تنظر المحاكم المصرفية السورية في مئات الدعاوى القضائية التي رفعتها مصارف حكومية ضد المقترضين من رجال الأعمال والمستثمرين لتحصيل الديون المتعثرة، ما دفع الأنشطة الاقتصادية وخاصة منها الصناعية إلى مزيد من الارباك، فيما تعكس مطاردة دمشق للمقترضين من ضحايا الحرب محدودية الخيارات وحالة الارباك.
تلاحق المحاكم المصرفية في سوريا رجال أعمال ومستثمرين لتحصيل الديون المتعثرة، ما أحدث عملية ارباك واسعة، أدت الى تجميد النشاط الاقتصادي، كما فاقمت أزمة القطاع الصناعي.
وأقرت دمشق سلسلة من الاجراءات القانونية منذ العام الماضي لحماية المصارف الحكومية، لكن رجال أعمال وصناعيين اشتكوا من فقدان السيولة المالية وطالبوا المصارف بتسهيلات تساعدهم على إعادة ترميم وتشغيل منشآتهم التي توقفت أو تضرّرت بسبب الحرب، بدلا من المطالبة بتسديد الديون المتراكمة.
ويرى خبراء أن الوضع الراهن يستدعي إيجاد حلّ اقتصادي للقروض المصرفية المتعثرة، ويطالبون بإجراءات عملية تسهم في إعادة تشغيل المنشآت الصناعية، والتجارية بما يضمن قدرتها على الانتاج، وقدرتها ايضا على تسديد ديونها للمصارف المحلية والوفاء بالتزاماتها.
وقالوا، إن ايجاد حلّ لإعادة تشغيل المنشآت الصناعية المعطلة، وتحفيز الأنشطة التجارية والسياحة المحلية أفضل من إغلاقها أو بيعها، وتسريح عمالها، لأن ذلك يعني تفاقم الأزمة القائمة اصلا، لكن آخرين قالوا، إن بيئة التوتر الحالية قد لا تسمح بإحياء هذه الأنشطة الاقتصادية حتى في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.
ويرى رجال الاعمال ان قرارات المحاكم المصرفية بفرض غرامات على المقترضين المتعثرين وغير القادرين على الدفع لا يحل المشكلة، خاصة أن هناك مؤسسات تقع في مناطق ساخنة ومتوترة، وهي متوقفة تماما عن العمل.
ويطالب رجال الأعمال بأن تقوم المصارف الدائنة بتقديم قروض جديدة لتمويل وإعادة ترميم وتشغيل المؤسسات المتضررة، حتى تتمكن من تأمين أرباح تساعدها على تسديد الديون المترتبة عليها.
وتنظر المحاكم المصرفية حاليا في أكثر من 170 دعوى تتعلق بمنع سفر مستثمرين ورجال أعمال، و1500 دعوى أخرى رفعتها 3 مصارف حكومية هي المصرف العقاري، والمصرف التجاري السوري، ومصرف التسليف الشعبي.
وفي الوقت الذي يشكو فيه الصناعيون من أزمة سيولة مالية، حالت دون تمكنهم من استيراد معدات جديدة أو تشغيل منشآتهم المتضررة، واصلت السلطات السورية “مطاردة” المقترضين ومعظمهم من رجال الأعمال والمستثمرين في القطاعين الصناعي والعقاري، في محاولة لتحصيل الديون المتعثرة التي تقدّر بأكثر من 1.6 مليار دولار.
وفي مفارقة، ربما تعكس حالة الارباك في حلّ أزمة الديون، كانت مديرية المدن الصناعية في وزارة الادارة المحلية في دمشق قد أعلنت عن قرار باستثمار نحو 2.5 مليار دولار في أربع مدن صناعيه موزعة بين ريف دمشق وحلب وادلب، وتشمل إنشاء 1580 مصنعا.
ويرى اقتصاديون أن قرار وزارة الصناعة، ليس الا ذرّ رماد في العيون، وتساءلوا كيف يطلق مشاريع صناعية جديدة، بينما تواجه المنشآت الصناعية القائمة حالة من الانهيار، كما يتم ملاحقة المقترضين من رجال الأعمال الصناعيين لتحصيل الديون.
وتحاول القاضية سميرة شاهين رئيسة محكمة البداية المصرفية في دمشق طمأنة المتقاضين بأمرين اساسيين، أولهما حرص المحكمة على تحقيق العدالة، خصوصا أن الديون المتعثرة هي بالنهاية مال عام وللمودعين، وأنه من واجبها المحافظة عليه وتحصيله.
وثانيهما أن المحكمة تنظر في الدعاوى وتبت فيها بسرعة، مشيرة الى أن ملفات التنازل بالدعوى عن الحق العام مثلا، ينظر فيها في اليوم الأول، وفي اليوم التالي يصدر القرار، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ملفات منع السفر التي تبت بها المحكمة في اليوم نفسه، وإذا تعذر عليها ذلك بسبب ضغط العمل، يؤخذ القرار في اليوم التالي.
ولم يخف رجال الأعمال السوريين مخاوفهم من عدم عدالة المحكمة، لأنها لا تميز عند تنفيذ قراراتها بين المقترضين المتعثرين الذين يقيمون في سوريا ويحاولون متابعة نشاطهم رغم صعوبات وأضرار الحرب، وبين المقترضين الذين فرّوا بأموالهم من سوريا.
وأكدوا ان قرار منع المستثمرين من السفر، يؤثر كثيرا على المقيمين منهم في سوريا ويعرقل أعمالهم خصوصا التي تتطلب منهم السفر لإنجاز عمليات التصدير والاستيراد.
واعتبرت رئيسة لجنة المصارف في غرفة صناعة دمشق وريفها مروة الايتوني، أن تسويات القروض والاجراءات القضائية والمصرفية لم تكن لصالح القطاع الصناعي، مؤكدة أن المصارف ضامنة لحقها اساسا بقيمة تتجاوز 70 في المئة فوق قيمة القرض.
وقالت، إنه من واجب الحكومة السورية أن تتحمل ابناءها من الصناعيين الذين تعرضت منشآتهم للتخريب من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة، ومساعدتهم على تسديد هذه القروض عن طريق منحهم قروضا تشغيلية ولو بمبلغ يتراوح بين 20 الى 40 ألف دولار، لكل صناعي، تضاف الى قروضه السابقة بحيث يتسنى له العودة إلى الإنتاج.
ويرى رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية المهندس فارس الشهابي، أن المحاكم المصرفية ربما تكون جيّدة، وهذا الأمر يرتبط حتما بخطتها ورؤيتها في العمل.
وقال إن هناك حالات تظلم كثيرة، لأن معظم القضايا سببها الحرب وما الحقته من خسائر مادية كبيرة، وإذا لم تكن هذه المحكمة عادلة وسريعة، فسيكون ذلك كارثيا على الاقتصاد الوطني.
سيرياديلي نيوز
2015-04-25 12:57:05