يقول عاملون في مجال الإغاثة ومنظمة حقوقية إن قواعد جديدة بدأ تطبيقها في لبنان الذي يعيش به أعلى تركيز من اللاجئين بالنسبة لعدد السكان في العالم تعرض آلافا من هؤلاء اللاجئين لخطر إساءة المعاملة من جانب ملاك العقارات والاحتجاز في أي وقت.

ونتيجة للحرب المستمرة منذ أربعة أعوام في سوريا فإن واحدا من كل أربعة أشخاص في لبنان الآن هو لاجيء. ويعيش كثير منهم في فقر مدقع ويواجهون العداء والاستياء في البلد الصغير .
وتتطلب السياسة الجديدة التي بدأ تطبيقها هذا العام من السوريين الذين يدخلون لبنان الحصول على تأشيرات حتى يتاح لهم الخروج والدخول بسهولة. ويحذر عمال إغاثة وسوريون من أنه أصبح من المتعذر على كثير من السوريين الذين يعيشون في لبنان بالفعل تجديد تصاريح الإقامة الخاصة بهم.


وإذا لم تكفل شركة او رب عمل السوريين فانهم يضطرون لتقديم عدد من الوثائق بينها تعهد موقع بعدم العمل وعقد إيجار موقع من المالك الذي يسكنون عنده. ويقول لاجئون إنه من دون هذه الوثائق فمن الممكن اعتقالهم واحتجازهم لأسابيع.

وقالت دانا سليمان وهي متحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيروت إن هذا التشريع يتيح المجال لاحتمال إساءة المعاملة. وتابعت قولها إن المفوضية تلقت تقارير عن انتهاكات مزعومة من جانب ملاك مثل الرشى والعمل بالسخرة مقابل توقيع عقد السكن.

وحدث هذا لعامر وهو سوري يبلغ من العمر 31 عاما ويعمل في مطعم بالعاصمة. ويعيش في شقة مؤلفة من حجرتين مع أربعة آخرين وهو غير مسجل منذ ثلاثة أشهر. وقال "عندما طلبنا من المالك توقيع عقد إيجار قال .. لا أستطيع أن أقوم بذلك .. إذا وقعت عقد إيجار فساضطر لسداد أموال للبلدية والضرائب. سيكلفني هذا الأمر. أو يمكنكم أن تدفعوا لي مثلي الإيجار."
والآن يحاول عامر أن يحد من تحركاته ويخشى الاعتقال كل مرة يلمح فيها شرطيا أو جنديا.

ويقول عاملون في مجال الإغاثة طلبوا عدم نشر أسمائهم حتى يتسنى لهم الحديث في هذا الموضوع الحساس إن السوريين غير المسجلين يخشون من الاتصال بالشرطة إذا تم طردهم من السكن أو إذا تعرضوا للإساءة من الملاك أو الجهات التي توظفهم.

ولبنان ليس عضوا موقعا على اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين ولم يسمح للأمم المتحدة بإقامة مخيمات رسمية.

ويعيش اللاجئون في المباني المهجورة أو يقومون باستئجارها أو استئجار أرض زراعية جماعيا وينصبون الخيام في مخيمات غير رسمية. وأشادت الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى ببيروت لجهودها ولاسيما في تعليم الأطفال السوريين في المدارس اللبنانية.

وتقول الحكومة إن القواعد الجديدة وضعت لانها لا تستطيع التعامل مع الأعداد الكبيرة من السوريين الذين يتدفقون عبر الحدود وطلبت تمويلا للمساعدة في الاعتناء بهم. وأضافت أن الهدف من التعهد بعدم العمل هو التمييز بين اللاجئين الحقيقيين والمهاجرين لأسباب اقتصادية. لكن دانا سليمان من مفوضية شؤون اللاجئين تقول إن هذا قد يفضي إلى حرمان السوريين من إمكانية كسب قوتهم.

استياء
وتقول المحامية ديالا شحادة نائبة مدير مركز الدفاع عن الحقوق والحريات المدنية إن الالاف إن لم يكن مئات الالاف من السوريين يعيشون في لبنان دون تصريح قانوني ويحاولون تفادي نقاط تفتيش. وتقول إن الكثير من السوريين لا يستطيعون الحصول على إقامة قانونية ولا يملك كثير منهم أوراق هوية سليمة وهو مطلب آخر ضمن القواعد الجديدة. وتضيف أن اللاجئين الأفقر على وجه التحديد لن يستطيعوا توقيع عقد إيجار وتتساءل كيف يمكن لهم أن يوفروا هذه الوثائق بينما يعيش كثير منهم في المخيمات. وتقول إن عملاءها السوريين يحاولون عدم الخروج ليلا. ولا يغادر آخرون أماكن إقامتهم بالأيام تجنبا للشرطة. وتقول إن كثيرين دفعوا مئات الدولارات مقابل استخراج جوازات سفر مزورة. وتقدر أن ما بين مئة ومئة خمسين يعتقلون كل شهر.

وأقر خليل جبارة وهو مستشار لوزير الداخلية بوجود بعض الصعوبات في القواعد الجديدة. وقال إن أشد هذه القواعد هي رسوم تجديد تصريح الإقامة وقيمتها 200 دولار ويعجز كثير من السوريين عن دفعها.
ولمواجهة هذه المشكلة أجلت الوزارة سداد الرسوم لبضعة أشهر العام الماضي وجدد 27 ألف سوري تصاريح إقامتهم. وقال لرويترز إن الوزارة تحاول إيجاد سبيل لتسهيل الإجراء الخاص بعقود الإيجار.

وذكر جبارة أن السوريين الذين يقيمون بشكل غير مشروع ويتم احتجازهم يمنحون مهلة نهائية لتجديد تصريح الإقامة. ولم يحدد متوسط فترة الاحتجاز. وعندما سئل عما يحدث إذا انقضت المهلة دون تجديد وتم إيقاف اللاجيء عند نقطة تفتيش فأجاب أنه يتم احتجازه مرة أخرى مشيرا إلى أنه لا توجد سياسة لترحيل السوريين.

تواجه الحكومة اللبنانية صعوبات لتوفير احتياجات اللاجئين خلال فترة من التباطؤ الاقتصادي. كما يشعر الساسة أيضا بالقلق من تأثير اللاجئين الذين يغلب عليهم السنة على التوازن الطائفي في لبنان الذي تم فيه تقسيم السلطة بعناية بين المسيحيين والشيعة والسنة بالإضافة لجماعات أصغر.

وقبل أكثر من 60 عاما استقبل لبنان عشرات الالاف من اللاجئين الفلسطينيين بعد قيام إسرائيل. وزاد عدد هؤلاء إلى مئات الالاف وتحولت مخيماتهم إلى مناطق عشوائية. وينظر إلى عسكرة المخيمات الفلسطينية على نطاق واسع على أنه عامل محفز ساهم في اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية التي دامت 15 عاما.

وتصور وسائل الإعلام اللبنانية وبعض الشخصيات السياسية أزمة اللاجئين الحالية باعتبارها قضية أمنية وليست قضية إنسانية. وزادت هذه المخاوف بعد أن داهم متشددون بلدة يعيش فيها الكثير من النازحين في أغسطس آب وخاضوا معارك مع الجيش لعدة أيام. ويتهم كثير من اللبنانيين اللاجئين الآن بإيواء متشددين.

ويقول آخرون إن اللاجئين ينافسونهم على الوظائف ويتسببون في تدني الأجور وزيادة الأعباء على المستشفيات وعلى إمدادات الكهرباء رغم أن لبنان يعاني من مشاكل في البنية التحتية من قبل . وفي الوقت ذاته فرضت بعض البلديات حظر تجول ليليا على اللاجئين.

سيريا ديلي نيوز- رويترز


التعليقات