سيريا ديلي نيوز- فادي رجب - ألمانيا

لم يبدأ بعد زمن التسويات، والحرب على سورية لن تنتهِ إلا بحرب أو شرارة حرب كبرى أو تهديد حقيقي لأمن ومصالح الدول الداعمة للإرهاب.

أعتذر سلفاً من الحالمين والرومانسيين وجماعة الحل السياسي والحل الرومانسي السلمي الذين يعيشون على الأمنيات والصلوات بإنتهاء هذه الحرب ونحن في أشرس حرب في التاريخ تُشن على دولة بمساحة سورية وإمكانياتها.

بالتأكيد نحن لسنا دُعاة حروب وقتل ودمار، لا على شعبنا ولا على باقي شعوب العالم .. ولأن ما ذقناه في السنوات الأخيرة وذاقه الشعب السوري، نُدرك بأن الحرب ليست نزهة عشّاق.

لكن في علم السياسة والاستراتيجيا وفي قراءة لتاريخ الحروب الكبرى وتاريخ التسويات عبر العقود الماضية، "تنتهي الحروب بتسويات واتفاقيات عندما تكون الأطراف المتحاربة جميعها متألمة وخاسرة من هذه الحرب" ..

في حالتنا (الحرب على سورية)، مَن يتألم هو طرف واحد فقط، يتمثل بالشعب السوري من كل الأطراف والدولة السورية، أما باقي الأطراف المقاتلة على الأرض ضد الدولة السورية والشعب السوري فهي عبارة عن عشرات آلاف المرتزقة (سوريون وعرب وأجانب) يتدفقون على مدار الساعة إلى الأراضي السورية عبر الحدود التركية والأردنية واللبنانية، تقاتل من أجل المال أو ما يسمى (إقامة دولة الخلافة) التي (يا سبحان الله) اختارت الشام واستبعدت فلسطين المحتلة من خرائطها، رغم أن فلسطين من أرض الشام.

دعونا نقوم بجردة حساب فيما إذا كانت الدول المتآمرة على سورية والداعمة للحرب والارهاب في سورية متألمة فعلاً ومن مصلحتها إنهاء الحرب الدائرة على أرضنا.

1- الولايات المتحدة الأمريكية (راس الأفعى): لم ترسل جندياً أمريكياً واحداً، ولم تدفع دولار واحد لتمويل هذه الحرب (مخطط الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاّقة)، ودون أن تتضرر مصالحها وشركاتها في المنطقة العربية، فعلى أي أساس ستهرول لإنهاء الحرب ؟ إذا كان هناك من يمول تلك الحروب عنها ويشتري الأسلحة بمليارات الدولارات لارسالها للارهابيين، وإذا كان المقاتلين هم خونة ومرتزقة سوريون وعرب ومسلمون يحققون أطماع الولايات المتحدة مجاناً ؟؟ 2- الكيان الصهيوني: الرأس الثاني للأفعى، أكثر السعداء والمصفقين لتدمير سورية وتدمير جيشها ومطاراتها وترسانة أسلحتها، تدعم استخباراتيا ولوجستيا عملاءها من الخونة والمرتزقة الذين يقاتلون على الأرض السورية وتعالجهم في مشافيها. 3- حظائر الخليج وعلى رأسهم حظيرة آل سعود والحظيرة القطرية: تدفع الأموال التي لا تعلم أن تذهب بها، وتمول الإرهاب وترسل الإرهابيين إلى سورية ومصالحها لم تتأثر وهم أصلاً ليس لديهم جيوش، فجيوشهم مجموعة من المرتزقة الاسيويين وغير الاسيويين. 4- الأردن وتركيا: مستمرون بتدريب وتسليح وتهريب الارهابيين دون أية ردة فعل تطال أراضيهم (مؤخرا ضرب الارهاب تركيا وكان الضحية هو الشعب لاعتبارات تخدم السياسة الاردوغانية)، أما الأردن فملكه ليس سوى دمية بيد الاستخبارات البريطانية والامريكية والاسرائيلية .. 5- أما دول الاتحاد الأوروبي ستدفع الثمن عاجلاً أم آجلاً (وبدأت تدفع أثمان) بسبب سياساتها التابعة للولايات المتحدة، من خلال ما تواجهه على أراضيها وستواجهه من تدفق أعداد كبيرة من لاجئين هم بالأصل كانوا إرهابيين في بلادهم، ومن خلال المشكلات التي ستعصف بالمجتمعات الاوروبية نتيجة الخلل في التركيبة الاجتماعية الأوروبية. 6- أما كلاب ما يسمى المعارضة السورية التي تنبح في الخارج، فلا يستحق الحديث عنها، وهي باختصار تندرج تحت بند الخونة والمرتزقة الذين تم ذكرهم آنفاً.

إذن هذه الحرب على سورية لن تنتهِ إلا بحرب، حرب يتألم فيها كل مَن آلم سورية، حرب يتألم فيها الأمريكي والخليجي والأردني والتركي والاسرائيلي، فالحال سيبقى على ما هو عليه حتى يذوق كل هؤلاء حتى ربع ما أذاقته حكوماتهم وحكامهم للشعب السوري، عندها سيهرول قادة هذه الدول الداعمة للارهاب للتسويات الكبرى التي ستنتهي معها الحرب رويداً رويداً.

لم تبدأ فعلياً مرحلة التسويات الاقليمية والدولية لإنهاء الحرب، وكل حديث عن تسويات لا قيمة له إذا لم يتوقف فعلياً دعم الارهابيين واستمرار تدفقهم داخل الأرض السورية، وهذا لن يكون كما قلنا إلا بضرب رؤوس الإرهاب ومموليه وداعميه.

أما بالنسبة للحل السياسي فإنه يكون عندما تكون الأطراف المتقاتلة على الأرض سيدة نفسها وقرارها الوطني، والحل السلمي يكون عندما يكون الأطراف المتقاتلة كلها سورية - سورية، لا تركي وأفغاني وشيشاني وسعودي وتونسي وليبي ومصري وأوروبي وأمريكي وصيني وشيطاني، فهؤلاء لا يربطهم بهذه الأرض سوى أنها إما جهاد والطريق إلى الحوريات (بحسب هبلهم)، وإما (كيس خرجية). وبالتالي ليس من مصلحتهم أن تتوقف هذه الحرب فيتوقف المال وينقطع الطريق إلى الحوريات.

بالنسبة للمصالحات الوطنية، ومراسيم العفو، والعودة إلى حضن الوطن، وباقي المصطلحات الإعلامية، فإنها لا تنهي حرباً هي عالمية في حقيقتها لا حرب أهلية (كما يروج الإعلام الساقط الغربي والعربي)، بل قد يكون لها مفعول إيجابي وأحيانا سلبي كما حدث في بعض المواقف.

الإتفاق النووي الإيراني لا ينهي حرباً هو الآخر، بل قد يعزز صمود سورية، ويبعد أي إحتمال لسقوط الدولة فيها، ويستمر سقوط الشهداء وبالتالي استمرار الحرب، وتدمير البلاد، لا بل أنه لولا بطولات الجيش العربي السوري وانتصاراته وصمود الشعب السوري طيلة سنوات الحرب ما كان هذا الاتفاق ليحصل.

إذن .. الحرب لن تنتهِ إلا عندما تنتقل هذه الحرب وتنتقل النار إلى داخل هذه الدول وضرب مصالحها في المنطقة.

الحرب لن تنتهِ إلا عندما يتحول ما يسمى بمحور (المقاومة) إلى محور (مواجهة)، ومبادرة بالهجوم على كل من تآمر ودعم الارهاب في سورية، عندها لا يكتفي هذا المحور بردّ الصفعات والضربات والاستمرار بالتموضع بموقع (الدفاع)، ويتلقى الضربات ونقول (صامدون، لا زلنا صامدين، ... الخ)، فالصمود وحده لا ينهي حرباً، ولا يقود إلى تسويات.

ما قدمه ويقدمه الجيش العربي السوري والقوات المقاتلة إلى جانبه على الأرض السورية من بطولات وتضحيات هي أسمى من أن تختصر بكلمات، وما عاناه الشعب السوري منذ سنوات ولازال، وصموده في ظل الحرب والحصار لا يمكن لأي شعب آخر أن يعيشه ويتحمل تبعاته ومآسيه ... لكن الأمر يحتاج إلى ما تحدثت عنها آنفاً كي يرتاح هذا الشعب، بعد أن لم يعد هناك ما يخسره، وعلى مبدأ (علينا وعلى أعدائنا) هو لسان حال الشعب السوري، فتلتحترق كل الدول التي أحرقت بلادنا وقتلت شعبنا.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات