يسعى طالبان بالعاصمة الألمانية برلين إلى مساعدة اللاجئين للحصول على عمل عبر إقامة موقع على شبكة الإنترنت. ويجد المشروع صدى كبيرا لدى المهاجرين وأرباب العمل، ولكن الأمر لا يخلو من الصعوبات التي على اللاجئين تخطيها.
" اللاجئون لديهم فرص أكثر لاستخدام الأنترنت، عكس ما يظنه الكثيرون"، هذا ما يقوله دافيد ياكوب في أحد لقاءاته هذه الأيام مع عدد من وسائل الاعلام الألمانية. فغالبا ما يكون الهاتف الذكي وسيلة تواصل اللاجئين مع ذويهم في أوطانهم البعيدة. لذلك قام الطالب ياكوب وزميله فيليب كون بإنشاء بورصة عمل على الإنترنت لعرض وظائف شاغرة قد تثير اهتمام اللاجئين. ويمكن أن توصف هذه الفكرة، التي نفذها الطالبان من مدينة برلين الألمانية، بأنها غير معقدة وناجحة. فقد صمما هذا الموقع : www.workeer.de بطريقة تتيح استخدامه وتصفحه بسهولة عبر استخدام الهاتف الجوال. وبداية من هذا الأسبوع يمكن للباحثين عن عمل من اللاجئين تصفح الوظائف الشاغرة والتعرف على أرباب عمل محتملين.
أول بورصة عمل للاجئين ولأرباب العمل لخلق فرصة جديدة
ومن يزور الموقع يجد عددا لابأس به من الوظائف الشاغرة. فهناك عروض عمل لرعاية العجزة وهناك من يبحث عن مساعدين في المطبخ أو عن مطور برمجيات أو عن مربية، أو فني لطلاء السيارات. بل هناك من يبحث عن مدير ورشة في مصنع للصلب. كما توجد إمكانيات للقيام بتدريبات وظيفية ومهنية. كما يوجد فندق في بحر الشمال يبحث عن رئيس للطهاه، ولكن بحد أدنى للأجور بما يعادل 8,5 يورو للساعة. ولا يتم فقط تقديم عروض عمل ملموسة، ولكن هناك أيضا قائمة لعدد من الشركات التي تبدي استعدادها لتوظيف اللاجئين. ويمكن للاجئين القيام بتسجيل أسمائهم في الموقع: www.workeer.de
"تمويل حياتي بنفسي"
من جهة أخرى، يمكن للمرشحين للعمل تقديم نفسهم ومهاراتهم بشكل علني على الموقع. أغلب اللاجئين يأتون من بلدان عربية وبعضهم أفارقة. ويبحث البعض منهم عن عمل في مهنته بشكل هادف، كما يبحث آخرون عن أي عمل ممكن. "لا أريد أن أكون بدون عمل، بل أن أقوم بتمويل حياتي بنفسي"، كما كتب على الموقع حسام ي. الذي يعيش حاليا في مدينة هامبورغ الألمانية منذ خمسة أشهر. فقد حصل حسام على شهادة عليا في الدراسات القانونية من دمشق و هو يبحث الآن عن مكان للتدريب أو عن وظيفة أو عن تأهيل أو عن عمل لعدة ساعات أو عن أي عمل آخر. ومن بين هؤلاء عدد من اللاجئين ذوي الكفاءات العالية فمنهم أطباء أسنان وطبيب متخصص في المسالك البولية ومهندس، ومتخصص في الكيمياء الحيوية ومدرس للغة الانجليزية. الملفت للنظر هو أن الكثيرين منهم يتحدثون الانجليزية والفرنسية إلى جانب لغتهم الأم. أما المعرفة باللغة الألمانية فهي ضعيفة لدى الكثيرين منهم.
بورصة العمل هذه التي أنشأها الطالبان في برلين تعكس الاشكالية التي تواجه اللاجئين في سوق العمل الالمانية: فمن دون اللغة الألمانية يصعب الحصول على عمل في أغلبية المهن. ولكن لا ينطبق هذا الأمر على شاب سوري، مثلا، يعمل كمطور للبرمجيات، حيث يمكنه الحصول عن عمل حتى وإن كان يتحدث اللغتين العربية والإنجليزية فقط.
تخطي عقبات بيروقراطية
رالف تشودزيفيتس من مدينة براونشفيغ الألمانية من بين أرباب العمل الذين يبحثون عن موظفين في هذا الموقع . رالف يبحث عن متخصصين في مجال رعاية كبار السن والرعاية الصحية. ويؤكد رالف في اتصال هاتفي مع DW أنه يجد صعوبة في العثور على متخصصين في هذا المجال داخل ألمانيا. هذا الأمر دفعه العام الماضي إلى توظيف إمرأتين من البوسنة ولكن كان عليه دفع تكاليف دورات تعلم اللغة الألمانية وتذاكر السفر إلى ألمانيا والسكن،كل هذه الأمور كلفته 10 آلاف يورو. هذه التكاليف، بحسب رالف، لا تستطيع شركته الصغيرة تحملها، لذلك فهو يبحث الآن عن مستخدمين من بين اللاجئين داخل ألمانيا على موقع: www.workeer.de
ولكن قبل التوقيع على عقد العمل بين الطرفين يجب تخطي عقبات بيروقراطية كثيرة. فإدارة الأجانب تبحث أولا الوضع القانوني لإقامة المرشح للعمل قبل إعطائه ترخيص لمزاولة العمل. وعادة ما يتم ذلك بعد الإقامة في ألمانيا لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، حتى بالنسبة للاجئين الذين لم تقبل طلبات لجوئهم بعد. كما يبحث مكتب العمل في حق الأسبقية لمواطن ألماني أو أجنبي من أوروبا في الحصول على هذه الوظيفة قبل اللاجيء المرشح للعمل. الإستثناءات تكون عادة بالنسبة لمن لهم درجة عالية من الكفاءة أو إذا كان هناك نقص في مهنة ما. ويقوم مكتب العمل بفحص المؤسسة وما إذا كانت تحترم قوانين الأجور إلى غير ذلك من الفحوصات.
مشروع تجريبي يسعى للتقدم
منذ البداية سعى الطالبان فيليب كون و دافيد ياكوب اللذان يدرسان التصاميم التواصلية بمعهد التقنية والاقتصاد في برلين إلى القيام بمشروع يمس الناس. وهما يفكران الآن في تطوير المشروع حتى بعد إنهاء دراستهما وتحويله من المرحلة التجريبية إلى مرحلة متقدمة. وهما يعلمان أن هذا الموقع يشكل البداية فقط، ولذلك فإنهما يسعيان إلى مساعدة العارضين والباحثين عن عمل وتخطي الصعوبات البيروقراطية. كما يودان ترجمة هذا الموقع الى لغات مختلفة. وقد قام الطالبان بزيارات لمراكز إيواء اللاجئين للتعريف بمشروعهم وإشهاره. و لاشك أن الصدى الإعلامي الذي وجده المشروع سيساعدهما في تحقيق أهدافهما.
سيريا ديلي نيوز-DW
2015-11-03 03:02:38