سيريايلي نيوز

ذكرّني جنون الأسعار الحاصل مع بداية الأسبوع بالفترة التي قفز فيها سعر الدولار ووصل إلى حيطان 300 ليرة. يومها تدخل المركزي وأطفأ ذلك التضخم المؤقت للدولار عبر عدة جلسات تدخل وضخ دولار في السوق، ذلك حصل منذ عام تقريباً، واليوم نشهد نفس السيناريو، ولعل تدخل المركزي وضخه الدولار في السوق يهدأ من أسعار الصرف، مع ثقتنا المطلقة بأن أسعار المواد الغذائية لايتحكم فيها ارتفاع سعر الصرف بقدر تحكم تجار الأزمة والدليل رفعهم المتوالي للأسعار مع إشراقة كل صباح مع سعر الدولار الجديد وبقائهم على تلك الأسعار المرتفعة على الرغم من انخفاضه وهذا ماكان يحصل بالفترات الماضية.

حيث بلغ سعر الصرف المتداول في السوق الحرة (السوداء) 237 ليرة اليوم الثلاثاء تاريخ كتابة المقالة، بعد أن وعد حاكم مصرف سورية المركزي بضخ كتلة نقدية بمقدار 65 مليون دولار للأغراض التجارية وغير التجارية وتلبية حاجة السوق المحلي وحتى في سوق بيروت لمنع عمليات المضاربة والتلاعب بسعر صرف الليرة.

ويرى بعض الخبراء الاقتصاديون أن سياسة المصرف المركزي ببيع الدولار لمن يريد غير صائبة وأدت إلى استنزاف الخزينة من احتياطي القطع الأجنبي وما رافق ذلك من غلاء الأسعار بسبب تمويل التجار مستورداتهم من السوق (السوداء) للقطع الأجنبي.

وما زاد الوضع تعقيداً هذه الفترة وإرهاق المواطن بتكاليف المعيشة الباهظة تحرير أسعار المشتقات النفطية والمحروقات حيث باتت أسعارها أرخص بالدول المجاورة ووفق خفر الحدود فإن مادتي المازوت والغاز يتم تهريبها إلى سورية قادمة من لبنان، وبعد توحيد سعر ليتر المازوت ليصبح 125 ليرة ارتفعت أسعار النقل الداخلي ضمن المدن وبالمقابل كان يجب أن تنخفض أسعار النقل الخارجي بين المحافظات إلا أن ذلك لم يحصل فمازالت تسعيرة البولمان بين طرطوس واللاذقية 300 ليرة على سبيل المثال.

وبالحديث الذي أجريناه مع عدد من تجار وصناعيي طرطوس أكدوا بأن ارتفاع الأسعار الحاصل سببه تحرير أسعار المشتقات بل أكثر من ذلك عدم عدالة توزيع مادة المازوت على الصناعيين مما أدى إلى ارتفاع أسعار منتجاتهم فعلى سبيل المثال الذي كان يملك معملاً لتصنيع علف الحيوانات يعتمد بشكل أساسي على سياراته الزراعية للنقل ونتيجة قلة المادة وصعوبة تأمينها اضطر ذلك الصناعي البسيط من إغلاق منشأته الذي أدى بدوره إلى  غلاء أسعار علف الحيوانات مما ضر بمربي الأبقار والأغنام والمداجن مثلا.

وفي هذه العجالة نذكر ما قاله ابو علي أحد مربي الأبقار في ريف طرطوس الذي أوضح بأنه تخلص من جميع الأبقار ورؤوس الأغنام لديه لأنه لم يعد بإمكانه تأمين مستلزمات صنعته وعلى رأسها تأمين مادة المازوت اللازمة لعملية النقل بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الشعير وقال بأن الحكومة كان يجب أن تقف مع هؤلاء المربين عبر تأمين مستلزمات صناعتهم الحيوانية ولم يستغرب الإرتفاع الحاصل بأسواق اللحوم الحمراء لخروج عدد كبير من مربيي المواشي من السوق.

ومن خلال جولة على بعض أسواق طرطوس ومحالها التجارية وجدنا ارتفاعاً بأسعار المواد الغذائية والخضار والفواكه حيث بلغ سعر كيلو لحم البقر والغنم بحدود 2000 ليرة حسب نسبة الدهن بعدما كان 1800 ليرة والبيض بحدود 700 ليرة والفروج الحي 425ليرة بالإضافة إلى أسعار السكر الذي وصل إلى 125 ليرة والبقوليات التي زادت بنسب مختلفة وجبنة 8 قطع أصبحت بسعر 185 ليرة بعد أن كانت 165 ليرة وعلبة المتة 270 ليرة وحفاضات الأطفال ارتفعت لتصبح 575 ليرة بعدما كانت بسعر 500 ليرة.

لعل المواد المذكورة هي عينة بسيطة عن سوق كبير وواسع تتسع فيه المنتجات والعروض ويقف المرء حائراً كيف يستطيع أن يؤمن متطلبات أولاده، ولعله نسي الكثير من حاجياته واقتصر مع أسرته على القليل والضروري في ظل الغلاء الفاحش للأسعار وانعدام الرقابة على أسواقنا وغياب الضمير من تجار الأزمة.

سيرياديلي نيوز


التعليقات