انعكس ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء إلى 200 ليرة سورية في دمشق مؤخراً، وارتفاع اسعار المازوت والبنزين وفقدان مادة الغاز وارتفاع سعرها ان وجدت لدى التجار، على حياة المواطن السوري، حيث بات كل شيء يستهلكه مهدد بالارتفاع بأي وقت.
ولم يقتصر الغلاء على الأساسيات بل طال كل مستلزمات حياة المواطن، حتى البسيطة منها كالسجائر التي اربكت المواطن السوري وجعلته يرتب اوضاعه المالية من جديد تبعاً لتذبذب أسعارها ارتباطاً مع سعر الدولار، ومنهم من اقلع عن التدخين، نتيجة ارتفاع سعرها.
فيما زاد تذبذب سعر الدولار من ارباح تجار علب السجائر "الدخان" وخاصة المهربين منهم، واصبحت تجارة الدخان كالبورصة، ترتفع وتنخفض يومياً وباتت الارباح تزيد خلال ساعات النهار تبعاً لاسعار الصرف، وحسب العديد من المواطنين فإن "العديد من مهربي وتجار هذه المادة وحتى أصحاب البسطات منهم، امتلكوا سيارات وعقارات خلال مدة قصيرة".
رحلة ارتفاع علبة "الدخان"
وتبدأ قصة ارتفاع سعر "علبة الدخان" من المستورد الى الموزع ومن ثم التاجر حتى تصل الى المستهلك وكل منهم يرفع على حسب منطقته واحتياجاتها وجودة الدخان ومصدره وسعر الصرف، حيث ارتفعت اسعار الدخان عن سعرها الاولي ما بين 15 الى 25 ليرة سورية خلال 24 ساعة.
وقال سمير "طالب جامعي إن: "سعر علبة الدخان ارتفعت خلال الايام الماضية اكثر من 20 ليرة سورية، حيث اصبح ارخص نوع دخان سعره يفوق 125 ليرة سورية، وهذا سبب لنا ارباكاً شديداً فأصبحنا نحسب سعر السيجارة الواحدة وكم سيجارة نستهلك باليوم ونحاول التقنين".
وأضاف سمير متهكماً أنه "من المعروف في آداب المدخنين هو أن تقوم بفتح العلبة وتقديم السجائر لمن يرغب من الحاضرين, ولكن هذا كان في الماضي، أما الآن فهذه القصة باتت ثقيلة على المدخن الذي يفضل أن يستمتع بسجارة لوحده لا أن يخسرها بعد أن أصبح سعر العلبة يفوق 100 ليرة".
انواع دخان جديدة والبيع بالسجارة
وقال احمد -موظف - "انتشرت في الاشهر القليلة الماضية انواع جديدة منكهة كـ"البرتقال والتفاخ والورد والشوكولا مع النعنع" وغيرها مجهولة المصدر وبجودة ردئية في الأسواق وخصوصاً "البسطات"، مضيفاً إنها تباع الى المراهقين والأطفال في السجارة الواحدة لعدم قدرة المراهق على شراء علبة كاملة، مطالباً بتفعيل دور الرقابة عليهم."
بورصة الدخان والدولار
وفي جولة على تجار الدخان بدمشق وريفها اللذين هم اكثر ربحاً نتيجة احتكارهم لبعض انواع الدخان لعدة ايام حتى يرتفع الدولار اكثر فاكثر فيقومون ببيعها على السعر الجديد للدولار، فقد أجمعوا على رأي واحد وهو إن: "ارتفاع سعر أي سلعة مرتبط أوتاماتيكياً بالدولار، فالحليب والدواء والمحروقات والمواد الأساسية والتعليمية وباختصار كل شيء حولنا ارتفع سعرها ضعفين أو ثلاثة في الاسابيع الماضية نتيجة ارتفاع الدولار وتجاوزه الـ 200ليرة، مشيرين إلى ان أسعار الدخان ارتفعت أيضاً على المستورد منه والمصنع محلياً".
وقال سامر بائع للدخان في منطقة السومرية بدمشق إنه: "من حقي أن أبيع الدخان بأي سعر لأن ربحي ليس كبيراً بالعلبة الواحدة"، وبرر فرق السعر بينه وبين محال الجملة قائلاً إن: "محلات الجملة والمختصة ببيع الدخان تبيعها بسعر اقل لأنها اشترت البضاعة بسعر أقل أيضاً، فربحها مضمون ويسطيعون احتكار بعض الانواع متى يحلو لهم".
ومن أكثر المتضررين من تذبذب سعر الدولار هم الموزعين حيث قال عدنان "موزع للدخان": "إننا نشتري البضاعة من الموزع الرئيسي بكميات كبيرة ونبيعها بسعر أقل من محلات المفرق بـ 20 – 30 ليرة، ويعود ذلك إلى نوع الدخان وجودته والطلب عليه، وأضاف "احيانا نضطر لبيعها "برأس مالها" لكي لا تتكدس البضائع، ولسد مستحقات الموزع الاساسي لكي يزودنا من جديد في البضاعة".
ولفت عدنان إلى انه "اذا تاخرنا بطلب بضاعة جديدة من المركز الرئيسي، فهو تلقائيا سوف يعلم اننا نكدسها او نحتكرها حتى نرفع من سعرها فيقوم هو تلقائياً برفع السعر أو عدم تزويدنا بالحمولة المطلوبة وهذا كله ينعكس علينا خسارة، منوها الى ان اكثر المستفيدين هم التجار وأصحاب البسطات فكل منهم يبيع بالسعر الذي يحلو له ويربحه أكثر".
الدخان العربي هو البديل
بعد ارتفاع سعر الدخان في دمشق انتشر مؤخراً الدخان العربي بشكل كبير حيث اتجه الكثير من المدخنين إلى العربي بعد أن كان سابقا قليل الانتشار ويقتصر على بعض المسنين في الأرياف أما الآن فقد بات وجهة للكثير من الشباب بسبب رخص سعره نسبيا.
وفي جولة على الدخان العربي فلقد وجدت "أن سعر الكيلو يبدأ من 1000إلى 5000 ليرة، بحسب النوعية أيضا فهناك الناعمة والخشنة والوسط والأشقر والبني وغيرها من المعايير التي تؤثر على سعره.
ويشار هنا أن سعره ايضاً ارتفع وذلك بسبب استغلال المزارعين لارتفاع سعر المعلب ماجعل الجميع يتجه إليهم فوجدوها فرصة مناسبة لرفع الأسعار إضافة إلى الأسباب الثانية كارتفاع الأسعار في كل شيء ما جعل رفع السعر مبرر في نظرهم.
دخان عراقي ووطني بنوعية رديئة
وانتشر في الاونة الاخيرة انواع لدخان ذات مصدر عراقي وهو ذات نوعية سيئة نتيجة تكديس علب الدخان لوقت طويل نتيجة الظروف الامنية والحدودية مع العراق.
وحول "الدخان الوطني"، فقد اشتكى منه بعض المواطنين حيث قال عمر: "كثيرا ما أفتح علبة الدخان كالحمراء لأجد بعض السجائر تالفة وعليها آثار العفن كاللون الأصفر الذي يدل على تلفها إضافة الى رائحتها الكريهة، واشار بأن هذا الامر غير مبرر كما الدخان المستورد من الخارج لانها سلعة مصنعة محليا في سورية".
آلية التسعير
صاحب محل توزيع للدخان شرح آلية التسعير قائلاُ إن: "التسعير قضية تختلف عن باقي السلع فهنا لا يوجد شيء اسمه تباع للمستهلك بسعر كذا، بل هناك ما يسمى فاتورة نظامية بعدد الكروزات والسعر الذي تكلفته والسعر الذي تبيعه بها وفي حال قدم أي شخص شكوى ضد أي مركز بيع يحضر التموين ويخالفه بعد التحقق من صحة الشكوى".
ولكن من خلال الجولة تبين وجود اختلاف كبير بين حديث محلات توزيع "الدخان" ،حيث يبيع كل محل على مزاجه نتيجة تذبذب سعر الصرف، دون أي رقابة أو خوف من شكوى المواطنين، وبين أيضا أن محال توزيع الدخان بالفاتورة وغيرها أمر نادر جدا فالكل يريد أن يربح قدر ما يستطيع دون أي مراعاة لأي شيء.
فدخان الحمراء في محل ب 110 وفي مكان آخر ب125، والكولاز ما بين185 – 200ليرة ، والييغانس الطويل 100- 110، والجينان القصير 225-230 ، واليغانس "الرفيع" 100- 110 ليرة.
والملاحظ هنا ارتفاع سعر الدخان عن الاساسي ما بين 15 و20 ليرة سورية، مع عدم وجود سعر موحد بين جميع المحال أو البسطات لبيع العلبة فكل منها يبعها على مزاجه ومنطقته.
واللافت انه ما إن تنتشر شائعات عن أزمة اقتصادية او ارتفاع ايضا لسعر الدولار ليرتفع السعر بلا رقابة شأنه كأي سلعة يستغلنا بها التجار لتكديس ثرواتهم.
سيرياديلي نيوز
2014-11-23 23:18:08