فرضت دولة جزر القمر الإفريقية، التي انضمت إلى “جامعة الدول العربية” خلال 1993، فيزا وموافقة أمنية على المواطنين السوريين القادمين إليها، بحسب ما تمكن”الاقتصادي” من رصده بالأدلة والوثائق، دون الأخذ بالإعتبار التشاورات والاتفاقات الموقعة بين البلدين.

مخالفة لقانون TL MENU

هذا الإجراء الذي اعتاده السوريين من عدة دول عربية وأجنبية، يعتبر إنتهاكاَ واضحاً للاتفاقات الموقعة بين البلدين، مادامت هذه الإتفاقات السابقة سارية المفعول، والتي تنص على إعفاء السوري من تأشيرة الدخول، علماً أن الاتفاق المتعلق بجزر القمر لا زال سارياً حتى اللحظة، ومعمماُ على أنظمة الحجز الآلي العالمية التي تدعى “TI MENU”.

جزر-القمر

ولم ينص الاتفاق الموقع بين البلدين خلال 2006 على وجود أي تعقيدات، أو منع للدخول أو فرض فيزا، وحصل “الاقتصادي” على نسخةٍ من هذا القانون المكتوب باللغة الإنكليزية، والذي يقول: “بإمكان المواطنين السوريين الدخول إلى دولة القمر في أي وقتٍ يشاؤون، دون فرض فيزا أو أية تعقيداتٍ أخرى”، تطبيقاً لما تم اعتماده في الاتفاقات الموقعة بين البلدين خلال 2006.

لكن هذا الاتفاق ما لبث أن تم نسفه من إدارة مخابرات “مطار موروني”، عندما أقدمت خلال الفترة الماضية على إعادة أكثر من رحلة تحمل مواطنين سوريين من “مطار موروني” إلى دمشق، بحجة حفظ الأمان في دولة القمر، وذلك وفق عدة شهادات من مواطنين سوريين حاولوا السفر إلى جزر القمر، وتم منعهم وإعادتهم إلى سورية.

التعميم السري الذي يمنع الدخول

لم يتمكن أحد من العائدين من معرفة سبب إعادتهم وطلب الفيزا، لكن حسب البيانات التي وردتنا من إدارة “شركة اليمنية للطيران”، فإن “إدارة الهجرة والجوازات القمرية” و”إدارة مخابرات مطار موروني” قرروا فرض فيزا على السوريين، يجب أن يتحدد فيها أسباب دخول السوري إلى جزر القمر، والوثائق التي تثبت دخوله فيما إذا كان يريد القدوم بداعي الزيارة أو السياحة أو الاستثمار.

وتمكن “الاقتصادي” من الحصول على نسخةٍ من هذا التعميم غير المعلن، الذي توجه بشكلٍ سري إلى شركات الطيران التي تعمل في جزر القمر.

وجاء في التعميم المكتوب باللغة الفرنسية الصادر عن “إدارة الهجرة والجوازات”: “في إطار الحفاظ على الأمان، فإن إدارة الشرطة وقوى الأمن ومخابرات مطار موروني، تهيب بشركات الطيران العاملة بأن دخول من يحملون جنسيات سورية وكونغو ورواندا، بحاجة إلى فيزا وتصريح يبرر سبب دخولهم إلى جزر القمر”.

وهذا التصريح يمثل دليلاً واضحاً على مخالفة الاتفاق الموقّع بين البلدين.

سوريون تم إرجاعهم دون تبرير

أكد مدير شركة “اليمنية للطيران”، وهي الشركة الوحيدة التي تعمل بين جزر القمر وسورية، محمود عبد الباقي، لـ”الاقتصادي” أنّ إدارة “مطار موروني” أعادت المواطنين السوريين أكثر من مرة بعد وصولهم إلى جزر القمر، مبيّناَ أنه تم في 5 كانون الأول 2014 إعادة 8 مواطنين، ثم أعادت إدارة “مطار موروني” دفعةً أخرى من السوريين دون مبرر، حتى تم كشف هذا التعميم.

وأضاف عبد الباقي، “إن مواطني جزر القمر لا زالوا يدخلون إلى سورية حتى اليوم في أيّ وقت دون قيود”، كاشفاً عن وجود بياناتٍ لمئات المواطنين القمريين الموجودين في سورية، والذين يتمتعون بكل الامتيازات، ومنها التعليم والسكن المجاني وحرية التنقل ومعاملتهم بنفس مستوى المواطن السوري تماماً.

القنصلية لم تصدر ردّاً

توجه فريق “الاقتصادي” إلى “قنصلية دولة القمر” في سورية، والموجودة في منطقة المزة، والتقى سكرتيرة القنصل وعرض عليها الانتهاك والتعميم السري والوثائق، فطلبت منحها عدة أيام للتواصل مع إدارة “مطار موروني”، وانتظر الفريق 22 يوماً دون أيّ ردٍّ واضح، حيث أوضحت نهاية الأمر أن الرد ربما يحتاج إلى وقتٍ إضافيّ بسبب انشغال السلطات في جزر القمر بإجراء انتخابات قد تؤخّر الرد فترةً أخرى.

الفيزا لحماية السوريين!

رغم أنّ القنصلية لم يصدر عنها أي رد واضح بعد فترةٍ طويلة، لجأ “الاقتصادي” للقاء مندوب القنصلية لدى اتحاد الطلبة القمريين، محمود مهوما محمد، الذي تواصل مع السلطات المختصة هناك وعاد بالرد: “إن الإجرءات لا علاقة لها بالموقف السياسي، وإنما جاءت للحفاظ على أرواح المواطنين السوريين وضمان أمنهم”.

وقال: “إن نسبةً كبيرةً من السوريين يأتون إلى جزر القمر بغية التوجه بطريقة التهريب عبر البحر إلى جزيرة مايوت التي انفصلت عن جزر القمر وتحولت إلى مقاطعة فرنسية تبعد 75 كم عن العاصمة القمرية”.

وأضاف محمد أن التهريب يتم بطريقة غير شرعية قد يزهق أرواح المواطنين السوريين، ولأن جزر القمر لا تملك أي إمكانات لحمايتهم، قررت فرض هذه الفيزا لتحديد سبب دخول السوري إلى دولة القمر، والوثائق التي تحدد سبب الدخول مدة الزيارة بالتفصيل.

وأشار محمد إلى أن المواطنين القمريين ذاتهم يحتاجون إلى فيزا لزيارة مقاطعة مايوت، حيث تمنع السلطات الفرنسية دخول الشباب القمريين الذين يرغبون بزيارة أقاربهم أو الحصول على فرص عمل وظروف معيشية أفضل، وتقوم بإعادتم أو إغراقهم بالبحر في بعض الأحيان، متسائلاً: “إذا كنا لا نستطيع تأمين دخول مواطنينا، فكيف سنؤمن دخول السوريين إليها؟”.

تسهيلات سورية للمواطنين القمريين

وبينما خالفت جزر القمر الاتفاق الموقّع مع سورية، إلا أن الأخيرة بقيت ملتزمةً بالاتفاق دون أي تعقيدات، فالمواطنون القمريون في سورية لا زالوا يتمتعون بكل مزايا الدخول والخروج والمعاملة، وإجراءات الدراسة والسكن والتعليم المجاني في الجامعات السورية، وهذا ما يقر به محمود مهوما محمد، الذي كشف أن سورية قدمت كل التسهيلات للمواطنين القمريين، وأنشأت مكتباً لتسجيل الطلاب في الجامعات السورية، كاشفاً عن وجود 500 طالب جامعي من القمريين حالياً يدرسون على نفقة الحكومة السورية.

 

سيرياديلي نيوز


التعليقات