من متابعاتي كل ما يُنْشر على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض النشرات الإليكترونية الوطنية بدأ يظهر بعض التشكيك في موقف روسيا الاتحادية والجمهورية الإسلامية في إيران, وقد استند البعض في تشكيكهم إلى العلاقات الاقتصادية بين إيران وتركيا الإرهابي أردوغان وكذلك بين روسيا الاتحادية والإرهابي العثماني أردوغان, وقد لاحظت أن العبارات التي تظهر في الإعلام المُغْرض تتقارب مع هذا التشكيك الذي بدأ يظهر من قِبَل بعض المحللين السياسيين أو العسكريين, فمثلاً يردد الإعلام المُغْرض عبارة "الأسد أصبح خلف ظهر روسيا" أو "إيران متضايقة من تصرفات حزب الله" ونقلوا ما أورده الإعلام المُغْرض "إن زيارة وزير الدفاع السوري إلى إيران ليطلب منها التوسط بين دمشق وموسكو". كما تظهر بعض مقاطع الفيديو تيوب التي تعُطي صورة عن خيانة أبناء مدينة محددة, ويُعلِّق عليها البعض بضرورة تدمير تلك البلد أو حتى أبناء المحافظة بالكامل. وحتى لا تضيع الحقيقة أود قبول أفكاري ومناقشتها من الحرص على الوطن والمواطنية فليس من حق أحد تعميم الخيانة على قرية أو حتى شارع في مدينة من دون دليلٍ على كل من يسْكن هذه القرية أو الشارع فرداً فرداً ولهذا أبين التالي: 1 ـــ حتى تسمي نفسك محللاً سياسياً يجب أن يكون لديك مركز أبحاث متكامل وقادر على إجراء إحصائيات للرأي العام بأعداد تتناسب مع أهمية كل إحصاء وأن تكون قريباً من صانعي القرار. فهل هذه الإمكانيات متوفرة لدى كل ما نراهم على الفضائيات ويُعْطي لنفسه صفة المحلل السياسي؟. وفي المقابل من حق كل مواطن أن يُعْطي رأيه فيما يُعْرض عليه ولكن من دون تسميات طنانة رنانة كمحلل سياسي التي تضره وتؤثر سلباً على المواطن المستمع. 2 ـــ حتى يسمى أي عسكري أو سياسي نفسه بأنه محلل عسكري, عليه أن يوفر كل ما ذكرته في البند /1/ بالإضافة إلى توفير عدد مناسب من المراسلين الحربيين, وهذا غير متوفر في جميع العسكريين الذين يظهرون على فضائياتنا, وأعود للتأكد بأن من حق كل عسكري أو مدني أن يبدي رأيه في أي عملية عسكرية كرأي شخصي وليس كتحليل عسكري لمعركة في موقع معين. كم أتمنى من الذين احتكروا الفضائيات أن يتواضعوا وينزلوا إلى الواقع بعيداً عن بروجهم العاجية في التحليل السياسي أو العسكري, وفي المقابل على الفضائيات أن تحاول إجراء إحصائيات جدية وكافية لتتعرَّف على مدى قبول المواطنين لمحلليهم السياسيين والعسكريين. مما لا شك فيه إن احتلال بعض مدن محافظة إدلب كان بمساعدة البيئة الحاضنة للخيانات النائمة وقد أوردت الأخبار الروسية بعضها وخاصة في جسر الشغور, كما أن قتل 400 مواطن في تدمر كان بدلالة عدد من سكان تدمر الخونة على بيوتهم, ويصْعب عليَّ قبول فكرة أن مثل هؤلاء السكان كانوا تحت ضغط التكفيريين وخوفهم على عائلاتهم ولهذا أرشدوا التكفيريين إلى مساكن المواطنين الشرفاء, فلو ضحوا بأنفسهم لما وصل العدد إلى رقم المجزرة ال 400 رجال ونساء وأطفال وشيوخ وارتقوا إلى موقع الشهادة عند ربهم يرزقون. وبعدها قاموا بالإرشاد على مساكن 20 شهيداً جديداً قتلهم التكفيريون على مسرح تدمر التاريخي. أتذكر بأن الإعلام الحكومي لم يذْكر شيئاً عن جميع هذه الخيانات وقد سمعت عنها من فضائية روسية, وإنني أؤيد بالكامل تصرُّف الحكومة لعدم نشر مثل هذه الأخبار. ويجب أن لا ننسى بأن احتلال الرقة كان نتيجة خيانة خسيسة وقذرة نفذها مسؤول أمني في المدينة كما سمعته من بعض معارفي من سكان الرقة, وهذا لا يعني أن من بقيَّ في الرقة هم من أنصار الدواعش التكفيريين. أما فيما يخص التشكيك في موقفي روسيا وإيران أود التوضيح بحسب ما قرأته وسمعته وشاهدته في الإعلام الوطني وغير الوطني المناصر لسورية أو المعارض لسورية: 1ـــ فيما يخص عمق العلاقة مع روسيا الاتحادية ونوعيتها, أسمح لنفسي أن أطرح السؤال التالي: هل أوكرانيا, قبل الأزمة التي صنعها الغرب للضغط على روسيا لتغيير موقفها من سورية, أقرب إلى روسيا من سورية أو العكس؟, وأجيب بأنه يهم روسيا أن لا تتحول أوكرانيا إلى دولة معادية لها في قلبها, وقد دعمت روسيا فيكتور يانوكوفيتش للوصول إلى منصب رئاسة الجمهورية الأوكرانية وقدمت له مساعدات مادية للبقاء في موقعه. قام الأوكرانيون بحركات عدائية لرئيس الجمهورية وضد روسيا الاتحادية وحتى قبل تحرير شبه جزيرة القرم, إلا أن يانوكوفيتش هرب من كييف ولم تجد روسيا مناصرين له ضمن المواطنين في أوكرانيا لحمايته وحماية أوكرانيا من الوقوع في قبضة الغرب الوحشية, وعلى الرغم من حرص روسيا الاتحادية على استقرار أوكرانيا وأن تكون مؤيدة لها, فقد تخلت عن الرئيس الهارب بالتمام لأن ليس لديه دعماً شعبياً. أي أن روسيا لا تؤيد زعيماً ليس لديه تأييد شعبي وهي لا تُعْطي الشرعية لأي زعيم ما لم يكون له تأييد شعبي في وطنه ولا تسحب الشرعية من أي زعيم يؤيده شعبه. وإذا نقلنا هذه الحالة إلى سورية فروسيا ليست مع رئيس الجمهورية العربية الرئيس بشار الأسد شخصياً فهي مع ما يمثله الرئيس بشار الأسد من تأييد شعبي, أي أن الشعب السوري هو الذي يختار رئيسه وهو صاحب القرار, وهذه النظرة الروسية قديمة واستخدمتها عندما حررت أبخازيا من جورجيا بسبب تحديها لاختيار الشعب الأبخازي لرئيس جمهورية أفتنومنيا تابعة لجورجيا. موقف روسيا لم يتغير ولا يمكن أن يتغير وخاصة إن أكبر عدد من التكفيريين هم من جمهوريات تابعة لروسيا الاتحادية أو تقع في جنوبها. وبالمختصر المفيد فإن روسيا مع الشعب السورية وضد تقسيمه ومهتمة بالمحافظة على مؤسسات الدولة السورية. يجب أن ننظر إلى العلاقات الاقتصادية بين روسيا وتركيا على أن لها تأثيرات من طرف على الطرف الآخر. فهل, ومن خلال العلاقات الاقتصادية المتميزة, ستفرض تركيا رأيها على روسيا أو بالعكس, أو سيكون هناك نقاط تلاقي في مكان ما وهذا ما قد يظهر في القريب العاجل, ولكن لو كان هناك تقصير في الموقف الروسي لما تمكنت وزارة الخارجية السورية من إخفائه وخاصة أن الاتصالات مستمرة بين البلدين والوفود الروسية تزور سوريا بشكلٍ دوري وهذا ما أكده وزير الخارجية السورية مرات ومرات. من جهة ثانية وباختصار شديد, فإذا قارنا الموقف الأميركي من الأزمة في سورية بالموقف الروسي فإن واشنطن تريد تدمير سورية وموسكو تريد وقف التدمير والمساهمة في إعادة الإعمار. 2 ـــ إن التشكيك بموقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية ليس عليه أي دليل سوى ما يكتبه الإعلام المغْرض, وبالنسبة لاستعراض العلاقات الاقتصادية الإيرانية التركية فلا يختلف عن ما ذكرته عن العلاقة الروسية التركية, وفيما يخص المساعدة الإيرانية لحزب الله أو لسورية فهي مستمرة وجميع التصريحات الصادرة عن القيادات الروحية والسياسية والعسكرية الإيرانية تؤكد صحة الموقف الإيراني الداعم لسورية, وقد أكده مرات عديدة السيد حسن نصر الله في كلماته وآخر مرة بتاريخ 24 أيار الماضي. ومنعاً لأي التباس يُشكِّل قرار الشعب في سورية والتماسك خلف جيشه البوصلة التي توجهنا نحو النصر وأي تشكيك في العلاقات مع أصدقائنا أو بمواطنية بلد أو قرية يجد تفسيره في زيادة الحرب النفسية التي يقودها الإعلام المُغْرض ويهدف إلى زيادة تأثير الحرب النفسية علينا ونكون قد ساعدناه على تنفيذ خططه الجهنمية بحق الوطن والمواطن. دعونا نتعاهد بعدم نشر كل ما يُضْعف التلاحم الوطني وحتى نمتنع حتى الإشارة إلى أي خبر نجد فيه ضرراً ولو طفيفاً على هذا التلاحم. ومنعً لأي التباس فإن مكافحة الفساد ضرورة حيوية ويجب أن نذكِّر فيها ونتصدى له وفق إمكانياتنا وبحسب مواقعنا, كما إن الاعتراض على قرارات حكومية مجحفة بحق المواطن من ضروريات حبناً لوطننا وتمسكنا بجيشنا ومحاربة العصابات التكفيرية معه وخلفه.

سيريا ديلي نيوز - د . م . محمد غسان طيارة


التعليقات