سيريا ديلي نيوز- فادي رجب- ألمانيا
عندما بدأ الاحتلال الأمريكي للعراق، كانت وسائل الإعلام الغربية تستخدم في تقاريرها الاخبارية وعلى شريط الأخبار العاجلة الذي يظهر على شاشات التلفزة عبارة "War in Iraq" أو "الحرب في العراق".
وكانت بعض وسائل الاعلام العربية التي تبيَّن فيما بعد أنها وسائل إرهاب (لا إعلام) تستخدم نفس العبارة باللغة العربية "الحرب في العراق" بدلا من "الحرب على العراق".
كان الغرض من وراء هذا المصطلح هو أن يطبع في ذهن المتابع العربي والغربي أن هناك حرب تدور بين طرفين أو مجموعة أطراف، وأن الحَدَث هو ليس إحتلال أمريكي للعراق أو حرب تشنّها قوى التحالف الأنغلو - سكسوني على بلد ما، وتنهب خيراته وتقتل شعبه، وبالتالي يترسخ في العقل الجمعي للشعوب حالة حروب داخلية تتقاطع مع استبعاد مصطلح (عدوان)، وتبقى القوى المحتلة والاستعمارية في أذهان الجمهور المتلقي هي قوى جاءت لنشر الحريات والديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان وإسقاط أنظمة دكتاتورية تحكم هذه البلاد أو الإطاحة بديكتاتور يترأس بلد ما في بلد ما من العالم، وهو ذات الأمر مع إحدى استراتيجيات حلف الناتو في استخدامه مصطلح "Humanitarian intervention" أو "التدخل الانساني"كذريعة وتمهيد للتدخل العسكري ..
الأمر ذاته ينطبق اليوم في الحرب "على" سورية، حيث يستخدم الغرب ووسائل الإعلام الغربية والعربية مصطلحات تؤدي نفس الغرض لما ذُكر أعلاه، كمصطلحات "War in Syria - الحرب في سورية، Civil War - الحرب الأهلية - Syrian Crisis الأزمة السورية، ناهيك عن بعض وسائل الإرهاب الاعلامية التي لا تزال تستخدم أكذوبة Syrian revolution - الثورة السورية"
حيث يتم إشباع ذهن المتلقي بأكذوبة أن ما يحدث في سورية هو حرب أهلية بين أطراف سورية - سورية، مؤيدة ومعارضة للنظام في سورية، تتقاتل فيما بينها للوصول الى السلطة، أو أن هناك حرب طائفية بين طوائف سنية وشيعية وعلوية وغيرها، أو أن هناك ثورة شعبية من أجل الحرية والديمقراطية والكرامة الانسانية يطالب بها فئة من شعب مقموع من سلطته وحكومته (وهذا ما يجري الترويج له حقاً حتى اليوم)، في استبعاد تام لعشرات الآلالف من الارهابيين القادمين من حول العالم والدعم العسكري واللوجستي والمادي والإعلامي والسياسي الذي يتلقاه هؤلاء الإرهابيون، وعدم الالتفات إلى أن هناك حرب تشنها قوى عالمية واقليمية وعربية في مقدمتها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، ومعها الحكومات العربية المتصهينة وأجهزة استخباراتها وعملائها على الأراضي السورية لأهداف تتعلق بأمن اسرائيل وبالقضاء على الجيش العربي السوري وبالتالي المقاومة اللبنانية التي أذلّت جيش العدو الاسرائيلي، وصولاً إلى إضعاف ايران كقوة اقليمية صاعدة في المنطقة والعالم، والسيطرة على منابع وآبار الغاز والنفط وأنابيبها في المنطقة وأهداف استراتيجية إستعمارية أخرى ..
سورياً: والغريب في الأمر أن بعض وسائل الاعلام السورية وبعض الاعلاميين السوريين لا يزالوا مصرّين على استخدام مصطلح "الأزمة السورية" وفي أحسن الأحوال "الحرب في سورية" !!
هذه الأمور ورغم تفصيلها، إلا أنها تلعب دوراً كبيراً في التأثير على جمهور المتلقين، وخصوصاً أنه يتم استخدامها على مدار اليوم ولفترة سنوات وعقود، وترسّخ حالة معينة في أذهان المتلقي وفي ثقافته السياسية والاجتماعية، ثقافة يريدها الغرب أن تكون وتستمر، ويدونها التاريخ وكتب ومؤلفات قد تُستَخدَم في المستقبل كمَرَاجع ومصادر للمعلومات في كتابة أبحاث واطروحات ماجستير ودكتوراه عربية وغربية.
ما تم طرحه هو أحد أبرز ما يساهم في بناء ما تبقَ من عقول وثقافة للأجيال القادمة، التي عليها أن تعي حقيقة ما حصل في بلادها كي تبني عليه ثقافتها وتفكيرها، وتعلم من هو عدوها الحقيقي، ومَن دمّر إرثها الحضاري والثقافي، ومن يتربص بأوطانها وبشعوبها وثرواتها وحضارتها .
سيريا ديلي نيوز
2015-03-16 21:07:18