من المعروف أنّ مدينة حلب التي تعتبر العاصمة الاقتصادية لسوريا كانت من أكثر المدن السورية تأثرا بالأزمة السورية المستمرة من 3 سنوات ونصف، وحلب التي اشتهرت بمطبخها الغني بالمأكولات والحلويات ذات المذاق اللذيذ حتى أنّها تلقب بـ(حلب أم المحاشي والكبب) ودخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية قبل 6 سنوات من خلال تحضير أحد مطاعمها (زمّار) أطول سيخ كبب بالعالم، تأثر مطبخها بالأزمة حيث برز هذا التأثير من خلال إغلاق الكثير من مطاعمها التي تقدّم المأكولات الحلبية اللذيذة، ومن خلال قلّة الإقبال على المطاعم المستمرة بالعمل مع ارتفاع تكلفة المأكولات بسبب غلاء موادها الأولية وبالتالي ارتفاع ثمنها بما لا يمكن الحلبي أن يُقْبِل على شراء هذه المأكولات أو تحضيرها في منزله.

ولأن الحلبيين يعتزون بمطبخهم فكان هناك منافسة مع المطبخ الدمشقي العريق الذي له أكلاته اللذيذة أيضا وهذا جعل الحلبيين قبل الأزمة كما الشوام يفتتحون مطاعمهم الخاصة بأكلاتهم كل في مدينته فقط حيث من النادر أن يجد الدمشقي مطعما متخصصا بالأكلات الحلبية فقط بدمشق والعكس صحيح.

وفي السنوات الـ3 الأخيرة ومع ما حصل في مدينة حلب بسبب الحرب والأزمة اضطر الكثير من الحلبيين للتوجه إلى العاصمة دمشق كونها آمنة أكثر وافتتحوا مطاعم خاصة بالمطبخ الحلبي في مركز المدينة ووسطها التجاري، حتى أنّ أحد هؤلاء كتب على مطعمه الذي أعطاه عنوانا طريفا باللهجة الحلبية وهو: (حلبية خيتو!..) عبارات طريفة تدلل على روح النكتة والطرافة التي يتمتع بها الحلبيون رغم الأزمة والوضع الصعب حيث كتب: (من يوم ماجينا عالشام!! بقولولنا: انتو الحلبية نفسكم بالأكل طيب ليش ما بتدوقونا؟ حطينا نفسنا بالسناك وبلشنا بكببنا الحلبية وأنواع الكباب...).

من الحلبيين الذين افتتحوا مؤخرا مطعما حلبيا في شارع الحمراء الراقي وسط دمشق (جمال شيخو) وأطلق عليه اسم (دندنة) وهو كما يقول لـ«الشرق الأوسط» عنوان لمطعم شهير في حي العزيزية الراقي بمدينة حلب اضطر صاحبه وهو سوري من أصول أرمنية لإغلاقه بسبب الأزمة وهاجر مع أولاده إلى الولايات المتحدة الأميركية فقمت ـ يوضح شيخو ـ باستئذانه وافتتحت قبل شهرين مطعمي في دمشق بنفس الاسم حيث يحمل هذا الاسم الموسيقي الجميل مشاعر وذكريات خاصة لدى الحلبيين وزوار حلب.

ولكن ماذا تقدّمون من المأكولات الحلبية وكيف وجدتم تقبل الشوام لكم؟ يبتسم شيخو: زبائننا عادة رجال أعمال من حلب اضطرتهم الأزمة للإقامة في دمشق ونقل نشاطهم إليها كذلك رجال الأعمال الشوام الذين كانوا يسافرون لمدينة حلب وتستهويهم الأكلات الحلبية ولذلك وجدنا إقبالا كبيرا من هؤلاء وحاولنا مراعاة مذاق الشوام بالنسبة للأكلات الحلبية حيث لاحظت وبعكس الحلبيين يرغبون بتناول الأكلات بدسم خفيف وبقليل من البهارات الحدّة بينما في حلب يعشقون الدسم والسمن العربي الغنم مضافا على الأكلات والبهارات الحدّة حيث تزيد من لذة مذاقها وبشكل عام في مطعمنا نقدّم الأكلات الحلبية حيث استقدمت أفضل الطهاة من حلب المتخصصين بتحضير الأكلات الحلبية وهي عادة تحضّر في المناسبات والأعياد وحين يشتهيها الحلبي كونها تحتاج لجهد كبير ومواد أولية مرتفعة الثمن والبذخ في مكوناتها، ومن هذه الأكلات الكبّة بأنواعها التي تتميز بها حلب والمشهورة بالمكسرات حيث تضاف لها 5 أنواع من المكسرات المرتفعة الثمن وهي: الفستق الحلبي والكاجو والجوز واللوز والصنوبر وهذه لا تشاهد في الكبّة التي تحضّر في مطاعم دمشق، ومن أنواع الكبّة هناك: السفرجلية والصاجية والمشوية واللبنية (وهي محضّرة من لبن الغنم وليس من لبن الأبقار) وهذا ما يزيد من تكلفتها والكبة بالصينية والمبرومة (تشبه الحلوى المعروفة بنفس الاسم ولكن بدلا من الفستق نضع اللحوم والمكسرات) والكبّة السمّاقية وتحضّر من خلال تجهيز قطع باذنجان تطبخ مع السماق ودبس البندورة وقطع اللحم والكبّة الكروية الشكل الصغيرة. وهناك (كبّة لحمة كرز) وهي أغلى أنواع الكبّة وتسمى كبّة الملوك وتحضّر على الشكل التالي: نأتي بربع كيلو كبب مدوّر نحو 20 قطعة ونضيف لها صلصة كرز تسمى (وشنة) وهي نوع من الكرز الصغير الحجم الغني بالمياه وينتج في منطقة أريحا بإدلب وموسمه قصير جدا لا يتجاوز أسبوعين في السنة ويستخدم بشكل خاص للكبة فهو ليس كثمار الكرز العادية.

نقدّم أيضا المامونية وهي خاصة بحلب فقط حيث تحضّر من تحميص السميد المعجون بالسمن العربي الغنم على نار هادئة وتوضع فوقها القشطة البلدية والفستق الحلبي المبشور حيث تقدّم للزبون وإلى جانبها جبنة شلل أو مسنرة غنم بلدية، وهي تقدّم عادة في الصباح.

هناك أيضا المشاوي التي لا يعرفها الشوام والمتميزة بالصلصة الخاصة بها وهي 10 أنواع منها المعجونة التي تعجن باللحمة والجبنة البلدية والمكسرات وتشوى على النار وهناك كباب النعناع حيث نستبدل البقدونس بالنعناع في خلطة اللحمة ونشويها على النار من خلال شبك موجود على الموقد وتكون على شكل أقراص وليست أسطوانية كما هي المشاوي العادية وهناك الشرحات المحشية المشوية والكباب باذنجان أي المشوي مع شرحات الباذنجان.

كذلك نقدّم جميع أنواع المحاشي بالرز وبالبرغل وهناك الآرماني المحضرة من اللبن المطبوخ، ونقدّم المقبلات الحلبية ومنها المحمرة والحلويات التي تشتهر بها حلب مثل اسوارة الست والمبرومة ونحضّرها بطريقة مختلفة عن تلك التي يحضّرها حلاونجية دمشق وهناك الشعيبيات بالقشدة البلدية.

سيرياديلي نيوز


التعليقات