سيريا ديلي نيوز - سليمان أمين

 السوريون تاريخ وحضارة ومتمسكون بهويتهم والحرب التي يخوضها كادحو سوريا منذ أربع سنوات وصمودهم بوجه العالم يؤكد تمسك السوريين بهويتهم ويعتزون بها وقد أثبتوها في معركة وجودهم عبر التاريخ ولا يجهلون تاريخهم وحضارتهم وحرب عالمية على سوريا تدخل ميلادها الرابع بالتأكيد ليس بعدها مشكلة في الهوية لأن السوريين هم الهوية والتاريخ والحضارة وسيبقون.

في رد وتعليق على لقاء مع الباحث في التاريخ القديم "محمد محفّل" أجرته معه إحدى

 الصحف المحلية بتاريخ 17-2-2015/ أشار الباحث «محمد محفّل»  إلى ضرورة ملاحظة أهمية المؤلفات وطرحها بين يدي القارئ: «البداية كانت لكتاب (تاريخ الرومان) الذي صدر في العام 1973 عن دار أطلس من تأليفه، وهو مؤلف من 350 صفحة، يتطرق ككتاب أساسي إلى كيفيّة معالجة التاريخ القديم للمنطقة، وفي هذا الكتاب بالتحديد يقول محفل إنه "عالج إيطاليا وكيفيّة تأسيس الإمبراطورية الرومانية، أيّ كيف يمكن تناول موضوع أخذ أهمية كبرى في الانتشار؟ فالإمبراطورية الرومانية التي سيطرت على مختلف أنحاء البلدان المطلّة على البحر المتوسط، بدءاً من الألف الثالث قبل الميلاد وحتى سقوط آخر مركز كبير بطلمي (مصر) في عام 31 قبل الميلاد بعد معركة «أكتيوم». حيث انتصرت القوات الرومانيّة الغربيّة المقيمة في الشرق ممثلة بماركوس أنطونيوس على تحالف القوات المصرية الممثّلة بكيلوبترا. ولأوّل مرّة وآخر مرّة في تاريخ البشريّة أُغلق المتوسط لمصلحة مركز واحد..." انتهى الأقتباس

لكننا نعلم أن البحر الأبيض المتوسط كان يسمى في الألف الثانية والأولى ق.م بحيرة كنعانية فينيقية بسبب شهرة الكنعانيين الفينيقيين وتفوقهم الحضاري في العالم القديم، أي قبل أن تغلقه "روما" لمصلحتها... فكيف تستقيم معلومة الأستاذ محفل؟!

خطة الدراسة التي لم تتم بالتطرق للتجربة في التدريس الجامعي يشير الباحث محمد محفّل إلى تجربة حاول أن يقدّمها للبلد، لكنّها لم تكلل بالنجاح : «عندما جئت سورية من السفر للتدريس عام 1967 فوجئت بتدريس جامعي لا يناسب إلا المدارس الثانوية(؟!)، واصطدمت مع مسؤولي الجامعة حينها، فقلت إن التعليم إلقائي وتلقيني وهذا ليس للجامعة، ونتيجة للنقاش والجدل المستمر تمّت لي مقابلة رئيس الجمهورية آنذاك «نور الدين الأتاسي» فقلت له: هل تحتاج سورية في كلّ سنة لتخريج 400 مدرس تاريخ؟ فأنا درست في فرنسا وألمانيا وسويسرا، فهل تعلم أن سويسرا تخرّج 30 مدرساً في مادة تاريخ العالم فقط؟ لكن مقابل هؤلاء تخرّج 200 شخص بمرتبة (كونترمتر) أيّ مرتبة المساعد في التدريس، مهمته البرمجة والتهيئة في مادة التاريخ، وكذلك الأمر على الاختصاصات كافة، فقال لي: مشروعك كبير والتغيير مهم جداً، وسمح لي باقتراح الحلّ، فقلت: علينا التعاون مع الأونيسكو لتزود سورية بأساتذة من مختلف المناهج العلميّة في العالم، فنأخذ من النظام العلمي الاشتراكي والأنكلوسكسوني والأميركي والعربي والهندي وغيرها، وفعلاً بدأنا بتطبيق الفكرة فتجاوبت الأونيسكو معنا فوراً لترسل ما يعادل 25 اختصاصاً تعاملنا معهم عامين كاملين، فوضعنا برنامجاً متكاملاً للتدريس في كلّ الاختصاصات وفي كلّ أسبوع كان لنا اجتماعان، ومع مرور الوقت ولأسباب كثيرة وقعت الكارثة بدخول كلّ من يحمل شهادة البكالوريا للجامعة، فالمجتمع يجب أن يدخل ضمن خطّة علميّة إنتاجيّة، وقد كنت أفكر بخطة خمسيّة بدايةً لكنّنا لم نوفق فيها بل كانت المدّة التي استمر العمل خلالها فقط سنتين، ودفعنا الثمن بصورة مزعجة// انتهى الاقتباس

تعليقنا هنا على كلام الباحث محفل باستغرابنا أولاً حول انتقاده لمستوى التدريس في الجامعة السورية التي تخرج فيها أستاذاً للتاريخ، فهل بهذه السرعة ينحدر المستوى، أي في الفترة الواقعة بين دراسته فيها ودراسته في باريس؟...ومن ناحية أخرى، فكيف لا تحتاج سورية إلى 400 مدرّس تاريخ سنوياً آنذاك، في الوقت الذي تصاعدت فيه أنشطة التنقيب عن الآثار السورية وفي الوقت الذي كانت فيه سورية على أبواب نهضة التصحيح عام 1970؟ وهل يمكن إنكار دور الأساتذة السوريين في تنشئة الأجيال السورية والعربية على حد سواء (الجزائر والخليج العربي نموذجاً)...ثم لماذا الاعتماد على الأجانب واليونسكو وسورية بلد مستقل ويملك من القدرات والمقدرات ما لا تملكه بلدان متطورة وغنية؟ وعن أية كارثة يتحدث الباحث محفل في الفترة التي تحدث عنها؟ وكيف يستخف بكل من حمل شهادة بكالوريا آنذاك، وكيف يلمح إلى ضرورة حرمان الغالبية منهم الدخول إلى الجامعة، في الوقت الذي نبكي فيه الآن على موضوع الاستيعاب الجامعي الذي أصدره القائد الخالد حافظ الأسد والذي يقضي بقبول أكبر عدد من الطلاب في الجامعات وهذا إنجاز كبير تفخر به الأجيال منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى اليوم ونحن نتطلع أن تبحث الدولة في إقامة نظام الجامعات المسائية لقبول الطلاب الناجحين في الشهادة الثانوية وفق معايير تضعها الجهات المعنية في الدولة مع التوسع في إقامة الجامعات الحكومية في كل المحافظات السورية وهذه السياسة في التعليم شكلت نقلة نوعيه في سوريا وما علاقة عدم التطور في برامج التعليم العالي والجامعي بمسائل التدريس أو مناهج التاريخ وسواها بمسألة القبول الجامعي واستيعاب الأجيال في تعليم شبه مجاني على كافة المستويات هل هذه نقطة ضعف أم عامل قوه ولماذا لم يبادر الأستاذ محفل بتقديم مقترحات لتطوير المناهج في التعليم العالي وهو الذي يحظى بكل القبول لدى الدولة بدءا من السيد رئيس الجمهورية ومروراً لكافة المسؤولين على كافة المستويات ومن المفيد الضرورة تسليط الضوء من قبل الأستاذ محفل أو من قبل الصحيفة بالعودة إلى الأرشيف وذكر هذه المعلومات بل وأكثر وقانون الاستيعاب كان وما زال حاجة وضرورة لكل أبناء الشعب السوري الكادح والذي أفاد منه جل السوريين والعرب في سورية في فترة السبعينات والثمانينات والتسعينات..وهيهات يعود حجم هذا الاستيعاب كما كان لنضمن مستقبل أبنائنا بدل البحث عن الملايين لتدريسهم في الجامعات الخاصة و هو من أهم القرارات لصالح الأكثرية الساحقة من أبناء شعبنا واستغرب كيف يفكر رجل بقامة علميه وثقافيه أن يتجاهل هذا القانون الاستراتيجي المرتبط بحياة الناس ومصالحهم ومستقبل أبناء الوطن .

لورانس تلفيق أوربي أم خطأ وارد

 ردنا وتعليقنا على قول الباحث محفل " ودفعنا الثمن بصورة مزعجة" هو أننا نحن من دفع الثمن المزعج من جراء ما فكّر به المتعالون على أبناء وطنهم ووضعهم في خانة لا تليق بهم. لورانس العرب سالم أحمد...

تلفيق أوروبي: بالعودة إلى إحدى النقاط المهمّة؛ التي أضاءت عليها الصحيفة مع الباحث محفل، هي توضيح اسم (سالم أحمد) الملحق باسم لورنس العرب، فأوضح الباحث «محفّل»: حقيقة (س. أ) اللاحقة التي فرضها الغرب على المستشرق (لورنس) وهم فرضوا تفسير هذه اللاحقة باختصار لاسم (سالم أحمد) أيّ (لورانس العرب سالم أحمد) وهذه كذبة كبيرة، إلى أن جاء وقت صدر فيه كتاب لعالم أميركي يؤيد كلامي، الذي كنت أدحض به كلّ من تناقل المعلومة الخاطئة-والكلام لمحفل- فقد قلت في كتاب قدّمته، وهو لكاتب تركي يدعى (لطفي أردوغان) وعنوان الكتاب (سارة التي دمرت الإمبراطورية العثمانية) وطبع عام 1994 عن دار طلاس. قلت: ألقيت الضوء على جمعية الاتحاد والترقي وعلى شبكة جاسوسية (نيلي) وكانت رئيستها (سارة أرنسون) والـ(س. أ) هي اختصارٌ لها، وكان لها أخ اسمه (آهرون أرنسون) يعمل في المكتب العربي في القاهرة ولندن، أثناء الحرب العالميّة الأولى، والهدف الأساسي له هو الحرب على الدولة العثمانية، ومع كلّ أسف انضم له الشريف حسين لاحقاً، وكان آهرون مديراً للشبكة وفي منطقة قريبة من «عتليت» كان يجتمع مع سارة وأخيهما ووالدهما وآخرين. فالخدمة التي قدّمها هذا المكتب كانت كبيرة للقضاء على نفوذ العثمانيين، بل يمكن القول إن تدمير الحملة العثمانية بصورة أساسيّة جاء على يدّ هؤلاء الجواسيس // انتهى الأقتباس

لا نعرف كيف يمكن لشخص أو مجموعة أشخاص من الانكليز أو العثمانيين أو الصهاينة أن يدمروا وطن أو أمة أو مجتمع وغيره لماذا لم ينبه الأستاذ محفل إلى دور بريطانيا وفرنسا والدولة العثمانية في تمزيق الوطن العربي وإنشاء الكيان الصهيوني في فلسطين وقيام الكيان السعودي وفق المذهب الوهابي وإنشاء حزب الإخوان المسلمين كل هذا مع بداية القرن العشرين وتاليا الإمعان في تفتيت الوطن العربي لصالح الكيان الصهيوني والأنظمة الرجعية العربية وهناك المئات من الوثائق والمراسلات والقرارات التي تؤكد سياسة هذه الدول مع أمريكا لاحقا تجاه المنطقة بالهيمنة عليها وطرح كل المشاريع التي من شأنها قيام كيانات ضعيفة وهزيلة على أسس دينيه ومذهبيه وطائفية وعرقيه وسواها والسير بطمس كل معالم الحضارة في بلاد الرافدين العراق وتاليا في سوريا لصالح الأسطورة الصهيونية حيث دمرت ونهبت التراث الحضاري في العراق وسوريا وقسم منها وصل إلى بلدان العالم ومنها الكيان الصهيوني وكنا نتمنى على الأستاذ محفل فضح وتعرية من ألحق أكبر الأذى والخراب والنهب للتراث الإنساني في سوريا والعراق ولا نعرف مسؤولية من الكشف عن هذا وسواه أليس من واجب الجميع الذين رعاهم الوطن وكرمهم وأعطاهم وما زال يعطيهم بلا حدود أم ماذا ؟!

 لا تعليق! لا نهضة عربيّة إطلاقاً

! وفي نقطة بارزة شرح فيها الدكتور «محمد محفّل» للصحيفة رأيه في استخدام جملة «النهضة العربيّة» يضيف: «في كتاب صدر بالترجمة عن الأرمنيّة عام 1995 حمل عنوان (اليقظة القوميّة العربيّة) لمؤلفه (يغيا نجاريان) من حلب، قلت له تُستخدم كلمة النهضة كثيراً، والحقيقة أن كلّ ما جاء في أدبيّات العرب من 200 عام إلى الآن خاطئ، إذ لا نهضة مطلقاً، فالنهضة لا تأتي من رحم دولة منهارة! وما وُجد في ذلك الحين هو وعي ثقافي أدبي مقابل سياسة التتريك التي هي سياسة الاتحاد والترقي، والنهضة أيضاً تحتاج إلى أسس علميّة ومراكز أبحاث وتحتاج بالضرورة إلى حكم مركزي ديمقراطي وعلاقات مدن وكثير من الشروط الأخرى. وكلّ هذا الكلام صغته في مقدّمة الكتاب وقد طبع الكتاب في سورية ومصر// انتهى الاقتباس

 ونعلق على هذا الكلام بالقول إنه مجحف بحق روّاد النهضة العربية من مثقفي الأمة وحاملي مشعل مقاومة الاحتلال العثماني وسياسة التتريك، بل مجحف وظالم بحق شهداء السادس من أيار. عن عدو اليوم ويشير الباحث «محمد محفّل» إلى ضرورة الانتباه لخطر قادم علينا كاستقراء لباحث في تاريخ منطقتنا وكقارئ تحققت معظم قراءاته في مسيرة تطور الدول في المستوى المحلي والعالمي –حسب الصحيفة- فيقول منبّهاً: «لم تعد إسرائيل تشكل خطراً عسكرياً علينا اليوم، بل في الـ50-60 سنة القادمة سيكون الصراع صراع وجود على هويّتنا، وعلى تراثنا القديم حتى الآن، إذ علينا هجوم من عدّة أطراف، وجهلنا في الماضي أدّى بنا للدمار، واليوم عدم الانتباه للمنطقة من الهجوم الفكري سيؤدي بنا إلى دمار الهويّة وزواله// انتهى الاقتباس

كيف يمكن القول من قبل أستاذ كبير مثل محمد محفل إن العدو الصهيوني ليس في وارد أن يكون الصراع عسكريا معه وقد يتحول إلى صراع الهوية والثقافة والانتماء لازالت قوة العدو الصهيوني العسكرية تعادل قوة العرب العسكرية مجتمعين إلى يومنا هذا وتراهن على ذلك لأنه في الأساس الصراع مع العدو الصهيوني صراع وجود ومصير ومستقبل وليس صراع حدود وبالتالي هو في جوهره صراع ثقافي وحضاري وتاريخي وهوية وسوا ذلك وهم من أيقظوا كل الفتن المذهبية الدينية والعرقية والطائفية وفق المخطط الصهيو أمريكي الرجعي الإخواني العثماني الاردوغاني الأوروبي الفرنسي والبريطاني بقصد إسقاط المشروع القومي العربي وإخراج الأمة من دورها وهويتها وثقافتها بأفكار برنارد لويس وكيسنجر وبيريز وغيرهم من العنصريين حيث تشن الحرب الإرهابية على الوطن العربي تحت مسمى وعنوان الإسلام السياسي من اجل قيام كيانات تخدم مصالح أمريكا والغرب والعدو الصهيوني وتركيا العثمانية وهم كانوا عبر التاريخ متآمرين على العرب وحياتهم ومستقبلهم ووحدتهم ولعله كان من المفيد الإضاءة على هذه النقاط الإستراتيجية

 ختاماً نعلق بالقول ماذا عن دور الباحث محفل الفعلي في عملية الانتباه لخطر الهجوم الفكري الغربي والغزو الثقافي المعلن على بلادنا في مجال التراث والهوية الوطنية لا سيما وأنه عضو مجمع اللغة العربية ورئيس لجنة التاريخ القديم لسنوات طويلة في جامعة دمشق وعضو مجلس الآثار في وزارة الثقافة ومطّلع رئيسي على ملفات تتسم بالخطورة الفعلية على تراث البلد، فأين تدخلاته العلمية في هذا الموضوع، وما هي إسهاماته في إيجاد حل لتدارك الإخفاقات العديدة في المجال الثقافي؟

سيريا ديلي نيوز


التعليقات