولية خاصة في مثل هذه الظروف التي تمر بها البلد وبظل سوق محلية لا تحكمها ضوابط علماً أن مؤسسات التدخل عبر صالاتها ومنافذها قد تراجع أدائها وخفت وتيرتها بالرغم من التأكيدات على دعم هذه المؤسسات.
على حين المستهلك هو اللاعب الرئيسي الذي يلمس الانخفاضات.
/المواطن أبو صلاح/ قال:
لقد تعبنا من ارتفاعات الاسعار وكل يوم سعر جديد يطول هذه المادة وسعر آخر لتلك المادة تحت مسوغات أسعار الصرف وقلة المادة بمؤسسات الدولة فالأسعار مرتفعة أيضاً بينما في بعض الاسواق الشعبية قد نجد بعض أسعار المواد أقل مما هي في مؤسسات الدولة, أما أسعار اللحوم الحمراء فهي مرتفعة جداً, وحسب رأي أبو صلاح أنها تباع وفق أمزجة الباعة والجزارين, إلى ما هنالك من اسعار أخرى للسلع والمنتجات فكيف لي أن أشتري كيلو لحمة بسعر/3000 ل.س/...؟ يتساءل أين الرقابة وأين مؤسسات التدخل..؟.
نحتاج تدخلاً حقيقياً:
نعم لا بد من أن تتدخل مؤسسات التدخل الايجابي وبسرعة تدخلاً حقيقياً لا تدخلاً كلامياً, ويكون تدخلها بإعلان أسعار منطقية تراعي القوة الشرائية للمستهلك وتأخذ في الحسبان ارتفاعات أسعار القطاع الخاص وبذلك تحقق هدفها الاجتماعي الحمائي وتصل لرضا المستهلك وتقلل من حالات السمسرة والاحتكار وقد تحقق التوازن والاستقرار في الاسواق, لمؤسساتنا صالات ومراكز بيع عديدة ولديها كوادر من الموظفين ومستلزمات للأعمال كلها مقومات نجاح حقيقية للعب دور أكثر فعالية من دورها الحالي.
والفترة المستقبلية قد تشهد ارتفاعات أكثر لذا من الواجب أن تعيد حساباتها من جديد, وتضع نصب أعينها أولاً واخيراً, كسب المستهلك زبائن جدد وأن تكون المحور الاساسي للأسواق, لا أن تبقى تجاري تحركات وتلاعبات تجار الأزمات.
وللوقوف على تفاصيل آراء المستهلكين أوضحت المواطنة/ رنا علي/:
لا نجد أي تغييرات من قبل الازمة وحتى تاريخه وهذه الصالات تعمل وكأنه لا يوجد ظروف استثنائية بالقطر فهي تعمل وفقاً لخطة قديمة, وفي ظل الظروف الحالية لا بد لهذه المؤسسات من معطيات جديدة تتمثل في التدخل الايجابي الحقيقي لا أن تكون بمثابة دعاية للمؤسسة لتوجه المستهلكين للإقبال عليها, فالأسعار بشكل عام قريبة جداً من السوق والفارق بينهما بالليرات, فغالبية السلع المطروحة بالصالات قليلة الجودة ونفسها تباع بالأسواق بالأسعار نفسها وفي بعض الاحيان تباع بأقل, لذلك لا بد هذه المؤسسات أن تقدم الجودة وبأسعار مدروسة وحتماً يجب أن تكون أقل من السوق, فالتصريحات شيء والبيع عبر المنافذ والصالات شيء آخر.
لا بد للقائمين عليها من اتخاذ الاجراءات بالطلب من جميع الصالات العامة ببيع المواد الاساسية بسعر التكلفة من دون أرباح وتوسيع قائمة هذه المواد لا سيما تلك التي يزداد الطلب عليها لتشمل اللحوم بأنواعها والخضار والفواكه بأنواعها والحبوب والفروج والبيض, إضافة لتخفيض أسعار مواد المنظفات والزيوت والسمون والمعلبات والعصائر, وننوه بضرورة العمل على أن يتم فتح هذه الصالات طيلة اليوم كون هذه الصالات تغلق مع نهاية الدوام الرسمي.
لم تحقق رضا المستهلك:
للأسف الدور الاجتماعي لمؤسساتنا لا يزال غائباً فلا هي حققته ولاحققت الرضا من جانب الزبائن والاخوة المواطنين, والشكاوى الواردة من المواطنين كثيرة بشأن عدم تحقيق السعر المقبول في صالاتها ومراكز بيعها, وكل ما فعلته بيع بأسعار متقاربة جداً مع اسعار القطاع الخاص, وبالتالي لم يشعر المواطن بأي تغيير قد طرأ, وكأن هذه المؤسسات ذات هدف ربحي أولاً غير مهتمة بالدور الاجتماعي الحمائي هذا الدور الذي جاءت من أجله ولتحقيقه.
مؤسساتنا تمثل حكومتنا التي تحاول باستمرار تذليل كل الصعاب التي قد تواجه عمل هذه المؤسسات وتمدها بكل دعم لتأمين المواد والمستلزمات سواء أكانت من الاسواق المحلية أم الاستيراد من الخارج بتخصيص القطع اللازم لكل مؤسساتنا ولأسباب ما تحتاج خططاً أكثر مرونة وسهولة وتقوم بمكاشفة حقيقية لأسعارها وتقارنها مع اسعار السوق.
المواطنة/ سوزان حميشة/:
نحن كمستهلكين نقول أن هناك تراجع أداء الحركة في صالات ومنافذ المؤسسات ونؤكد الى أن أسباب التراجع تعود الى عدم توفر كافة وسائل ومستلزمات الحياة اليومية بكافة أنواعها وبمواصفات جيدة وبأسعار منخفضة مما كان له الأثر الكبير في تدني ارتباط المواطنين بهذه الصالات.
ونوهت بحديثها بأن الدوائر الحكومية تقوم بإصدار كرت شراء من مؤسسات الدولة ونحن كمواطنين نذهب الى تلك الصالات فيتم بيعنا مواد وسلع قليلة الجودة وبأسعار السوق وأحياناً تكون مرتفعة عن السوق, فلماذا هذا التصرف هل لأن كرت الشراء مقدم من الدولة حتى يأتي مدير الصالة أو منافذها ويعرض علينا مواد وسلع قديمة لا نلحظ بمواصفاتها ونوعها بالسوق المحلية والشعبية, ناهيك ومن خلال الكرت يقدم لنا مواد محددة وقليلة التنوع ونحن مضطرون لأن نأخذها, نتمنى الدعم الكامل لهذه الكروت التي تحق لنا الشراء من مؤسسات الدولة لذلك لا بد لمؤسسات التدخل بأن تفرض إيقاعها من جديد على حياتنا اليومية.
لا بد أن نكون واقعيين فالمواطن يلحظ خطط إنقاذية لتأمين السلع الاساسية وبأسعار مناسبة لدخله في ظل التقلبات بسعر الصرف والتي أدت الى ارتفاع كبير بالأسعار وتحكم بعض التجار بلقمة عيش المواطن وتحديد السعر الذي يناسب جيوبهم وخاصة مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وتحديداً المازوت والذي ترتفع معه مباشرة أكثر من 28 مادة اساسية تمس الحياة المعيشية اليومية للمواطن.
نخلص بالقول:
نأمل من خلال هذه المادة أن تعيد مؤسسات التدخل عهدها وتدعم الاسعار بشكل أفضل وأن يتوفر لديها السيولة المالية الكافية في ظل الظروف الحالية حتى تكون منافساً حقيقياً للسوق المحلية وأن تتعامل بمرونة كافية كما في القطاع الخاص بالعمل التجاري لتحقيق الطموح العام وطموح المستهلك لتأمين ريعية اقتصادية وتوازن سعري اجتماعي.
مما تقدم فإن أي نجاح يحتاج الى تضافر الجهود وبما ينسجم مع هذه المرحلة لنصل الى نتائج مرضية للجميع ومن هنا يبرر مفهوم التدخل الايجابي والذي لا بد من أن يعطي دوراً فعلي في تخفيض الاسعار والتوسع بالعرض الكافي للسلع والمواد الغذائية في هذه المؤسسات بظل وجود تجار محتكرين بالسوق المحلية لا يزالون يسيطرون على أسعار السوق لذا لا بد من التدخل الايجابي للحد من التلاعب والدخول بنظام اقتصادي مناسب في ضبط أسعار السوق.
وفي منطلق الأحوال لا بد لهذه المؤسسات أن تتوجه بخدماتها الى المستهلكين مباشرة وتكامل أدوارها بما ساعد على تحقيق أهدافها والخدمات المعلنة للمواطن.

سيرياديلي نيوز- الوحدة


التعليقات