سيريا ديلي نيوز- حوار:  سليمان أمين

الدكتور سنان علي ديب / رئيس جمعية العلوم الاقتصادية في اللاذقية 

بعد أن تطرقنا إلى رؤيتنا للمدخل الاقتصادي الاجتماعي للأزمة السورية وما انعكست عليه على الواقع الاقتصادي الاجتماعي من وجهة نظرنا , لا بد أن نتطرق لرؤيتنا لما نجده من علاج لواقعنا الذي وصلنا له وكيفية السير ببلدنا من هوة الواقع إلى العودة القوية الفاعلة لما يناسب الجذور السورية و العقلية السورية وللوطن السوري وبما يعيد الألفة والمحبة وعقلية البناء و يعيد قوة الانتماء منطلقين من مبدأ إن إعادة الإعمار ضرورية ومهمة ولكن لا تقل أهمية من إعادة البناء التي تعطي للمجتمع السوري البنى السليمة البناءة المنتمية الحالمة المبدعة .

سيريا ديلي نيوز : دكتور سنان إعادة الإعمار ما تحتاج إليه كخطوة قادمة لبناء ما تهدم من مدن وقرى في سوريتنا الحبيبة ؟؟

إعادة الإعمار بحاجة لموارد مالية وعدد وأدوات و تقنيين ومهنيين لم تبخل سورية بولادتهم وصنعهم وقد أبدعوا في بناء سورية الحديثة و بنيتها التحتية القوية الناهضة الحديثة التي توازي أهم البلدان و النهضة العمرانية السورية ريفاً ومدينة التي جعلت سورية متكاملة من ناحية الغذاء بحيث كان هناك أمن غذائي قوي وتحولنا من دولة مستوردة لمصدرة للحبوب و للزراعات الصناعية قطن شوندر و للكهرباء بعد أزمة مستعصية و انتشار الضواحي السكنية و الفائض منها لتعدد الملكية و للمدن الرياضية و الصناعية و الطرقات الدولية و الجامعات و المدارس والمستوصفات و مواجهة تحديات بإبداعات تشارك بها الخاص مع العام وكلها بعقول وكفاءات سورية أفاضت و أبدعت قبل أن تستنزف و يعم مرض التعيينات على أسس غير بناءة بعيدة عن الاعتبارات الوطنية وقبل أن تهجر وتستبعد لتستفيد منها بلدان ودول أخرى  

سيريا ديلي نيوز : دكتور هل يمكن أن نتحدث عن تجارب بعض البلدان التي هدمتها الحرب وأعيد أعمارها ؟؟؟

 بالتالي هنا نتذكر تجربة اليابان وألمانيا التي تهدمتا وخرجتا منكسرتين من الحرب العالمية ولكن على الرغم من فقرهما بالثروات كاليابان و المديونيات العمق الثقافي الانضباطي التعليمي لهما أعادها لتصبح ألمانيا قاطرة النمو الأوروبي و اليابان من أهم الدول الصناعية وذلك لتوفر النية و الإرادة و العمق الوطني 

سيريا ديلي نيوز :نحن كبلد ما المتطلبات للنجاح في عملية البناء والإعمار القادمة؟

لدينا يجب أن تتوفر الإرادة للبناء و ليس للاغتناء و الأمر يتطلب خطط إستراتيجية و متوسطة وقصيرة المدى بحيث نضع ما يجب إعماره وما يحتاجه من أموال ومواد وموارد بشرية بحيث يكون الإعمار جغرافي وفق أولويات مناطقية تستطيع إعادة الاستقرار للكثير من العوائل و عودة النازحين و اللاجئين ولا يمكن أن يحصل ذلك من دون جاهزية قانونية وإدارية و تهيئة الكوادر البشرية القادرة للقيام بهكذا عمليات

سيريا ديلي نيوز : هل يمكن أن تحقق خطة الإعمار الحد من البطالة وتأمين فرص  العمل للشباب السوري و للمهن ؟؟

و هنا يكمن شيء جيد من خلال فتح الكثير من فرص العمل للشباب السوري للمساهمة بإعادة إعمار من جهة و بتحقيق فرص عمل من جهة ثانية و بالتالي لا بد من تشجيع الشباب على الالتحاق بالمعاهد و مؤسسات التدريب لهكذا مهن فبناء بناية قد يفتح المجال لأكثر من 70 مهنة لاحقة وسوق للكثير من الأدوات اللازمة للإكساء وهنا كذلك يجب الانتباه لتوفير هذه المواد من اسمنت و حديد وملحقاتها

سيريا ديلي نيوز :كما معروف بإن توفر هذه المواد الأساسية تعرض للأحتكار من قبل التجار وللبيع في السوق السوداء بسبب غياب القطاع العام كيف يمكن معالجة هذه المسألة وتفير مواد البناء ؟؟

عدم جعل بعض تجار الأزمات يستكملون ما قاموا به خلال الأزمة من تحكم بالأسعار من خلال الاحتكار وعرقلة تدخل الدولة من خلال مؤسسات التدخل الايجابي ومن خلال عرقلة إصلاح القطاع  العام الذي يجب أن يكون مركز إعادة البناء ومنه تنبثق المخططات الكاملة التي تعطي القطاع الخاص دور المكمل التابع بربحية وطنية لا تبخثه ولا تبخث المواطن ولا تعرقل البناء , فالقطاع العام الإنشائي الذي بنى سورية و الذي أهمل وعرقل إصلاحه يملك الكثير من الكفاءات و الأدوات و العدد العارفة بكيفية البناء و القادرة عليه وما أعطي للخاص في الفترات  السابقة  وبالتالي تكامل الخاص والعام ضروري للسير قدماً بقيادة شخصيات وطنية همها الوطن و إعادة الروح لسورية و لمجتمعها وهنا يجب أن يكون للحكومة رؤية شاملة لما قد تستطيع تأمينه وما نحتاجه وكيفية تأمينه في ظل العودة إلى التضليل الرقمي الذي عانينا منه خلال الحكومات السابقة لتمرير مشاريع و قرارات و السير بنهج اقتصادي و اجتماعي هشم البلد وجعله مهيأ لنيران الصراعات و خفف من عنفوان المقاومة الاجتماعية وخاصة وقد عادت هذه الشخصيات لتضخيم الأرقام اللازمة لإعادة الإعمار من أجل إقحام شركات خاصة و قروض المؤسسات الدولية الأدوات الجديدة لاستعمار الدول ونهبها و سلبها سبل استقلالها واستقرارها و بالتالي تكون هناك موازنة تعتمد مبدأ الأولويات من حيث البدء بالإعمار ومن حيث الأموال اللازمة له  

سيريا ديلي نيوز : كيف يمكن أن يطبق ذلك دكتور سنان ؟؟؟

 الأموال اللازمة كما قلت منذ قليل هي أول مورد يكون موازنة الدولة و الوزارات وإن اضطرت قروض داخلية و ثاني مورد يكون جهود القطاع الخاص الذي لم يثبت استغنائه من الأزمة وتجارة الدماء و العباد ومن ثم أموال المغتربين والأموال التي اضطرت للهروب وفق قوانيين ناظمة متابعة دقيقة ومراقبة عميقة لأن الأنياب التي كشر عنها ليست قليلة وهناك من يخطط لإعادة التعمير قبل الأزمة وكثروا خلالها و بالتالي الكوادر اللازمة للقيام بوضع خطط إعادة البناء و متابعتها بدقة ووفق جداول لا تقل أهمية عن الموارد  اللازمة للبناء في ظل بيئة تشريعية وقانونية ضابطة ووفق بيروقراطية مسهلة تناسب ظروف الأزمات .

سيريا ديلي نيوز : هل برأيك دكتور أن إعادة الإعمار كافية فماذا عن القانون والشتات الذي يعيشه المجتمع السوري وحالات التشرد وتشويه التربية والتعليم؟؟

إن إعادة الإعمار غير كافية لأن الكل أصبح يريد بلد يحترم القانون الذي يعطي الإنسان إنسانيته و يستثمر الثروات البشرية خير استثمار ويحصن الداخل عبر العدالة الاجتماعية وعبر إعادة اللحمة الوطنية وإدماج الشعب السوري بمجتمعه المحصن القوي الذي تهشم بنهج بعيد عن الواقعية لتأتي هذه الأزمة و تزيد من تهشيمه عبر أمراض اجتماعية ونفسية وعبر طوفان الجزء اللامنتمي وعبر ثقافة الرعب و القتل و الدماء وهنا يكون دور المؤسسات القائمة و المهيكلة عبر الضبط و الإصلاح المبرمج مرحلياً و استراتيجياً لإعادة الروح لمجتمعنا وإعادة السلام والأمان للطفولة التي ابتليت بأمراض التشرد و الشتات و الضياع ولا يمكن أن يحصل ذلك من دون تفعيل المؤسسات المختصة الثقافية و التربوية و التعليمية وإعطاء دور للمجتمع الأهلي .

سيريا ديلي نيوز : ما هي الأفق لإعادة هيكلة المجتمع السوري بإعادة بنائه وفق أسس سليمة وصحيحة ؟؟

 فلابد من إعادة ألق الطفولة عبر تغيير جو العنف لجو المنافسة و الابداع عبر نشاطات ثقافية فنية رياضية وعبر برامج إعلامية هادفة وهنا نتذكر كيف كانت البرامج بالسبعينات و الثمانينات تهدف للمحبة و البساطة و السلام هايدي وسنان وو غيرها لتلتحق بركب الإعلام المعولم الداعي للعنف و التمرد الهدام و لتترافق هذه الموجة مع ترهل تعليمي لا يضع الانضباطية في المقام الأول لتصاب المؤسسات التعليمية بخلل رغماًمن توفر البنى التحتية المادية وإنما الانتماء البشري و الدور الذي يقوم به و التحديث بالمناهج غير المراعي للواقع و فورة القوانيين ولإقحام المؤسسات الخاصة و عدم المراقبة و المتابعة والمحاسبة وعدم ربط المناهج بسوق العمل أو بالمجتمع اجتمعت لتقلل من الدور الايجابي لهذه المؤسسة لتكون هي و القضاء من المؤسسات التي أصيبت بسرطان الفساد وكلنا يتذكر رد تشرشل عندما قيل له لقد سقطت لندن فسأل كيف التعليم و القضاء فقال لن تسقط لندن عندما عرف أنهم بخير .

سيريا ديلي نيوز : بالتأكيد دكتور سلامة التربية والتعليم والقضاء اللذان يعتبران أساسا في المجتمع فما رأيك بدور الإعلام كسلطة رابعة ؟؟

كذلك فدور الإعلام البناء المحاور الفاتح للأفق ضمن نطاق بناء الوطن وضمن الحدود القصوى فعادة النسيج الاجتماعي ذو اللوحة الجميلة والمنوع وفق برامج  تناسب مرحلة الانطلاقة الجديدة وهنا نقول أنه لا ينقصنا كوادر وإنما ينقصنا هوامش , و كذلك دور المؤسسة الدينية المدافعة عن جوهر الديانات التي تدعو للإنسانية و المحبة و احترام الإنسان و التي تؤمن أن هدفهم وهدف دور العبادة بناء الإنسان الوطني المؤمن بالله و بالوطن وبحقه بالتعبير عن ذاته ورأيه ضمن حدود الوطنية ,وكذلك للجمعيات الإنسانية و الاجتماعية دور هام بعيداً عن الدور الذي وجدناه للبروظة و للصور و الظهور على حساب جودة العمل و المصداقية في عدالة المساعدة وتوزيع المساعدات و التي سيكون الحاجة لدورها مضاعف ومساند لمؤسسات الحكومة في تبني البناء وتخفيف الآلام و المعاناة .

سيريا ديلي نيوز : هل تضامن القطاع العام والخاص بخط واحد برأيك له نتائج ايجابية في بناء المجتمع ؟؟

 إن تضافر كل هذه الجهود تحت قيادة المؤسسات الوطنية ذات المسؤولية و الصلاحية وسيادة القرار وضمن رؤية اقتصادية اجتماعية سورية صحيحة بحيث نبتعد عن تمرير نهج يحابي البعض على حساب العدالة الاجتماعية أو يقلد دول أخرى أبعد ما تكون عن الخصوصية السورية نهج يعيد  لليرة ألقها و الأسعار إلى مستواها الطبيعي و ينظر بكل القرارات و القوانين و التشريعات التي سنت بشكل استثنائي خلال الأزمة لأن المعاناة في ظل الواقع الاقتصادي الاجتماعي ستكون مضاعفة بعد عودة النازحين و اللاجئين , وأخيراً يجب أن لا يستثنى جهد أي كان لأنه للكل دور ولابد من تكافل وتعاون القطاعين العام و الخاص و الأهلي للوصول لما نصبو له بأسرع وقت وأكفأ إنجاز ........

في نهاية حلقتنا الأخيرة أسرة موقع سيريا ديلي نيوز تشكرك دكتور على تواجدك معنا باستمرار وبالتأكيد لنا لقاءات جديدة ومتميزة تلمس الواقع السوري الاقتصادي والمجتمعي وبكل شفافية

سيريا ديلي نيوز


التعليقات