سيريا ديلي نيوز - الدكتور المهندس محمد غسان طيارة

أتابع, وفق الإمكانيات المتاحة, المواضيع التي توضح العلاقة بين كلٍ من روسيا الاتحادية والجمهورية الإسلامية الإيرانية من جهة والجمهورية العربية السورية من جهة ثانية, وخاصة ما تبثه وسائل الإعلام المغرضة, فهي مستمرة بالتشكيك بهذه العلاقة وتصر على أن تحولاً جذريا قد شاب هذه العلاقة, وتؤكد نلك الوسائل بأن روسيا غير متمسكة بالرئيس بشار الأسد وإن إيران متقاعسة في تقْديم الدعم لسورية, وبسبب هذا الحجم الهائل من المعلومات الملفقة يصبح لدى بعضنا بعض الشك في صدق ما تتناقله تلك الوسائل, بحيث يغفل هذا البعض عن التصريحات المتكررة للقيادتين في الدولتين تأكيدهما استمرار الموقف الثابت مما يحْدث في سورية, حتى أنني قرأت أن أحد المتابعين لم يتوانى عن أبداء رأيه الممتعض من كثرة التصريحات التي لا تُتَرْجم دعما مادياً ملموساً, وخاصة, في هذه الأثناء, عندما استقبلت روسيا بعض المعارضين الذين لا يرْتكزون إلى أي قاعدة شعبية في الواقع الجماهيري السوري. ولهذا وضعت أمامي فكرة طرح بعض الأسئلة (وإن كانت متأخرة) والإجابة عليها من خلال وقائع تناسيناها في زحمة الاخبار الملفقة ضدنا, وسأستند في بعض إجاباتي على وقائع جرت أو قائمة وإن كان بعضها سيشكل جروحاً مؤلمة. ذكرت في مقالاتٍ سابقة بأنني لست محللاً سياسياً ولا عسكرياً وإنني لا أوافق على وجود محللين سياسيين أو عسكريين يمكن الركون إليهم فيما يكتبونه أو يصرحون به على الفضائيات السورية وغير السورية المؤيدة لنا. سؤال: لماذا لم لا تزودنا روسيا بأسلحة متطورة وخاصة دبابات T92, كما لو أن الدبابة T72 غير كافية؟ جواب: لقد زودتنا روسيا بعدد كبير من الدبابات من الطراز T92 على أن ندفع ثمنها بالتقسيط لمدة عشرة سنوات وبعد العودة إلى المواصفات الفنية للدبابتين يتضح أن المدى الميداني لدبابة T92 كبير وخاصة عند استخدام صواريخها, كما أنها قادرة على توجيه ضربات أرض جوية والأفضل (حسب المعلومات التي قرأتها) استخدام الدبابة T72 في ظروف المعارك في الأماكن شبه المغلقة والحارات الضيقة. سؤال: كيف تجرأ الجبير وزير خارجية دولة الرمال بأن يصرِّح وأمام وزير خارجية روسيا الاتحادية بعدم شرعية الرئيس الأسد وأنه جزء من المشكلة وليس جزءاً من الحل؟ الجواب: إذا عدنا لما تناقلته بعض وسائل الإعلام فإن وزير خارجية روسيا الاتحادية قال باللغة الروسية عن الجبير ولم يُتَرْجم بأنه غبي وغلام, وما اجمعت عليه وسائل الإعلام المغرضة والمؤيدة فإن جواب الوزير لافروف كان باننا متفقون على محاربة الإرهاب. أترك للدبلوماسيين تفسير الرد الروسي الذي يدل على توجيه الوزير الروسي للجبير العودة إلى أصل الموضوع من دون استرسال. سؤال: لماذا عمدت موسكو إلى الاجتماع ببعض رموز المعارضة الذين لا يملكون قاعدة شعبية في سورية؟ الجواب: الهدف, كما تناولته وسائل الإعلام الروسية, تجميع هذه المعارضات لمحاربة الإرهاب وأن مصير باقي نقاط الخلاف يعود للسوريين أنفسهم, ولأن هذه المعارضات هي المرتبطة بدول متآمرة على أو غير متفقة مع الجمهورية العربية السورية, في محاولة جريئة من روسيا لتوضيح التفسير الواقعي لبيان جنيف 1 وإعطاء الأولية لمحاربة الإرهاب وهذا هو الموقف الذي أصرَّ عليه الوفد السوري في جنيف 2. سؤال: أليس من الضروري أن تعْمد روسيا لدعوة بعض القيادات المستقلة التي تُشكِّل أكثرية السوريين؟ جواب: أتمنى ذلك, وقد تحدث الرئيس بشار الأسد عن هذه الأكثرية الصامتة, ولهذا أتمنى أن تعمل القيادة السورية لتوسيع مشاركة الأكثرية الصامتة في القرار السوري حتى يُسْمع صوتها وتتمكن من المشاركة في الاجتماعات القادمة. سؤال: أليس هناك مسؤولية تقع على روسيا الاتحادية عن تصريحات بعض القيادات المعارضة, من قلب موسكو, خاصة أنها اجتمعت معهم في موسكو؟ جواب: لم يُعْطي الإعلام الروسي الرسمي أي أهمية لهذه التصريحات, وحتى لا أعطي نفسي صبغة المحلل السياسي التي أبغضها, فأكتفي بالقول: أن إهمال الإعلام الروسي لهذه التصريحات يعني أنه غير معني بها ولا تُُشكِّل أي أهمية في حوار موسكو مع المعارضين, ولدينا مثال شعبي: الحكي مو علاه جمرك. لم أتحدث عن التصريحات المتكررة للقيادات الروسية بدعم سورية في محاربة الإرهاب وأن الموقف الروسي ثابت, ولم أكرر استخدام روسيا الاتحادية للفيتو ثلاثة مرات مع الصين, ولم أتحدث عن آخر صفقة أسلحة قدمتها روسيا لتسليح الجيش العربي السوري وقد تناقلتها وسائل الإعلام بشيء من التفصيل. آخر سؤال هو عن العلاقات الاقتصادية بين روسيا الاتحادية وتركيا أردوغان. وسيكون الجواب سيكون من ضمن الأجوبة في الممنوع. لم أجد أسئلة تخص التشكيك في عمق علاقاتنا الاستراتيجية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلا الرغبة التي عبر عنها البعض في مشاركة قوات إيرانية في الحرب الدائر على سورية وعلى أراضيها!. الجواب: لقد وجهت الدول المتآمرة علينا مرات عديدة تهمة مشاركة قوة من الحرس الثوري الإيراني إلى جانب الجيش العربي السوري في مواقع المعارك من دون أي إثبات لها, ورفضت سورية وإيران هذه التهمة وتحدت تلك الدول إثبات ذلك, ومن الطبيعي أن يكون لدى القيادتين في سورية وإيران أسبابهما الموضوعية لعدم حدوث مثل هذه المشاركة. إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تقدم دعماً اقتصادياً مستمراًُ يتجلى في فتح خط ائتماني بعدة مليارات الدولارات. وبحسب ما هو متوفر من معلومات فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وروسيا الاتحادية يزودننا بالذخائر بشكلٍ مستمر لرد العدوان علينا, كما أن هناك عدد من الخبراء العسكريين الإيرانيين والروس يعملون مع القيادة السورية, ولا يشارك في القتال أية وحدات عسكرية من الدولتين. إن دخول قوات عسكرية رسمية من روسيا وإيران سيُعْطي مبررات لتدخلات رسمية عسكرية من الدول الداعمة للإرهاب, وخاصة أن روسيا وإيران تطالبان بخروج المليشيات التكفيرية من سورية ووقف الدعم المالي والبشري من أي دولة لهؤلاء الإرهابيين بحسب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. السؤال المهم والأخير يتعلق بتطوير العلاقات الاقتصادية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وروسيا الاتحادية من طرف مع تركيا أردوغان من طرف آخر. أعود بالذاكرة إلى الفترة التي كانت فيها علاقتنا جيدة مع تركيا, فقد شغلت مركز المحادثات غير المباشرة مع العدو الصهيوني وأُذكِّر بما يلي: لقد شارك في تلك المفاوضات الدكتور سمير التقي والدكتور سمير سعيفان, وأورد معلومات بسيطة عنهما: الدكتور سمير التقي: وصل إلى عضوية مجلس الشعب عن الحزب الشيوعي الموحد وشغل موقع عضو لجنة مركزية فيه, وبعد تمرده على حزبه طُرِد منه فتلقفه رئيس مجلس الوزراء في حينه ووزير الثقافة الدكتور رياض نعسان آغا, وقررت قيادتنا مشاركته في المفاوضات غير المباشرة مع العدو الصهيوني في تركيا. اخطأنا بالاعتماد على شخص مطرود من حزب عضو في الجبهة الوطنية التقدمية, واليوم هرب من سورية ليصبح في عداء معنا وهذه حالة وزير الثقافة. أترك الاستنتاج للقارئ!. الدكتور سمير سعيفان: كان من الداعمين لاقتصاد السوق وقد عاصرت بعضاً من مواقفه واستغربت اختياره للمشاركة مع الوفد المفاوض كما شارك كمستشار في مفاوضات الشراكة مع أوربا. اليوم أصبح معارضاً مما يعني أننا ففشلنا في اختيار مستشارينا وعدد من وزرائنا الذين يتسكعون في دول الخليج وفي تركيا أو أوربا كمعارضين ضدنا!. عندما اختارت قيادتنا تركيا مقراً للمحادثات غير المباشرة مع العدو الصهيوني كانت علاقة تركيا مع الدولة العبرية ممتازة ومع ذلك لم نعترض على تلك العلاقة. السؤال والجواب: هل العلاقات الاقتصادية بين تركيا وإيران أو بين تركيا وروسيا تُخيف أكثر أم تلك الصداقة الموجودة بين تركيا والدولة الصهيونية مركز المحادثات غير المباشرة؟!. في فهم هذه النقاط يكمن جوابي عن العلاقات الاقتصادية بين روسيا وتركيا وبين إيران وتركيا!. عندما طلبت فرنسا المشاركة في تلك المفاوضات غير المباشرة وعرضت ذلك على القيادة السورية فكان جواب قيادتنا أن تكون المساهم من خلال الاتفاق مع تركيا. وفي هذا توضيح آخر على سؤال العلاقات الاقتصادية بين إيران وروسيا مع تركيا أردوغان. طلبت إيران من تركيا أردوغان تحديد موعد لزيارة وزير خارجيتها جواد ظريف إلى أنقرة وتمَّ تحديد الموعد ولكن تجرأت تركيا أردوغان وطلبت تأجيل الزيارة فكان جواب إيران إلغاء الزيارة. قرأنا جمعياً أن اتصالات هاتفية جرت بين مسؤولين من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبين مسؤولين من تركيا أردوغان وكذلك الحال بالنسبة إلى روسيا, وما رشح من هذه الاتصالات بأنها رسائل تنبيه لأردوغان إلى عدوانية تصرفاته وخاصة عندما صرح بأنه يريد إنشاء منطقة عازلة في سورية وعلى حدودها, وكانت ردود الفعل الروسية والإيرانية واضحة واعتبرتها عدواناً صارخاً على سيادة الجمهورية العربية السورية. النتيجة: إن موقف روسيا وإيران راسخ وثابت وداعم لسورية وللقيادة السورية ولا داعي إلى أي قلق ومن الضروري والحكمة سد الآذان عن كل ما يصدر عن الإعلام المغرض المشكك في هذه العلاقة.

سيرياديلي نيوز


التعليقات