هاربات من مجون الحرب والإرهاب في فخ "تجارة" الجسد والزواج العرفي؟!
سيريا ديلي نيوز- بشير فرزان
مصير ثلاث فتيات جمعت بينهن براءة الطفولة وقساوة الظروف المغمسة بدم الحياة والحياء المهدور على مذبح لقمة العيش ..كانت بوصلتنا في غياهب المجتمع السوري بمستجداته المؤلمة ومعالم مستقبله التي تنبئ بحرب قاسية لاتقل في خطورتها عن حربنا مع الإرهاب .. أتين من مناطق شاهدة على وحشية من يتنفس شهوة القتل ويحلل المحرمات ويستبيح الكرامات تحت عنوان الجهاد بأنواعه المختلفة التي يتبرىء منها الدين ..واجتمعن في رحم الأحداث والمعاناة فكنّ مجرد دمى جميلة تتلاعب بنبضات حياتهن ورعشات آمالهن امرأة خمسينية قايضتهن المأوى والطعام وبضع ليرات بحياة جديدة عنوانها بيع الجسد وصناعة المتعة وتقديم اللذة للباحثين عنها أينما كانوا وفي جميع الأوقات كجوارٍللفقر و ضحايا للإرهاب الذي باغت حياة الأسرة السورية ونال من أمنها واستقرارها الاجتماعي والاقتصادي وفرق بين أفرادها بين قتيل ومفقود ومخطوف ونازح .
وطبعاً ترنح مجتمعنا في فوضى مجون الحرب التي شرد ت الملايين ودمرت البنية الأسروية وحرمت مئات الآلاف من أطفال سورية من نعمة التعلم وأدخلت الأخلاق والقيم في صراع البقاء مع الحياة المعيشة .. يحسم المقارنة التفاضلية بين حياة الأمس في كنف الأمان والأنظمة والقوانين وتحديداً ما قبل أحداث 15 آذار 2011 وبين ذلك القادم من خلف البحار بتسميات مختلفة والمعيار هنا هو الكرامة الإنسانية التي يدرك حقيقتها وقيمتها الآن كل سوري سواء كان في الداخل أو في الخارج.
من البداية
في كل شارع ..في كل حي وحديقة ..في الصباح وفي كل الأوقات .. بحثنا وتجولنا فوجدنا بصمات واضحة للحرب في أسواق عامرة ومزادات تدق أجراس بازاراتها على أنوثة مسجونة في أجساد تائهة هاربة من حرية الوحوش وشريعة أكل القلوب والأكباد إلى حياة التشرد التي استباحت وفضت بأزماتها حياة الأسرة السورية وسجنت مستقبلها في أسواق النخاسة وكبلت يومياتها بعبودية رغيف الخبز.
وبصراحة أكثر كانت تستوقفنا أحياناً لحظات المتعة على مقعد في حديقة ورائحة القهوة المعطرة برشفات شفاه صغيرة نضجت قبل أوانها في كافتيريا هنا ومطعم هناك، كما فاجأتنا عتمة الليل بسهراته الصاخبة في بيت تدق فيه ساعات الليالي الحمراء دقائق فجورها وعشقها المهزوم في مزاد الأنوثة المستباحة بمئات الليرات السورية والعنوان دائماً تحول ومنزلق اجتماعي خطير تعيشه الأسر السورية في ظل المحنة.
وفي حديقة السبكي كان لقاؤنا ب"رندا" وهي المرأة الباحثة عن رزقها في الشوارع والحدائق وفي كل الأماكن التي تشتم فيها رائحة من يتيح لها بممارسة دورها في تجارة الجسد والأنوثة فكانت تبحث عن صيدها الثمين في بازار من تسميهم بناتها اللواتي تتراوح أعمارهن مابين 15 و 18 عاماً لا أكثر حسب ملامح نضوجهن التي بالكاد واضحة (رنا وميسون وناهد) و لكل واحدة منهن قصة تنزف على ساحة الأحداث ف "رنا" القادمة من محافظة حمص ومن أخطر الأحياء التي كانت شاهدة على وحشية الإرهاب كما قالت لنا ..كانت طالبة في الثانوية العامة وقد استذكرت للحظات عندما سألتها عن أهلها وحياتها قبل الأزمة .. كيف كانت تعيش مغامرات مراهقتها الطفولية بأحلامها الكبيرة البريئة ؟ وكيف تحول أبوها وإخوتها من ضفة المواطنة إلى ضفة العداء للبلد بعد أن طرق بابهم ربيع الحرية، وطبعاً كانت هي من أنصار هذا المسار رغم محاولتها لإخفائه فهي تؤمن بأن ما يحدث هو ثورة حقيقية، ولكنها في الوقت نفسه لم تستطع إخفاء ملامح الندم..وقالت: وجدت نفسي أخرج من الحي وحيدة بعد أن فقدت عائلتي التي لا أعرف مصيرها حتى الآن وتنقلت بين مراكز الإيواء باحثة عن سقف أستجمع تحته بقايا تشبثي بالحياة، وهناك شهد جسدي أول صفقة بيع ثم تتالت في مسيرة التسول وطلب رغيف الخبز الذي دفعت من أجله أغلى ماتملكه الفتيات.
أما ميسون القادمة من الشمال فكانت أكثر جرأة في حديثها فهي لم تعد تهتم لأي شيء سوى تأمين رغيف الخبز وسقفاً تأوي إليه حتى لوكان الثمن معاشرة كل رجال الأرض، فالحياة قاسية وعندما سألتها: هل أنت راضية عن نفسك وعن ما تقومين به وأنت الفتاة الصغيرة التي يجب أن تكون على مقاعد الدراسة ..خانتها دموعها لتقول كلماتها ..كحال بلدنا كنت ضحية للإرهاب (داعش) الذي اغتصب براءتي وحرق بيتنا وقتل عائلتي وجعلني أبيع كرامتي من أجل سندويشة أو كرتونة مساعدات أو حتى 100ليرة سورية، ثم وجدت نفسي أنتقل من فراش إلى آخر بل أحياناً من مقعد إلىآخر في حديقة أو سيارة لأقدم جسدي وأنوثتي التي كنت أتمنى أن تكون كما تتمنى كل فتاة "لشريك حياتي" وهنا ضحكت قائلة (زوجي).
وعلى ضحكات ميسون تكلمت ناهد وهي أصغرهن عمراً وأكثرهن دلعاً لتحكي قصتها التي كانت أقسى من كل القصص فهي تعمل بموافقة أهلها الذي دفعوا بها مع أختها لتأمين معيشتهم وإيجار البيت الذين يسكنون فيه، واللافت أن أمها كانت أول من دفع ثمن النزوح والإرهاب فقد اضطرت لبيع جسدها أكثر من مرة لأصحاب البيوت الذين زرعوا رغباتهم في رعشات فقرهم وحاجتهم ثم طردوهم بسب عدم قدرتهم على دفع المبالغ الكبيرة التي يطلبونها وتقول ناهد :لم يعد أمامنا سوى خيار واحد فأبي وإخوتي الصغار لايستطيعون العمل، ونحن نمتلك أجساداً وأنوثة مطلوبة في هذا الزمن الرخيص الذي تحولنا فيه إلى سلع تباع وتشترى في كل لحظة، وبرأيها كان ذلك أرحم من الإرهاب وتلك الوحوش التي تذبح وتنهش اللحوم .
وعندما سألناها عما يجري قالت : ليس لنا علاقة بكل ما يحدث فلم يكن همنا سوى تأمين معيشتنا ومستلزمات دراستنا، ولكن ذلك بات من الماضي فأنا هنا وإخوتي الصغار ينتظرون كسرات الخبز التي سأحملها لهم .
في هذا الوقت كانت رندا التي اشتمت رائحة فشل محاولتها وإخفاقها في عقد الصفقة تصرخ في وجهنا "شو جاي تتسلى فينا نحنا ورانا شغل وبدنا نعيش" وذهبت مبتعدة لتبدأ محاولة جديدة مع زبون آخر فتومئ لفتياتها للدخول إلى مزاد جديد لعله يكون الغنيمة التي يبحثون عنها .
لعنة الأزمة
في مكان آخر و في قبو أحد الأبنية كانت قهقهات ناطقة بالكيف تخرج زاحفة هاربة من واقع مأساتها ..فشيرين وراما اللتان تعملان كبائعات للهوى بزي نادلات في ذلك الملهى كانتا معاً على مقاعد الدراسة ترسمان خارطتا الطريق لحياتهن المستقبلية بعد التخرج سواء في العمل أو في الحياة الاجتماعية، ولكن الفقر بأنيابه المؤلمة ومصائب أيام الأزمة التي غدرت بأحلامهن وخانت حتى يوميات دراستهن أخرج حياتهن من الجامعات ومقاعدها التعليمية إلى طاولات الكيف والفرفشة، فكانتا جزءاً هاماً في لعبة المتعة والتنقل من طاولة لأخرى ومن زبون راقٍ إلى آخر تفوح منه رائحة النتانة والقذارة كما وصفهتا راما التي امتلكت الجمال وخفة الدم فحصدت آلاف الليرات من جيوب الزبائن، لكنها وفي كل مزاد كانت تنزف روحها وأحلامها متسللة إلى الأزمة وتداعيات إرهابها الذي حول جسدها إلى قطعة من اللحم الرخيص وطبعاً الثمن معروف تأمين لقمة العيش لعائلتها النازحة.
أما مفاتن شيرين التي بدت متمردة على فقرها وعوزها فكانت تحكي قصة من خبأت جسدها عن عيون الناس وكانت حلماً للكثير من الشباب ولخطيبها الذي فقدته في حرب العصيان والتمرد على الدولة والتي فرقتهما ليكون هو مخطوفاً أو مفقوداً في غياهب الأحداث ولتكون هي صانعة لحياة المتعة والكيف ولقمة هنية لتجار الأزمات بمزاداتهم الدنيئة .
إن لم تستح فافعل ماشئت!
العبارة التي قلناها لذلك الرجل المتصابي في زمن الرجولة (سجيع . ا) الذي لم يستطع الشيب المختبئ وراء صبغة متصابية قمع شهوات مراهقته ولم تمنعه سنوات عمره الخمسينية من سرقة الطفولة والبراءة من أجساد غضة تاهت في زحمة الآلام والأوجاع ومحنة الإرهاب، فكانت فريسة سهلة لمن تساقطت مفاهيمه ومنظومة أخلاقه في أتون الرغبات واصطياد الصغيرات بعد أن وجد في مناخ الأزمة وصقيع فقرها فرصة سانحة لممارسة شذوذه الاجتماعي .
والغريب أنه كان يحدثنا بلغة التمجيد لبطولاته والتباهي بأنه دنجوان زمانه مستشهداً بالصور الموجودة على موبايله لفتيات صغيرات بلباس غيرمحتشم عاش معهن مغامرات فجوره، فكان لكل واحدة منهن قصة تبدأ باصطيادها بقصص العشق والغرام والمساكنة واقتناص فرصة هروبهن من ساعات محنتهن واستغلال فقر الأزمة والمرور عبر حاجتهن للمأوى ورغيف الخبز إلى بيادر أنوثتهن وجرهن إلى مصائده التي لاتختلف في إجرامها عن وحشية أولئك القتلة .
أما "أبوعمر" وهو المالك لعدد كبير من الشقق المزدحمة بالنازحين من مناطق مختلفة فقد حاول في بداية حديثه معناإخفاء ممارساته اللاأخلاقية والاختباء وراء قناع الإنسانية المشوه التي كان يرمي بذور تعاطفه أمام صاحبات الحاجة وثم يجرهم إلى مصائد شهواته، حيث كان له الكثير من المغامرات الغارقة في أوحال الدناءة واستغلال الأنوثة التي تسقط في مستنقع تأمين شقق الإيواء ومن ثم قبض الثمن من كرامة الناس.
دور مشبوه
في مكان آخر وتحديداً في أحد مكاتب التكسي كانت تنتظرنا مفاجأة أخرى فقد عرفنا (سليمان .ع) صاحب المكتب على الوجه الآخر لحياة المتعة في أيام الأزمة فبعض مكاتب التكسي على تماس مباشر مع عالم المجون والشذوذ الاجتماعي ويطلعون على أسراره بل يمكن القول إنهم حلقة وصل هامة بين مكوناته، ومايؤكد ذلك ماسمعناه من السائقين العاملين في مكتبه من قصص بعض الشباب الذين امتهنوا قيادة الرغبات إلى مقاصدها في غياب فرص العمل وانقطاع مصادر الرزق وطبعاً رائد الشاب العامل في مكتب تكسي كان مستعداً لتلبية كافة الطلبات (فالفقر لايرحم )كما قال لنا وحدثنا عن طلبه الليلي إلىإحدى الشقق المزدحمة بالفتيات وعن أم ثائر التي جندت أكثر من 15 فتاة لتقديم كافة الخدمات في مقابل المال ولم ينس في هذه اللمة أن يروي بعض مغامراته الشخصية مع فتيات باعوه الحياء مقابل أجرة الطلب أو لقاء علبة سجائر .
زواج عرفي
كل ما رأيناه و شاهدناه خلال بحثنا لم يشبع رغبتنا في رصد المزيد من مآسي الناس حيث قادتنا الصدفة للتعرف إلى قصة غصون التي أجهزت الأزمة على مابقي من صلات الرحم مع عائلتها فقد طلبت منها والدتها الاعتماد على نفسها في تأمين مصادر رزقها بعد أن أصبحت عبئاً ثقيلاً على كاهلها، وطبعاً قصة غصون تختلف عن القصص الأخرى فلم تكن ضحية الأحداث، بل هي جزء من حياة المتعة، فهي معتادة على هذه الحياة التي ورثتها عن والدتها المستثمرة الأولى لجسدها وفي أجساد بناتها لسنوات طويلة، ثم تركتهم لترحل إلى مخيمات اللجوء في الخارج لتمارس هناك تجارة الدعارة بأوسع مجالاتها وتحت تسمية عقود الزواج العرفي وغيرها من التسميات تمارس البغاء في تأجير وبيع الأجساد الصغيرة والكبيرة على حد سواء.
غصون التي وضعت عقد زواجها العرفي على الطاولة قالت لنا :هذا عقد بيعي لجسدي بأبخس الأسعار، لقد وصلت إلى هنا بعد أن صفعت عذريتي مئات اللطمات، فكنت واحدة من اللواتي تنقلن بين تلك البيوت التي تقدم السكن والطعام مقابل دقائق من اللذة، وطبعاً غصون التي كانت صريحة جداً معنا أطلعتنا على سرها وكنزها الثمين، فلديها خدمة الخط الساخن الذي تستخدمه لإشعال لهيب المتصل وإيقاعه في شباك هواها والمقابل يكون الكثير من وحدات الموبايل التي تتاجر بها.
العلاقة الزوجية
الدكتور علاء الدين الزعتري (دار الإفتاء) قال لنا : في خضم مايعيشه الناس بدأنا نسمع عن مصاحبات ومساكنات ولقاءات وتفاهمات بين ذكور وإناث يلتقون في الأماكن العامة والحدائق والبيوت المشبوهة لإشباع رغباتهم الجسدية تدريجياً، وربما وصولاً إلى الذروة حسب الظروف، وهذا الارتباط لاعلاقة له بأصل العلاقة الزوجية المشروعة لمؤسسة اجتماعية أو لمجتمع نظيف قادر على الاستمرار.
وأضاف .. لاشك في أن مواجهة هذا الاختراق والتعافي من تداعياته الاجتماعية والأخلاقية يحتاج إلى التكاتف المخلص والتعاون المثمر بين سائر مفاصل المجتمع التربوية والتعليمية والتوجيهية والإعلامية لمحاصرة هذه الظواهر الشاذة عن ثقافاتنا وإلغائها والتمسك بثوابتنا وقيمنا وأخلاقنا والقضاء على هذه الاختراقات وتسيير أمور الزواج من حيث التوافق الاجتماعي والتفاهم الأسري والتكاليف العالية والأعباء الاقتصادية، خاصة أنه وفي ظل الأزمة لوحظ وجود قرب جسدي واختلاط أسري في أماكن النزوح، وهذا لايعني أن يصل الأمر إلى تغييب القيم واستغلال مثل هذه الظروف والحاجة الاقتصادية الماسة بإنشاء علاقة مشبوهة خارج إطار عقد الزواج المشروع، فإلى جانب الآثار السياسية للأزمة هناك أزمات اجتماعية وتأزمات أخلاقية .
عقود عرفية
الأيام العصيبة التي يعيشها الناس وفرت مناخاً اجتماعياً ملائماً لازدهار سوق عقود الزواج العرفي التي تلقى رواجاً كبيراً وخاصة من الفتيات القاصرات اللواتي قد تجبرهن الظروف أو أسرهن للدخول إلى قفص الزواج المبكر الذي وللأسف بات حاضنة لتجارة الجسد وغطاءً لممارسة المبيقات وطبعاً دون تعميم هذه الحالة التي قد تفرضها الأزمة على الناس.
محمود معراوي القاضي الشرعي بدمشق، تحدث في قضية الزواج العرفي الذي يتم خارج المحكمة الشرعية دون توفر الشروط، وخاصة فيما يتعلق بزواج القاصرات، وتساءل عن مصير الاقتراح الذي تم تداوله بين وزارة الأوقاف ووزارة العدل والخاص بتكليف بعض علماء الدين بالعقود العرفية ومنع الآخرين من إجراء أي عقد عرفي، ولفت إلى أن عدد معاملات الزواج الإدارية خلال عام 2013 بلغ /17787/معاملة زواج وعدد عقود زواج القاصرات /2100/.
الفقر أولاً
المحامي العام بريف دمشق القاضي زياد الحليبي قال لنا : إن الفقر هو أحد أسباب البغاء والجرائم الجنسية، إضافة إلى فقدان البيئة الأسرية، لاسيما في حالات النزوح، لذلك يشهد القضاء حالات عديدة منها الاغتصاب الواقع على القاصرات وحتى البالغات، ويتم التعاطي مع هذه الحالات بعقوبات رادعة وفق القوانين المرعية، وهناك أيضاً حالات الاعتداء على الأطفال التي تتم المحاسبة عليها بقسوة وقد تصل إلى مرحلة الاعدام اذا كان من الأقارب، وأشار إلى أن عدد الدعاوى القائمة بعدلية ريف دمشق فيمايتعلق بالجنس والدعارة 732 دعوى .
بدوره المحامي العام الأول بدمشق المستشار أحمد زاهر البكري كان واقعيا جداً، وبين لنا مدى عجز الأرقام الإحصائية في تقييم الواقع و إعطاء حقائق واضحة حول مايجري داخل المجتمع في هذه الظروف التي لاتسمح بإعطاء أي مؤشرات صحيحة عن الواقع الفعلي الذي مازال جزء كبير منه مستوراً.
وأشار إلى أنه في بداية الأحداث حصل إرباك أمني في مدينة دمشق مما أدى إلى تخلخل في الحياة الاجتماعية، حيث هناك بعض الأشخاص الذين سولت لهم أنفسهم ارتكاب بعض الجرائم الجنسية، ومنها الخطف، بقصد ارتكاب الفجور، وقد زاد ذلك من وتيرة الاعتداء الجنسي عما كان عليه المجتمع الأهلي في مدينة دمشق .
ولفت البكري إلى حدوث جرائم جنسية في مدينة دمشق خلال فترة الأحداث، إلا أن تأكيد ذلك بالرقم فيه صعوبة كبيرة، خاصة أن الكثير من الاعتداءات تحصل دون أن يتم الابلاغ عنها، فقد يتستر المجني عليهم على مثل هذه الجرائم لأسباب عديدة، حيث يفضلون عدم تقديم أي شكوى فإحدى الأسر المؤلفة من 5أشخاص والتي نزحت من مناطق ريف دمشق إلى منزل أحد أقربائهم في دمشق فضلت السكوت على جريمة صاحب البيت الذي استضافهم، ثم قام بالاعتداء على ابنتهم القاصر، وبعد اكتشاف الأمر من قبلهم لم يستطيعوا تقديم شكوى بحقه نتيجة الظرف المادي القاسي وخوفاً من خسارة المأوى الذي قد يطردون منه في حال الإبلاغ .
اغتصاب الأزمة
د. ليلى الشريف (الصحة النفسية) كان لها وجهة نظر فيما يحدث داخل مجتمعنا بفعل الأحداث وتحت تأثير الارهاب وتداعياته على الأسرة السورية التي يعيش الكثير منها حالة من الانزلاق الأخلاقي الخطير فيما يمكن تسميته بغاء الأزمة.
الشريف قالت : تحصل عادة أثناء الأزمات فوضى على جميع المستويات، وتضعف رقابة القوانين على المستوى المدني والاجتماعي، وهذا ما يشجع أيضاً الانحدار الأخلاقي والتحلل من العادات والتقاليد والقيم، بل يحصل تغير جوهري في القيم الأخلاقية وبشكل يشجع الكثيرات على ممارسة الجنس، وخاصة من لديها استعداد نفسي داخلي لهذا الأمر، أي لديها مشكلة بالقيم، لكن الضبط الاجتماعي كان يمنعها من ذلك، والبنت أو السيدة التي لديها كبت جنسي شديد وحاجة جسدية له فتتعذر بالفوضى لتمارسه والإحباط المادي لدى بعضهن وقوة إغراء العروض المادية من ممارسة الدعارة مع ضعف رقابة المجتمع أيضاً، وكل ذلك يحصل مع إيجاد المبرر المؤجل لحين انتهاء الأزمة لتبرير تصرفها وفعلها إن كشف، بأنها تعرضت لاغتصاب أثناء الأزمة.
مشاهد حية
في النهاية لابد من القول إننا لا نهدف إلى تشويه الواقع ورسم صورة سوداوية لمجتمعنا المتساقط في زواريب الرذيلة والفساد الاجتماعي، بل حاولنا أن نرسم بفرشاة الواقع لوحات ومشاهد حية نابضة بالحقيقة المرة التي تشرب من كؤوس علقمها آلاف الأسر السورية، ووضع حلقة من حلقات الملف الإنساني في سورية أمام المنظمات الأممية التي مازالت تصر على دعم ومناصرة الفوضى في سورية، وكشف أولئك الذي يتاجرون بدماء أبناء سورية في المزادات الدولية التي يشيعون فيها الكرامة الإنسانية والقيم والمبادئ في نعوش الحرية المنكهة بطعم الدم ورائحة الموت.
وطبعاً البحث في هذا الموضوع كان مفجعاً من جميع النواحي، فقد فاجأتنا الجهات المعنية بصمتها المريب (وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة الداخلية، الاتحاد النسائي، الهيئة السورية لشؤون الأسرة) في الوقت الذي يشيع فيه مجتمعنا نعوش تفتت العائلات وتشردها وانحلال روابطها وضياع قيمها ومبادئها في ظل إرهاب داعشي حاقد وعقيدة تطرفية متعطشة للدماء، كما صعقتنا مشاهد البغاء وانتشاره بكثافة داخل المجتمع وبشكل ينبىء بتحولات اجتماعية خطيرة في حياة الناس وتدق في الوقت نفسه ناقوس حرب جديدة لاتقل بأضرارها الكارثية وتداعياتها المأساوية عن حرب هذه الأيام في مواجهة جرائم العصابات المسلحة وعناوينها الساقطة في مستنقع الفساد والإفساد الاجتماعي الأخلاقي.
ويخطئ من يظن أننا نحاول تسيير التحولات الاجتماعية في اتجاه واحد وتبني المثالية المجتمعية و إسقاط مفاهيم المدينة الفاضلة على بلدنا قبل بدء الأزمة وإنكار وجود هذه الحالات في الفترات الماضية، بل أردنا من خلال رحلة على أرض الواقع وفي مكنونات الحياة اليومية للناس النبش في قبور الأزمة بشواهدها الحية النازفة فقراً والنافقة في مواخير ومزادات تجار الدم .
syriadailynews
2014-12-16 17:35:43