لطالما تناول قائلون جملة "الشخص المناسب في المكان المناسب في أحاديثهم حينما لايكون شخص ما مناسب للمنصب الذي هو فيه .. و من المعروف أننا جيل تربى على أهمية العلم والتعليم، من دخول المدرسة حتى الجامعة، لما للشهادة الجامعية والعلمية بشكل عام من أهمية في تأمين فرصة العمل أو المنصب المناسب، الذي يؤمن المستقبل المطموح به على الأغلب .. لكن الواقع يكون دائما أقوى من الخيال، أو بالأحرى يكون غالب للطموح، فيتعب الطالب "س" ليحصل على شهادة جامعية و يبدأ بالبحث عن فرصة عمل "يحقق من خلالها طموحه" لكن و بطريقة ما يتم الالتفاف على كل المعايير و يحصل "ع" على فرصة العمل تلك دون أن أدنى جهد و حتى دون أن يكون حاصل على شهادة جامعية تؤهله ليحظى بهذا العمل وهذه الطريقة السحرية تدعى "الواسطة" . هذا ليس مجرد حبر على ورق، إنما واقع يؤرق حال الخريجين في سورية، فالبطالة في ازدياد، و الرشاوى و المصالح و "الواسطات" في ازدياد أكثر، و المحاولات للتنبؤ بواقع أفضل في انحسار .. مسابقات تقيمها إحدى الوزارات وتلغى فجأة من دون أي توضيحات، ومسابقات أخرى يتم الإعلان عنها فيتقدم الآلاف من الخريجين ينجح منهم المئات و لكن بعد التحري و البحث بين أسماء الناجحين يتم اكتشاف أسماء من عائلة واحدة ويتكرر ذلك لدرجة تشعر الخريج الغير مقبول باليأس من إيجاد فرصة عمل حتى وإن كانت دون مستوى التطلعات والطموح ولدرجة بات يقبل الخريج بأن يعمل بغير اختصاص دراسته لكي يؤمن لقمة عيشه في هذا الواقع الذي أصبح فيه راتب الموظف يعادل "4كيلو لحمة أو 5 كيلو كوسا" !!! في هذه الأزمة لازلنا نراكم الأزمات بحجة أننا نصنع الحل، لازلنا نهدر قمح البلاد "شبابها" و ندفع بهم للهجرة إلى بلاد تقدر إبداعهم ومؤسسات تثمن جهودهم ثم نتباكى على الأطلال و ننعتهم بالخونة الذين تركوا وطنهم في أزمته .

(أ.ع) رجل ثلاثيني لديه ثلاثة أطفال هو معيلهم الوحيد، درس الحقوق لكنه لم يستطع أن يكمل دراسته الجامعية لصعوبة وضعه المادي، تقدم للكثير من مسابقات التوظيف و آخرها كانت المسابقة التي أقامتها وزارة الثقافة حيث قال لسيريا ديلي نيوز: إن أسئلة الامتحان الكتابي شملت بين التاريخ والأدب والحضارة السورية القديمة وما إلى ذلك و إن أي شخص قارئ مثقف يستطيع أن يجيب عليها و لكن الواضح أن من لايملك دعما" من شخصيات لها اعتبارها لن يملك فرصة العمل هذه حتى بالأحلام فاللذين نجحوا بالمسابقة قلة منهم من نجح بتعبه الشخصي والباقي الله أعلم .!! مثال لمواطن سوري يعبر عن الكثير ممن خاضوا تجربة مسابقات التوظيف ولم ينجحوا أيضا". (م.ر) وهو طالب إعلام سنة رابعة أراد البحث عن فرصة عمل في إحدى الإذاعات التي نشرت إعلانات طلبت فيها مقدمي برامج ومحررين "بخبرة بسيطة"،حيث قال :في البداية كنت أمتلك الأمل بأنه قد يتم قبولي لكن بعد شهر من تقدمي إلى هذا العمل لم يعاود الاتصال بي أحد منهم لأعلم لاحقا" بأن صديقي عمل في ذات الإذاعة ولكن عن طريق "الواسطة" . باتت هذه الكلمة ترفع أناس وتدني أناس، لدرجة السخرية، و يتساءل هنا طلاب وخريجون ومواطنون يبحثون عن فرصة عمل براتب أقل مايقال عنه "محترم" مبتعدين فكريا" عن كلمة "ترفيه" فقد باتت شيء مستحيل في حياة الكثيرين من أبناء الطبقة المتوسطة و الأدنى منها ،، فكيف سننتهي من أزمتنا إذا كنا صانعين لها بكل ماللكلمة من معنى ؟ ولماذا لا يتم مسائلة كل وزير عما تنجزه وزارته في إطار التوظيف و نزاهة التفاصيل؟ لماذا تتغلغل المحسوبيات والواسطات في شرايين المؤسسات الحكومية والخاصة دون أدنى رقابة ؟؟ ولماذا لايتم دراسة كيفية استثمار مواهب وقدرات جيل الشباب بما ينمي ويطور البلد الذي شبع دمار البشر قبل الحجر؟؟ وإلى متى ستبقى كلمة الفصل لمن طالت أيديهم سرقة و تدمير هذا البلد تحت شعارات وطنية واهية لاتمت لضمائرهم بصلة ؟؟ خريجونا وجيل شبابنا هم القشة الوحيدة الباقية التي تمنع البلد من الغرق فعلينا أن نتمسك بها .. وختاما"، لربما قد نجد إجابات يوما" ما، حين نكون امتزجنا بثقافة الشخص المناسب في المكان المناسب .

سيرياديلي نيوز - خاص - رهام علي


التعليقات