خاص سيرياديلي نيوز
يلقى سوق "البالة" أو الملابس المستعملة بدمشق إقبالاً متزايداً مؤخراً، على بضائعه، بسبب غلاء الألبسة الجديدة محليّة الصنع، وانخفاض القوة الشرائية لليرة السوريّة بين يدي الناس، هذا السوق ومنذ زمنٍ بعيد لم يكن ملاذ الفقراء فحسب، وإنمّا الباحثين عن معاييرهم الخاصّة للجودة، كما يلجأ إليه في الفترة الأخيرة مهجري الأزمة  للتعويض عمّا تركوه وراءهم، هاربين من المناطق الساخنة بالملابس التي عليهم.
موقع سيرياديلي نيوز  زارسوق "البالة" بمنطقة الشيخ سعد " المزة"  وتجوّل على بسطات الملابس المعروضة، والمحلات  و لا تقتصر البضائع على الألبسة المستعملة بأنواعها فقط وإنما الأحذية، الأغطية، الحقائب...، ويمضي الزبائن وقتاً طويلاً للشراء، يبدأ باختيار ما يلبي احتياجاتهم، وصولاً إلى "البازار"، أو المفاصلة على السعر، وهو فن يجيده الدمشقيون تجاراً، ومشترين.
دون خجل ..
"وفاء" معلمّة مدرسة، بدت منهمكة باختيار  بنطال جينز ، وبلوزة من "البسطة"، ولم تجد حرجاً في الحديث لنا عن  ولعها بالألبسة المستعملة، ورخص أسعارها، وامتداح جودتها، فيكفي أنّها "أوربية المصدر، ولا تبلى بسرعة، كما هو حال بعض البضائع المحليّة رغم ارتفاع سعرها"،  وأكدت بحماسة أن الموضوع ليس مرتبطاً بفقر الحال، وإنما بالبحث عمّا هو جيد، فهي تحرص ألا تضيّعَ نقودها بلا طائل، هنا يتدخل "أبو فؤاد" صاحب "بسطة" المعروضات، قائلاً: "زبائن (البالة) لا يقتصرون على الناس الفقراء، فثمّة زبائن يرتادون السوق من مختلف المستويات الاجتماعية، والمقتدرون منهم يجدون ضالتهم في البضاعة (الكريم)، وهي عبارة عن تصافي المصانع، والمولات الأوربية، وأعلى مستويات البضائع المعروضة هنا، حيث تصلنا جديدة، مع كرت المبيع، ويكون سعرها أعلى، وهناك من يفضلها على أرقى ماركات الملابس المحليّة الصنع." ويتقبل البائع برحابة صدر الانتظار الطويل، ريثما ينتهي زبائنه من انتقاء ما يريدون، قبل بدء عملية المفاصلة، يبتسم، شارحاً: "أتى اسم (البالة)؛ من طولة البال التي يجب أن يتحلى بها الزبون ليحظى بما يريد، والبائع لكي يبيع ما لديه."
بدورها ، قالت علا البارودي الطالبة في كلية الآداب بجامعة دمشق " عندما أذهب إلى سوق البالة في دمشق أحمل مبلغا لا يزيد على 2500 ليرة وأعود بتشكيلة جميلة من الملابس تسدد كل احتياجاتي ، وبالمبلغ نفسه قد لا أتمكن من شراء جاكيت أو بنطال واحد في حال ذهبت إلى أحد المحال التجارية المنتشرة في السوق".
وتتفق معها بالرأي صديقتها ميسون وتقول " أجد في ثياب البال تميزا عما يوجد في السوق من ملابس وبأسعار رخيصة، ولكن بصراحة تبقى للثياب الجديدة بهجتها الخاصة، ولكن ارتفاع الأسعار يمنع ذوي الدخل المحدود من أمثالنا التفكير بالملابس الجديدة دائما في هذه الأوقات العصيبة".
محظورة ولكن ..
منذ زمنٍ طويل، واستيراد "البالة" محظور من جانب الحكومة، لحماية الصناعة الوطنية،  لكن هذا سوق البالة  لم يتوقف عن العمل، والبضائع تصل إليه عن طريق التهريب من الإمارات، والأردن، ولبنان التي أصبحت المصدر الوحيد لبضائعه مؤخراً، بحسب ما أوضح "أبو مجد" ، وهو أحد محلات  البيع في السوق، ولدى دخول صالاته، نرى مشهداً مختلفاً عن حال بسطات العرض الصغيرة، حيث تبدو البضاعة مرتبّة، مكويّة، ومفروزة بحسب الجودة، مع توفر غرفةٍ للقياس، ما يجعل عملية اختيار الزبون  لما يريد أسهل، قال البائع الثلاثيني إنه بدأ العمل بهذه المهنة منذ عامين تقريباً، حيث "نشتري الملابس المستعملة بالكيلو، تصل إلينا من لبنان مفروزةً، بحسب جودتها، ونوعها: بنطلونات، كنزات، فساتين، رجالي، نسائي، أو ألبسة أطفال، وأعرض في صالتي أفضلها، بسعر يصل لـ(9 دولارات تقريباً للكيلو الواحد)، نقوم بكيّها، وعرضها، لتصبح جاهزة للبيع، ويتراوح سعر القطعة الواحدة، كبنطال الجينز على سبيل المثال بين الـ(7 و9 دولارات)، بينما يكون ثمن  البنطال الجديد المحلي الصنع (14 دولار) بالحد الأدنى."
لا خسارة في تجارة البالة ..
ولفت أبو كنان إلى أن بضاعة "البالة" الرخيصة المعروضة على البسطات: "لا يتجاوز سعر الكيلو منها  الـ(2 دولار)، وتعرض في أكوام دون كيٍّ، أو فرز، ويكون سعر القطعة الواحدة بحدود الدولارين أيضاً، لذلك فأن التجارة مربحة وخاصة حالياً
أما أبو محمد وهو بائع للملابس المستخدمة، فيقول: “إن الأسعار تتراوح بين الألف ليرة للقطعة وتصل إلى 5 ألاف ليرة سورية، وأنا استطيع أن أفرق بين الزبائن وأعرف مقدرتهم الشرائية كل حسب دوافعه، وتتوزع الأسعار حسب قيمة القطعة والماركة التي تحملها”.
وبالنهاية فأن  الملابس هي أحد مستلزمات الحياة الضرورية، لذلك لم ينحرج الفقراء من ستر أنفسهم وذويهم بشراء الملابس البالية والقديمة، لتكون بذلك حلا لواحدة من المتطلبات التي لم توفرها الظروف الاقتصادية الصعبة لهم، رغم  أن وجود البالة في السوق السورية غير شرعي وهي على قائمة البضائع الممنوعة من الاستيراد بأحكام التجارة الخارجية  لأسباب بيئية وصحية.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات