أثرت الأزمة الإقتصادية التي رافقت إنهيار سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، بشكل ملحوظ على الحركة التجارية في سوق السيارات في سوريا، حيث توقفت حركة الاستيراد للسيارات الجديدة وأصبح من الصعب توفير قطع الغيار لها، خصوصاً للسيارات الأوروبية الصنع. واستمرت معارض السيارات، التي نجا بعضها من التدمير والنهب وانتقل بعضها الآخر إلى المناطق الآمنة في العاصمة، ببيع السيارات المستوردة منذ العام 2011، لكن بأسعار مرتفعة تلحظ كل ارتفاع يطرأ على سعر الدولار. وقد تصل الزيادة في الأسعار الى حدود 250 ألف ليرة (حوالي 1000 دولار) على سعر السيارة الأصلي. وما زاد الأمر صعوبة، هو توقف المصارف عن منح “قروض السيارات”، وهو إجراء اتخذته المصارف السورية عند بداية الأزمة، وبدأت بتحصيل ديونها من المقترضين. مما جمّد حركة بيع وشراء السيارات الجديدة، وانعش سوق السيارات المستعملة، التي ارتفعت أسعارها أيضاً تماشياً مع ارتفاع سعر الدولار.

الفرق الكبير بين أسعار السيارات المستوردة الجديدة وبين تلك المستعملة، ليس العامل الوحيد الذي أدى الى الإحجام عن شراء السيارات الجديدة، فالخوف من الخسارة هو العامل الأساس. اذ ان المواطن السوري بات يحسب احتمال ارتفاع نسبة خسائره المادية في حال شرائه سيارة جديدة وتعرضها للقصف او السرقة. والخسارة هذه ليست بسيطة، لأن الفارق بين سعر السيارات الجديدة وتلك المستعملة من الطراز نفسه، يكاد يتخطى الـ 50 في المئة. فالسيارات الألمانية الجديدة (على سبيل المثال) يصل سعرها الى حوالي 100 ألف دولار، في حين سعر المستعملة منها نحو 40 ألفاً. وتجدر الإشارة الى ان سوق السيارات الكورية يتفوق على الألمانية بنسبة تصل الى 90 في المئة، في دمشق وحلب، في حين ان الأخيرة تتفوق على الكورية في المناطق الساحلية والتي تضم طرطوس واللاذقية، وأيضاً في محافظة السويداء وهي من المحافظات التي لم تتأثر كغيرها بتراجع الحركة التجارية، وفق ما يذكره أحمد لـ “المدن”، وهو صاحب مكتب لتجارة السيارات في دمشق. وأمام تعثر سوق السيارات، يشير أحمد الى أن “عدداً من تجار السيارات غادروا البلد، أو تحولوا الى تجارة المواد الغذائية، أو العقارات، في حين ان البعض الآخر يقوم بتلك التجارات الى جانب تجارة السيارات. لكن عموماً لم يعد أحد يعتمد كلياً على تجارة السيارات”.

ركود السوق يعقده إرتفاع أسعار المحروقات، وسياسات الحكومة التي تضيّق الخناق على كل ما يمكن ان يستفيد منه السوريون. فارتفاع اسعار المحروقات وتفاقم أزمة النقل عززا مخاوف المستهلكين، وسببا تراجع بيع السيارات. ومن جهة أخرى، يمتنع المستهلكون عن شراء السيارات كلما تذكروا المرسوم رقم 3 الصادر في كانون الثاني 2014 والذي يمنع المواطنين من بيع سياراتهم خارج سوريا من دون الحصول على وثيقة رسمية تفيد بدفع الرسوم لوزارة النقل، وتؤكد إسقاط لوحة التسجيل السورية عنها. كما يفرض المرسوم على من باع سيارته خارج سوريا، غرامة تصل إلى 5 أضعاف سعرها، ويشمل القرار الذين نزحوا بسياراتهم لنقل عائلاتهم وأغراضهم، ومكثوا خارج سوريا لمدة تزيد عن سنة، حتى وان لم يكن وجود السيارة خارج سوريا يهدف الى بيعها.

وبغياب الخطط الإنمائية وسط الدمار والحرب، تستمر الأزمات الإقتصادية بالصعود والتنقل من قطاع الى آخر في سوريا. ولم يعد في الإمكان إحصاء نمو قطاع بشكل أفضل من القطاعات الأخرى، خصوصاً تلك التي تعتمد على التصدير والإستيراد، وعلى توفر السيولة بيد المواطنين.

سيرياديلي نيوز


التعليقات