يتفقد خالد عراجي يوميا شاحنة النقل الحمراء المركونة في بلدته في شرق لبنان منذ حوالي الشهر، تاريخ إغلاق الحدود السورية الأردنية، ويتحدث عن راحة "قسرية" بعد ثلاثين عاما من قيادة الشاحنات في رحلات طويلة إلى دول الخليج، فالأزمة السورية نازعت اللبنانيين لقمة العيش. تداعيات هذه الحرب على اقتصاد لبنان في المقال التالي.
خالد عراجي واحد من مئات سائقي شاحنات النقل الخارجي اللبنانيين المتوقفين عن العمل منذ سيطرة مقاتلي المعارضة السورية على معبر نصيب الحدودي مع الأردن في محافظة درعا (جنوب) وتوقف حركة التصدير برا. وكان يقوم برحلات منتظمة من لبنان عبر سوريا إلى عدد من دول الخليج لنقل منتجات زراعية وغذائية وآلات وغيرها.
ويروي عراجي إنه كان مع 52 سائقا لبنانيا في الجانب السوري من معبر نصيب يوم اندلاع المعركة. ويتابع "انتظرنا اليوم الأول والثاني، وفي اليوم الثالث اشتدت المعارك "، مضيفا أن أوراق الشاحنات وتصريحات الدخول والخروج "احترقت كلها في نصيب"، بعد أن كان السائقون سلموها إلى موظفي الجمارك.
خسائر مالية ضخمة!
ويترتب إقفال الأردن لحدوده مع سوريا منذ مطلع الشهر الحالي أعباء على الاقتصاد اللبناني المنهك أصلا بفعل أسباب عدة بينها تداعيات الأزمة السورية. ويصدر لبنان برا إلى الأسواق العربية الخضار والفواكه ومواد غذائية ومعلبات وحبوبا ومربيات وآلات ومعدات كهربائية ومواد أولية للصناعات الكيماوية.
وبلغت صادرات لبنان العام 2014، وفق إحصاءات رسمية، أكثر من 920 مليون دولار إلى دول مجلس التعاون الخليجي وقرابة 256 مليون دولار إلى العراق. وتحتل السعودية والإمارات والعراق قائمة الدول المستوردة من لبنان. ويقول المحلل الاقتصادي نسيب غبريل "معبر نصيب كان الوحيد الذي تصدر من خلاله المنتجات اللبنانية برا وبعد إغلاقه لم يعد هناك من معابر. تتعرض 35 في المئة من الصادرات اللبنانية اليوم للخطر".
ويشير إلى أن قطاع التصدير البري هو القطاع الثاني المتضرر بعد السياحة في لبنان بسبب الحرب السورية المستمرة منذ أربع سنوات.
في 2014، صدر لبنان وفق غبريل، منتجات بقيمة ثلاثة مليارات و300 مليون دولار، أي ما يوازي ثمانية في المئة من حجم الاقتصاد، وذلك بتراجع نسبته 16 في المئة عن عام 2013.
ويقول غبريل "نواجه اليوم تراجعا إضافيا بسبب الاضطرابات وإغلاق المعبر الوحيد الذي تنفذ منه الصادرات إلى الأسواق الخليجية والعراقية".
شاحنات متوقفة وأخرى عالقة بالخارج!
ويقول نقيب مالكي الشاحنات المبردة عمر العلي في مكتبه في بلدة بر الياس القريبة من الحدود السورية "لدينا 900 شاحنة مبردة متوقفة داخل لبنان ونحو 290 شاحنة أخرى عالقة في الخارج بين السعودية والكويت والأردن".
ويوضح العلي أن نحو 250 شاحنة نقل كانت تجتاز الحدود اللبنانية يوميا في الأوضاع العادية. وفي فترات الركود، انخفض العدد إلى 120 قبل توقف الحركة كليا، باستثناء الرحلات التي تنقل البضائع إلى السوق السورية.
ويتحدث العلي عن خسائر بملايين الدولارات ويقول "شاحناتنا تنقل إنتاجنا الزراعي وإنتاجنا الصناعي، وهو ما يحرك الاقتصاد اللبناني". ويضيف "يقبض السائقون راتبا بقيمة 1500 دولار شهريا لتأمين متطلبات عائلاتهم عبر تحريك قطاعات أخرى. كل ذلك توقف الآن".
التصدير بحرا!
ولخص وزير الزراعة أكرم شهيب إثر اجتماع لمجلس الوزراء تطرق إلى الأزمة الأسبوع الماضي الوضع قائلا "للأسف أصبحنا في جزيرة".
وتدرس الحكومة اللبنانية خطة لنقل الصادرات التي كانت تنقل برا عبر البحر.
ويوضح المحلل الاقتصادي نسيب غبريل أن نقل البضائع عبر البحر "يتطلب وقتا أكثر من البر والكلفة بالتأكيد أعلى، لكن هذا الحل يبقى أفضل من لا شيء".
ويعد القطاع الزراعي أكثر القطاعات تضررا في حال استمرار أزمة التصدير، وهو يعاني أساسا من نقص الدعم الرسمي والأساليب الحديثة.
ووفق إحصاءات وزارة الزراعة، يؤمن هذا القطاع نحو ستة في المئة من الدخل الوطني ويشغل ما بين عشرين إلى ثلاثين في المئة من اليد العاملة ويمثل نحو 17 في المئة من قيمة الصادرات.
ويبلغ الموسم الزراعي ذروته خلال الصيف وتحديدا في شهري آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر، ما يتوجب إيجاد حل رسمي سريعا.
سيرياديلي نيوز
2015-05-09 20:29:39