تكشف القرارات المعلنة والأخرى قيد الطبخ وتلك التي تدور في سياق النيات والأفكار على مستوى الحكومة والوزارات وصولاً إلى اللجان الفنية والتقنية المتعدّدة المرجعيات، عن جدية بدت ملامحها تطفو عبر تطوّرات القطاعات والأسواق ومن خلال التوجّهات الملحّة التي تأتي كنتيجة حتمية لظروف موضوعية بوجود مسبّبات تؤدّي إلى تسريع اتخاذ القرار المناسب الأكثر جدوى ونفعاً وعائدية، حتى لو كان بهدف تخفيف الخسائر وليس الربح الصافي الذي يشتدّ الخناق عليه في هذه الاستثناءات التي نعيشها؟.

ومع أن مجريات وحيثيات ما يتم تداوله خلف الجدران ووراء الأبواب الموصدة مجرّد تسريبات تبقى في خانة الترجيحات والتوقعات لأنها غير منسوبة أو موثقة، إلا أن “ربيع التصدير” بدأ موسمه حقيقة بشهادة الصفحات البيضاء التي وثقتها عقود الصفقات التجارية الخارجة إنجازاً من سلسلة المعارض الخارجية، مروراً بشحنات الحمضيات التي اتخذت من “الكوريدور الأخضر” ممراً إلى السوق الروسية ما شكّل انفراجاً نسبياً وسريرياً لمحصول كتب عليه الشقاء وبلاء التصريف، ليأتي اليوم خيار تصدير البيض التكتيكي بعد أن تكوّنت معطيات غير متوازنة لسوق البيض الذي تنفس المستهلك الصعداء بانخفاض سعره ليصل صحن البيض إلى 500 ليرة بعد أن حلق إلى حدود 900 ليرة، ما شكّل صدمة موجعة للمنتجين الذي ضربوا كفاً بكف على وقع مصيبة الخسائر الفادحة من بيع البيض بأقل من التكلفة.

ونعرّج هنا على معلومات متقاطعة عن نقاش مسرحه وزارة الاقتصاد حول السماح بالعودة إلى تصدير ذكور الأغنام والماعز الجبلي، حيث عقدت اللجنة الفنية أكثر من اجتماع لدراسة المزايا وشروط التصدير وأعداد الرؤوس التي سيسمح بتصديرها وفق خطة وإجراءات مدروسة، بحيث لا يؤثر التصدير في ارتفاع أسعار اللحوم في الأسواق المحلية رغم حقيقة الغلاء في الوقت الراهن، ما يؤكد المؤكد من أن رياح التصدير هبّت وما على الحكومة إلا اغتنام الفرص من جهة وتعديل ميزان السوق المحلي لجهة الأسعار والوفرة، وهذا ما ينطبق على البيض دون أن يناسب سوق اللحوم والمواد الأخرى التي يسيل لعاب تصديرها.

إنه تنازع لا يمكن إغفال موجباته وسلبياته بين مستهلك يلهث وراء أولوية المنتج البلدي بسعر مناسب، وصناعي ومربٍّ يلعن الخسارة ويتجنّب الوقوع بها لأنها فأل التوقف والإغلاق الأسود، وحكومة تستميت للحصول على ثمار التصدير الدسمة والمتمثلة بالقطع الأجنبي لزوم الاستيراد وتأمين أولويات الغذاء والدواء والطاقة.

هو ثمن لا يمكن نكران حصوله عند فتح بوابات التصدير أو إغلاقها، ففي كلتا الحالتين ثمة فاتورة من الحكمة أن تكون رضائية وتوافقية تسير في سياق مقولة “لا يموت الذئب ولا يفنى القطيع” التصالحية مع فرقاء النفع العام؟.

علي بلال قاسم - البعث

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات