ابتسامة عريضة ارتسمت على وجه غابي (69 سنة) وهي تفتح باب منزلها في حي جنوب برلين لصفوان (32 سنة)، تبدو منشرحة وسعيدة برؤيته. ضمته إلى صدرها وقبلته. يلتقي صفوان وغابي بشكل منتظم لقضاء أشغاله في برلين. وعندما لا تكون لديه مواعيد، كما هو الحال اليوم، يزور صفوان غابي لشرب القهوة أو الخروج سويا.
وصل الشاب السوري المنحدر من دمشق إلى ألمانيا منذ 11 شهرا بعد رحلة طويلة وشاقة عبر خلالها أكثر من بلد أوروبي، تعرض فيها للنصب والاستغلال من المهربين، كما يقول. لكن ذلك لم يثنه عن الكفاح من أجل الوصول إلى ألمانيا. لم يجد صفوان مفرا من الهرب من ويلات الحرب في سوريا بعد تعقد الوضع أكثر: “قررت الهرب لوحدي دون أسرتي خوفا عليهم”.
صفوان متزوج وأب لطفلين أكبرهما يبلغ من العمر أربع سنوات. واستطاع الشاب السوري الحصول على لجوء في ألمانيا وعلى هذا الأساس تمكن من جلب أسرته الصغيرة.0900e
خلال حديثه لي عن تجربته كانت هي تسمعه باهتمام، مع أنها لا تفهم ما يقول، تتفحص وجهه وتبحث بين كلماته عن ما قد تفهمه “أتمنى لو أفهم كل ما يقوله كي نتحدث في شتى المواضيع وتحديدا في السياسة”، تقول غابي إنكلمان، وهي أرملة في أواخر الستينات، تقاعدت عن العمل منذ سنوات طويلة بسبب مرضها بعد عملها كموظفة في بنك. بعد تقاعدها ووفاة زوجها ثم وفاة كلبها، الذي كانت متعلقة به كثيرا، عاشت حالة حزن وفراغ كبير “لطالما أحببت مساعدة المحتاجين بكل حب وسرور، لأنني افتقدت هذا الحب خلال طفولتي، والديّ كانا أنانيين ومنشغلين عني وهذا أثر بي وولّد لدي ردة فعل معاكسة وصرت أميل لمساعدة الناس لأن ذلك يسعدني فصرت أنشط في منظمات خيرية”.
قبل شهور تعرفت غابي على صفوان خلال لقاء نظمته “رابطة الترحيب باللاجئين في منطقة شتيغليتس تسيلندورف” جنوبي برلين. تقول غابي إن “حبا من النظرة الأولى بين أم وابنها” هو أول ما شعرت به لما رأت صفوان وهو يجلس مع لاجئين آخرين، فقررت أن “تتبناه”.
ومنذ ذلك الوقت تساعده في كل ما يحتاجه بدءا من تجهيز بيته الجديد إلى مرافقته لمكتب الهجرة مرورا بالاتصال بالسلطات الألمانية والبحث عن منزل يأويه وأسرته، وهي تبحث الآن عن عمل له “حتى تذاكر سفر زوجتي وأطفالي الذين تعتبرهم أحفادها، أصرت على دفعها.
لقد وجدت أماً ثانية وصديقة لي هنا”، يقول صفوان بتأثر. تتنقل غابي الأنيقة بنشاط في بيتها وتردد في كل مرة بأنها وجدت ابنها الذي لن تتخلى عنه “رغم أن لي ابنا إلا أنه مشغول عني بعمله واهتماماته ونادرا ما يزورني. وجود صفوان وعائلته ملأ حياتي. أريد رؤية أطفاله يكبرون أمامي. تغمرني السعادة وأشعر بدفء كبير وأنا أسمع كلمة جدتي غابي منهما”.
سيريا ديلي نيوز - إذاعة صوت ألمانيا
2015-07-31 06:14:19