قبل بداية العدوان على سورية, حضر أردوغان بصحبة السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد افتتاح ملعباً رائعاً لكرة القدم في مدينة حلب, و سأسمح لنفسي قراءة المونولوج الداخلي الذي دار بخلد اللص أردوغان حينها, و ككل اللصوص الذين ينظرون إلى أشياء الآخرين بعين الطمع , قال لنفسه سأنتظر الفرصة المناسبة لسرقة حلب و حانت الفرصة المناسبة عندما اجتمع مع عصابة الأشرار أمثاله من الغرب الاستعماري و أحيوا برأسه حلم عودة السلطنة العثمانية, و أوهموه بأنه قادر على إحياء الإمبراطورية العثمانية البائدة, كما أحيوا فكرة إقامة دولة الخلافة في عقول المسلمين الموتورين, الذين لا زالوا يمنوُّن أنفسهم بعودة ما يسمونه المجد الضائع للدولة الإسلامية التي أفَلَتْ بأفول آخر السلاطين العثمانيين .
و ككل جريمة يتم التحضير لتنفيذها, يتوهم المجرم بأنه سينجو من قبضة العدالة, ولو علم المجرم بأنه سيسقط بيد العدالة لما أقدم على جريمته, و أيضاً, كتحضير المجرم القاتل للقيام بجريمته, بإغرائه بالمال و سواه , تم تحضير أردوغان و مجرمي تيارات الإسلام السياسي للقيام بجريمتهم بحق المنطقة و شعوبها .
بعد كل هذا التحضير للجريمة , و قبل ذلك تحضيره فكرياً عبر انتمائه لتيار الأخوان المسلمين , حان موعد تنفيذ الجريمة , فدعم أردوغان كل ما سمُّوه " ثورات الربيع العربي " من تونس وصولاً إلى سورية التي أوقفت انهيار أحجار الدومينو , دعم أردوغان وصول تيارات الإسلام السياسي للحكم في هذه الدول , رغبة منه و كما وعده مشغلوه بعودته سلطاناً على غرار أسلافه , و لكن و كما قرأ السيد الرئيس بشار الأسد المشهد , قراءة صحيحة, عندما وصف وصول تيارات الإسلام السياسي إلى الحكم في هذه الدول بأنه فقاعة لا تلبث أن تتلاشى , و هذا ما حدث بشكل واضح في مصر, أكبر و أهم دولة , اجتاحها جرذان الإسلام السياسي , ووصل إلى الحكم فيها السجين الهارب محمد مرسي, بدعم البترودولار الوهابي, و الذي هللت حكومة العدالة و التنمية في تركيا لوصوله , و تعانق مرسي و أردوغان عناق الأحباب , و لكن قصة الغرام هذه لم يكتب لها النجاح , و انطفأت فقاعة مرسي الأهتر في مصر, و زُجَّ خلف القضبان مجدداً , الأمر الذي أثار جنون أردوغان الحالم بالسلطنة و بدأ بإطلاق تصريحاته الموتورة ضد مصر و شعبها ملمِّحاً في الكثير منها بحقه المشروع بالتدخل في شؤون مصر الداخلية كونها ولاية عثمانية سابقة.
و استمر السلطان المريض بأحلام السلطنة بأحلامه, بعودة مرسي إلى الحكم حتى بعد صدور حكم الإعدام بحق مرسي بقضايا كثيرة أهمها ربما قضية التخابر مع جهات أجنبية بما يهدد الأمن القومي لمصر
أما في سورية , فقد عمل السلطان المريض على سرقة معامل حلب و خيراتها و كان يشتري ما يسرقه اللصوص الذين سهَّل دخولهم و تدريبهم في تركيا ثم زجهم في محاولة إسقاط الدولة السورية , حتى ظهر أردوغان بأنه القائد الحقيقي لداعش و ليس لصاً من بين اللصوص الذين تشغلهم أمريكا و من خلفها إسرائيل , و لكن أردوغان الهرِم و المريض صحياً و نفسياً, لم يدرك بأن اللصوص يختلفون و بأن العصابات تصفي بعضها في معركة اللصوصية , ما حدا بعصابات داعش لأن تذكِّره بضرورة تحسس رأسه الذي سيفصله لصوص داعش عن جسده في معارك ليس فيها أي قيمة أخلاقية , كما تذكِّره عصابة داعش برسائلها الأخيرة بأنها القادرة على تدمير سلطنته الوهمية التي تعشش في رأسه و بأنها ستستهدف قطاع السياحة الذي تعتمد عليه تركيا بشكل رئيسي لعلَّ السلطان الهارب من الصراصير إلى قصره الجديد أن يركع لإرادة جرذان داعش و الذين تمكنوا خلال شهر العسل بين أردوغان و التنظيم من نشر خلاياهم الإرهابية في كل الأراضي التركية, و الذي تجهد الشرطة التركية اليوم بملاحقتهم و القبض على عشرات الخلايا و مئات الإرهابيين في كل المدن التركية, و خصوصا اسطمبول كونها عصب السياحة في تركيا و نقطة استقبال الإرهابيين الوافدين من كل أنحاء العالم بأحلام الجهاد و الجنة و الحوريات و المخدرين بفتاوى الجنس و الكبتاجون , و الذين لم يدرك السلطان المريض بوهم السلطنة بأنهم سينقضُّون عليه عاجلاً أو آجلاً , و كل ما سرقه أردوغان و أولاده من حلب لن يغني عنه شيئا عندما تكون رقبته تحت سواطير داعش.
السلطنة العثمانية الجديدة ... جاء وقت حساب الماضي و الحاضر
أحلام السلطان المريض بوهم عودة السلطنة فتحت على تركيا أبواب جهنم و التي كما أعتقد ستقود لخراب تركيا و عودة محمد الفاتح إلى هضبة الأناضول التي غادرها قبل ما يزيد عن ستة قرون غازياً
و أردوغان المريض بالوهم و جرائمه ضد الأكراد , نكأ جراح المكلومين من أجداده العثمانيين و على رأسهم الأرمن الذين أباد منهم العثمانيون ما يزيد على مليون و نصف في بدايات القرن الماضي و استولوا على أملاكهم و نهبوا أرزاقهم و الناجين من المجازر العثمانية الرهيبة من الأرمن لا زالوا يطالبون بحقوق أجدادهم كما يطالب أردوغان بالسلطنة و تمكن الأرمن من الحصول على اعتراف الفاتيكان بجرائم الإبادة الارمنية والذي وضع تركيا في حرج الاعتراف و دفع الحقوق, ما يفتح الباب أيضاً لكل الذين عانوا من جرائم الإمبراطورية العثمانية البائدة للمطالبة بحقوقهم أيضاً الأمر الذي سيمزق تركيا اليوم إرباً و تتقسم أيادي سبأ , فعلى سبيل المثال فإن أراضي الأرمن التي يحتلها الأتراك اليوم تعادل ثلاثة أضعاف مساحة أرمينيا الحالية ناهيك عن تعويض ذوي الضحايا الذين قضوا قبل مائة عام, كما فتح أردوغان الباب على خلافات حادة مع روسيا و الصين, بغباء تهديده هذه الدول الكبيرة بأقليات المسلمين الناطقين بالتركية في هذه الدول كالايغور الصينيين و القلة المقيمين في القرم الروسية والتي استعادتها روسيا مؤخراً من أوكرانيا , الأمر الذي يعيد حروب الإمبراطورية العثمانية ضد هذه الدول و ما جرَّته من ويلات على شعوب هذه الدول و الذي كنا نعتقد بأن الزمن قد طواها و لكن الجريمة لا تموت و ستبقى الدماء تصرخ للقصاص من المجرم , كما قاد غباء أردوغان إلى نكىء جراح الأكراد و أعاد فتح قضيتهم التي يقودها عبدالله أوجلان من داخل سجنه في تركيا , و جرذان داعش اليوم التي تقرض الجنود الأتراك و تحفر الأنفاق تحت الحدود الجنوبية لتركيا مع سورية بما يؤشر إلى أن المعركة الحقيقية بين اللصوص لم تبدأ عملياً بعد و لكنها قادمة لا محالة و عندها سيعلم الظالمون أي منقلب سينقلبون, و أردوغان الذي ربى الأفعى في حجره جاء الوقت لتلدغه , و السلطان المريض يدرك بأن اللعبة قد انتهت و الجرذان قد دخلت قصره الجديد و سقوطه عن العرش هي مسألة وقت لا أكثر .
سيرياديلي نيوز - يونس أحمد الناصر
2015-07-27 19:01:25