سيريا ديلي نيوز- د.فائز الصايغ

كم من الأموال والوقت أهدرت الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية بحثاً عن "ثوار" سوريين معتدلين وفشلت باعترافات كبار المسؤولين فيها، ولم تستطع العثور حتى الآن سوى على حفنة صغيرة منهم تبددت قواهم مجرد دخولهم الأراضي السورية عبر ممر العبور التركي.
ما يعني أن رؤية الدولة العظمى التي تعبث في أمن واستقلال واستقرار الشعوب والدول لم تكن رؤية واضحة أو دقيقة أو حتى موضوعية.. وهذا ما جعل قرارات تصريحات المسؤولين الأميركيين ومنهم الرئيس أوباما شخصياً مشوشة ومتناقضة وغير واقعية وتنم عن جهل أو تجاهل للواقع السوري ولحقيقة ما يجري على الأرض.
عندما يخطئ الكبار في الحسابات ويتعامى المسؤولون عن الحقائق تسود الفوضى، وفي الفوضى يستثمر المعتدي وتتورّم قوى الشر والغباء خصوصاً عندما يتدخل المال السياسي المتخلف الذي يجد بالتخلف وأتباعه ضالته لتحقيق أغراضه الدنيئة.
أما عندما يكون الخطأ في الحسابات متعمداً.. مبرمجاً ومخططاً له فإن الفوضى تصبح خارج السيطرة ومحكومة بالأدوات الخارجة عن الضبط وعن القانون وعن التحكم، وفي هذه الحالة تصبح الاحتمالات التدميرية مفتوحة على أربع رياح الأرض وأربع جهات الكون.. الأمر الذي ينبغي أن يستنهض شعوب الدول ومنها النخب الثقافية والصحفية والمجتمعية للجم اندفاعات مسؤوليها وتورطهم في تبعات الحسابات الخاطئة وإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي لأن من يدفع الثمن أولاً وأخيراً هو المواطن ودافع الضريبة.
كم من الأموال أنفقت السعودية وقطر ولا أقول الوقت لأن دولاً كهذه ومعالجة مواقفها مضيعة للوقت، طوال السنوات الخمس مضافاً إليها الأموال المنفقة على حرب عبثية ضد أفقر العرب، وفي النهاية يدعو الملك في القمة الخليجية إلى الحلول السياسية، سواء في سورية أم اليمن بعد الفشل الذريع في تحقيق أي من الأهداف المعلنة التي تمترس خلفها سعود الفيصل الذي لم يجد في السعودية قبراً يحتويه، مات ودفن في أميركا بلا أي آثار لا في دبلوماسيته المزمنة ولا في سمعته ولا في مكانة حقيقية لعائلته.. ألم نقل: من يبنِ على الرمال تمسحه الرياح..؟
فالسعودية تنفق المليارات لتدمير سورية واليمن، فيما تتهاوى سمعتها المشتراة أصلاً بالمال وتنفق المليارات لتنظيم حملات علاقات عامة عبر شركات أميركية متخصصة كي يبقى الرأي العام الأميركي متناغماً مع ما يجري من تناقض بين "منارة الحرية" الأميركية المدافعة عن حقوق الإنسان والتحالف مع السعودية التي تحكم بقطع الرأس على كل من ينتقد السعودية أو يبدي رأياً آخر في أي مسألة من مسائل الحياة في السعودية.
وفجأة يعلن "جلالته" أن الحل في اليمن وفي سورية هو حل سياسي بغض النظر عن تمنيات السعودية وقطر وتركيا، وهذا يعني أن جلالته يعترف بالهزيمة العسكرية علّه يحقق موطئ قدم في العملية السياسية أياً كان شكلها في المنطقة عموماً وفي اليمن وسورية على وجه الخصوص.
للهزيمة عنوان وإن تعددت الألوان.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات