سيرياديلي نيوز - خاص -  سليمان أمين

أرواد مملكة كنعانية فينيقية لها أطلال في الجزيرة التي تحمل نفس الاسم وتقع قبالة مدينة طرطوس على بعد كيلومترين ونصف من الساحل. وتعتبر طرطوس ومعها عمريت من المدن التابعة لأرواد التي اعتمدت عليها في الزراعة والحصول على المواد الخام، وقد كشفت التنقيبات عن وجود المقبرة الرئيسية لأرواد في منطقة طرطوس المقابلة إذ كُشف عن مقبرة ملكية الأسلوب تعود إلى القرن الخامس ق.م، وفي الطرف الجنوبي للجزيرة عُثر أيضاً على مقبرة ترميد صغيرة، وبسبب ضآلة حجم التنقيبات في أرواد فإن تاريخها المدني لا يزال مجهولاً في غالبيته علماً أنها عامرة حضارياً منذ الألف الثالثة ق.م ومذكورة في ألواح مدينة إيبلا خلال الفترة المذكورة. وفي عصر الحديد (الكنعاني الفينيقي) كانت أرواد محمية بسور دفاعي حصين لفّ الجزيرة، وهي تمسح أربعين هكتاراً. ورغم الدور الحضاري الذي قامت به الجزيرة عبر تاريخها الطويل، فإنها لا تلقى الاهتمام المطلوب ...ولعل ما خصّته بها وزارة الثقافة –بعد إعادة افتتاح متحفها عام 2006- هو بكائية دموع على الجزيرة مثيرة للاستغراب...فرغم وصف وزير الثقافة الأسبق لها بأنها متحف بأكملها، وأنها ملأى بمخزون تراثي فريد، فقد اعتبر أن إمكانية التنقيب فيها عسيرة بسبب صغر مساحتها وضيق أزقّتها واكتظاظها بالساكنين...كما اعتبر أن مكانتها العظيمة تاريخياً انقلبت من نعمة على أهل الجزيرة إلى نقمة...وبالتالي رأى وزير الثقافة الأسبق أن تسمية مديرية الآثار للجزيرة كلها "موقعاً أثرياً"، ضيّق على أهل الجزيرة إمكانية البناء الحديث والتوسع في عمرانهم...فارتأى الوزير بذلك جمع مجلس الآثار من أجل (الموازنة بين أهمية الحجر واحتياجات البشر) –حسب تعبيره- فأصدر المجلس المذكور قراره باعتبار جزيرة أرواد (ليست أثرية بالكامل)! وبين "أثرية بالكامل" –ضمن قرار قديم- و"غير أثرية بالكامل" –ضمن قرار الوزير الأسبق ومجلس الآثار- تتلاطم الأمواج على شطآن الجزيرة بين "مدٍّ" حضاري و"جَزرٍ" وزاري لتصبح مكانتها التاريخية العظيمة في مهب ريح الحداثة وأنفاس الاستثمار. ونحن نرى أنه لا شيء يمنع من "تحديث" الجزيرة ضمن شروط معقولة تضمن أولاً أثرية الجزيرة بالكامل، وتكفل بقاء نسيجها العمراني والاجتماعي الأصيل...أما طرحها في سوق الاستثمار بعبارة (ليست أثرية بالكامل) فقد يدعو بعض المستثمرين إلى استثمار العبارة "بالكامل" استناداً إلى تفسيرات ليّنة للقانون... وسؤالنا الأكثر إلحاحاً هو كيف قبلت "المنظومة العلمية" في مديرية الآثار تغيير العبارات وإزالة الصفات؟!...فبين "أثرية بالكامل" و"غير أثرية بالكامل"، وبين "الصفة الأثرية" و"إزالتها" غموض كبير قد يجد له مأوىً في السوق العتيق بدمشق، ذلك الذي هدمه مجلس آثار الوزير الأسبق بعد إزالة الصفة الأثرية عنه –نقصد السوق-!!!!!... أسئلة نطرحها على الوزارة راجين أن يبحر الكادر الوزاري المختص إلى الجزيرة ويرى متطلباتها الحيوية لتبقى جزيرة كنعانية فينيقية وتستمر بعيداً عن عيون المستثمرين الذين لا يكترث بعضهم بالأهمية التاريخية لتلك الجزيرة التي كان البحارون القدماء يقدسونها كلؤلؤة وسط بحار العالم القديم..

سيرياديلي نيوز - خاص - سليمان أمين


التعليقات