أن مفهوم الإصلاح الإداري في سورية الجديدة بعد احداث وزارة للتنمية الادارية قد أرتبط إلى حد كبير بمشكلات التنمية لأن الأجهزة الإدارية متخلفة وغير قادرة على تنفيذ خطط التنمية القومية السورية بوصفها إدارة تنمية ، ونتيجة لهذا التخلف فلا مناص من إصلاحها حتى تكون قادرة على تحقيق التنمية القومية في كل سورية بكفاءة وفاعلية .
وقد رأى البعض من الباحثين بأن حتمية الإصلاح الإداري في سورية الجديدة أهم من حتمية قيام الإدارة العامة بدروها في التنمية ، لأن الإصلاح في سورية لا يعني مجرد إجراء تغييرات وتصحيح في النظام الإداري ، بل يعني في الوقت نفسه إحداث تغييرات في الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتربوية لتواكب التغييرات الإدارية وقد ارتأى البعض الآخر من الإداريين ونحن منهم ونؤيد ما يقوم به الوزير الاداري الجديد الدكتور النوري - على أن عملية الإصلاح تمثل تغيير أصيل في العمل وفي التنظيم وفي الأشخاص وفي نظرة الناس إلى كل هذه الأمور وهو في إطار هذا المفهوم ليس مجرد تعديل بسيط أو مواءمة سطحية ، وإنما تحول كامل في الخطط وتغيير جوهري في الروح والفكر وأنماط السلوك وفي التنظيم وعمل العنصر البشري في سورية الحبيبة.
لكن التطور والتغيير تعثر كثيرا في سورية بسبب سيطرة الجهاز الإداري البيروقراطي على معظم المؤسسات حتى أصبح قوة من الصعب السيطرة عليها مما أدى إلى عدم المرونة وتضارب الهياكل القانونية والتركيز على المركزية مما قاد إلى عدم قدرة المرؤوسين على تحمل المسؤولية وتركيز المهام والقرارات في أيدي المديرين ، مما ولد موجات مرتفعة من عدم الرضا بين متلقي الخدمة من المواطنين ومن الموظفين انفسهم ، وعملية التطوير تسمى بعملية الإصلاح الإداري والتي أصبحت من أحدى حتميات التنمية في سورية فهي نشاط تلقائي مستمر للإدارة العامة .
من الواضح أن هذا التعريف الأخير لم يأخذ بالحسبان بأن معظم برامج الإصلاح الإداري في سورية لم تنفذ بصورة تلقائية ومستمرة ، بل كانت نتاجاً لمبادرات السلطات السياسية في سورية التي اكتشفت ضرورة الإسراع بإعداد برامج الإصلاح الإداري استجابة للتغيرات المحيطة داخلياً وخارجياً واحدثت وزارة متخصصة لهذه الغاية وهذا كان ضربة معلم للسيد الرئيس علما اننا تأخرنا كثيرا واهدرنا الكثير من الوقت والمال والكفاءات.
استناداً إلى ما تقدم فإن مفهوم الإصلاح الإداري من خلال البرنامج الذي تم طرحه في الخطة الوطنية للتنمية الادارية /2015-2019/ قد أخذ بالحسبان الجوانب الاجتماعية والإدارية والاقتصادية ، حيث تناول الإصلاح الإداري لجهة الهدف وهو " تحديث وتطوير أداء الجهاز الإداري للدولة ، بهدف تدعيم قدرته على الوفاء برسالته الأساسية لتحقيق النهضة التنموية المأمولة ، ورفع المعاناة عن المواطن عند التعامل مع أجهزة الدولة برفع القيود البيروقراطية ، والتخفيف من التعقيدات المكتبية الورقية السقيمة ، وتهيئة المناخ الإداري الملائم لإنجاز خطط التنمية الشاملة .
بدأ الاهتمام يتركز في السنتين الاخيرتين على الدور الجديد للدولة في عملية التنمية الشاملة والمستدامة على اعتبار أن الدولة في العديد من دول العالم لم تستطيع أن تفي بوعودها ، حيث الاقتصاديات التي تمر بمرحلة تحول اضطرت إلى الانتقال المفاجئ نحو اقتصاد السوق ، واضطر كثير من بلدان العالم النامي ومنها سورية إلى مواجهة فشل استراتيجيات التنمية التي تسيطر عليها الدولة . وحتى الاقتصاديات المختلطة في العالم الصناعي رأت في مواجهة فشل التدخل الحكومي أن تتجه بقوة في اقتصادها المختلط نحو آليات السوق . ورأى الكثيرون أن نقطة النهاية المنطقية لكل هذه الإصلاحات هي أن تقوم الدولة بأقل دور ممكن . لكن هذا الرأي يتعارض مع تجارب ناجحة في التنمية كما هو الحال في دول شرق أسيا التي اعتمدت كثيراً على الدور الفعال للدولة في الإصلاح والتنمية حيث قامت بدور المحفز والميسر للتطور وشجعت أنشطة الأفراد ودوائر الأعمال الخاصة وتكاملت معها . ولا شك في أن التنمية التي تسيطر عليها الدولة قد فشلت ، ولكن فشلت أيضاً التنمية التي تتم بغير تدخل الدولة، وهذا يثبت بأن الحكومة الجيدة ليست من قبيل الترف بل هي ضرورة حيوية ، لأنه بدون دولة فعالة يندر تحقيق الإصلاح والتنمية وهذا مهم ومطلوب في الحالة السورية .
بكل الاحوال اصبحنا على الطريق الصحيح واصبح لدينا جهاز اداري وتنظيمي وتنفيذي وعلى رأسه وزير مهني ومتمرس ووطني وخبير نرجو ان نعمل معا لنصل الى النهايات السعيدة
سيرياديلي نيوز - عبد الرحمن تيشوري
2015-06-18 21:38:04
التعليقات
عبد الرحمن تيشوري / خبير اداري سوري
د: عبد الرحمن مرعي