منذ بضع سنوات كنت تذهب إلى الحديقة بقصد الإستمتاع بالهواء النقي فتمر بجانب رجل لاترى رأسه لأنه يقرأ جريدة أخذت نصف مساحته ...تجلس في مقعد فترى في جوارك رجلا يقرأ كتابا...امرأة تلاعب طفلها ..شابين يتحاوران...كلك تلك الصور مشاهدات كنا نراها بكثرة في مجتمعنا. اليوم ومع هذا التقدم الهائل والعالم الإلكتروني الذي سخر نفسه بين يدينا وسخرنا للإنشغال به ساعات وساعات لانجد هذه المظاهر إلا في القليل النادر.. لن أقول أنها تلاشت تماما واضمحلت لكني أعود لأؤكد ندرتها على الرغم من جماليتها وطابعها الثقافي المميز. اليوم وإذا قصدنا ذات الحديقة فإنك تدخل فيها فتمر بجانب شابين يحمل كل منهما جواله وكل منهما منشغل بما في يده...وهنا أيضا تنويه مهم (فحتى أنا أو أنت اليوم نادرا مانفكر بزيارة حديقة هذا وإن قمنا بهذه الخطوة حقا فلن نتصرف إلا كهذه الحالات التي أوردها الآن). سنعود لنكمل فرضيتنا التي بدأناها...تجلس في مقعد في الحديقة فترى في المقعد المجاور لك شاب يجلس وبيده مايشغله عن كل ماحوله...امرأه تلاعب طفلها حينا وتلتقط له الصور حينا ثم تمسك هاتفها الخليوي حينا آخر... ما أود قوله أن مظاهر التواصل الحقيقية قد غابت بشكل ملفت واستعضنا عنها بمظاهر افتراضية الكترونية.. إلى جانب آخر فهناك من عمق ثقافته وازدادت معرفته بفضل هذا العالم الإلكتروني...فالكتب والصحف الإلكترونية والمواقع استطاعت أن تحل محل الكتب والمجلات الورقية بشكل أو بآخر..إضافة إلى سهولة ويسر الحصول على المعلومات من خلالها وسرعة الدراية بآخر الآخبار والتطورات في كافة الميادين الثقافية والعسكرية والإجتماعية وحتى الإقتصادية.. هذه الشاشات الصغيرة التي فتحت أمامنا آفاقا واسعة لاحدود لها أغلقت باليد ذاتها آفاقا أصبحنا نتوق لها ومازال السؤال إلى الآن...ماذا بعد العالم الإلكتروني ؟ ..

سيرياديلي نيوز-مادلين جليس


التعليقات