أحياناً تجد أمامك ماكنت تحاول أن تخفيه , أو لاتريد البوح به .. أهي مفاجأت أم أقدار مكتوبة مسبقاً تأتيك ربما مغايرة لحساباتك المستقبلية تصبح مفاجأة باردة عليك , وساخنة على غيرك .. خاصة وأنك كنت تعتقد أن خصوصياتك محصنة , ولا يحق أحد المساس بها أو الاقتراب منها إلا بأذنك وبموافقتك الشخصية .. ولكن ماذا يمكن أن تفعل وأنت في موقف عقائدي مصيري بحت قد يشكل نقطة تحول في حياتك .. حينها أسرارك قد تكون طوق النجاة لك ضمن مبدأ قد لاتساوم عليه مهما كلف الامر ..
كل هذا وأكثر تتابعونه في الجزء 25 من سلسلة / في حضن الشيطان / مع الكاتب القدير يعقوب مراد وحصرياً على سيريا ديلي نيوز .
في حضن الشيطان ـ 25
ياإلهي ..
لماذا كلما حاولت الاستنجاد بانسانيتي , لاأجد إلا ذكرياتي في سوريا ..!؟ .
والآن ..وبعد أن سلمت أمري لله ..
ـ ترى ماالذي ينتظرني ؟
وماهو السؤال الذي تحدثت عنه فيفي وقالت لابد منه !؟
هل يتعلق بسوريا ., أو باصدقاء .. , أو شخصي ..!؟
ماذا لديهم بعد .!؟
والسؤال الأهم من هم ..!؟
هذا السؤال الذي لم أستطيع أن أجد له إجابة , ولهذا يقلقني , لأني لاأعرف من الذي يتحكم في مصيري !!
ماكدت أنهي طعامي , حتى عادوا من جديد , وجلس كل منهم في مكانه تماماً , ومباشرة وبدون أي مقدمات قالت فيفي :
ـ هل تعرف مسيو جان بول . م ...!؟
فوجئت بالسؤال , وشعرت بغصة حزن لمجرد ذكر اسمه , تأملتها وهي تنتظر إجابتي ..
قلت بصوت خافت : الله يرحمه .. نعم كنت أعرفه
ـ هل ألتقيته أول مرة في جنيف خلال عمله كمدير للبنك .!؟
ـ نعم ..
ـ هل تكررت اللقاءات ..!؟
ـ نعم ..
سألتني وهي تصحح من وضعية نظارتها :
ـ كيف تطورت صداقتكما ..!؟
ـ قصة طويلة بدأت بسوء تفاهم , وخلاف ,, ثم مرت بظروف صعبة جداً تمخض عن امتحان قاس نتج عنه موقف قد لايتكرر أبداً , أسعده ذلك وأسعدني , أنقذه وأنقذني , وأصبحنا أصدقاء ولن أنسى هذا الرجل أبداً ..
تدخل الكسندر مستفسراً :
ـ كلامك أشبه بلغز .. كيف تبدأ علاقتكما بخلاف ثم تتحول الى صداقة رائعة ..!؟
هل لك أن توضح أكثر ..!؟
تنهدت بصمت , ونظرت في وجوه الثلاثة أمامي وقلت :
ـ لا أعرف ماذا يهمكم من أمر حياتي الشخصية وعلاقتي الخاصة بأصدقائي ., أعتذر ياعزيزي عن الاجابة خاصة وأن مسيو جان بول قد رحل منذ سنوات , ولن يفيد الحديث بخصوصيات الأموات ..
عادت فيفي تقول :
ـ طبعاً لك الحق بعدم الاجابة , ولكن قد يكون لدينا تصور أخر يدينك أنت , وبحاجة الى أن نسمعك بهذا الشأن لنتأكد ونقارن بين كلامك وبما نعرفه , وأن أردت نصيحتي : تكلم بما تعرف وسنسمعك ..
قلت : أنا أعرف بأننا لم نفعل شيئاً خارجاً عن القانون , ولا اي شي لايرضي الضمير , أو يؤذي أي انسان وهذا هو المهم ..
قالت : ورغم ذلك هناك علامات استفهام بحاجة لتوضيح لذلك من الافضل أن تأخذ بنصيحتي ..
فركت وجهي , وأنفي .. وقلت :
ـ في بداية ربيع 1993 وصلت جنيف ونزلت في فندق لو..... . وهو الفندق المفضل لدي لان مديره مصري الجنسية يحب الفن والفنانين والشعراء والاعلاميين وسهر الليل يحدثني عن حياته وذكرياته عندما عاش قصة حب مع الفنانة المصرية نيللي وخطبها ., وكان يتنهد بحسرة لان علاقتهما لم تستمر ,, ثم لاينهي كلامه الا في حالة السكر الشديد .
وفي صباح اليوم الثاني توجهت للبنك السويسري بناء على نصيحته لفتح حساب بنكي سري للغاية , والتقيت بمدير البنك ووقعت على عقد ينص بايداع مبلغ كذا بفائدة كذا لمدة ثلاث سنوات بثلاثة شروط :
الاول : يودع المبلغ بسرية تامة ولا يحق للبنك تقديم اي معلومات لاي جهة كانت.
الثاني : لا يحق لأي شخص مهما كان المطالبة بالمبلغ إلا من جاء اسمه بالعقد كمستفيد ثاني وثالث وذلك في حال الوفاة فقط .
الثالث : لايحق لي سحب المبلغ قبل انتهاء المدة المتفق عليها .
وغادرت البنك مباشرة للمطار وفي محفظتي نسخة من العقد ..
مرت أكثر من سنتين ونصف شعرت بحاجتي لمبلغ ما .. فتوجهت لجنيف فوصلتها صباحاً فتوجهت مباشرة للبنك , وعبثاً حاولت أقنع الموظف المسؤول بحاجتي للمال إلا أنه رفض , وأنه لايعرف شيئاً ويجب مراجعة المدير .
التقيت المدير جان بول وشرحت له حاجتي الضرورية لمبلغ مئة الف فرنك فرنسي فوضعني أمام خيارين : اما أن يبقى المبلغ ستة أشهر اخرى حتى يستوفي المدة الموقعة بالعقد أو أحصل على المبلغ الذي احتاجه ولكن سأخسر كل الفوائد المستحقة بالعقد ..
ووقعت في حيرة من أمري وغضبت ولكن لم أجد أمامي خيار ثالث .. فوافقت .. فكتب جان بول ورقة صغيرة وختمها وقال لي : تفضل أعطيها للموظف المسؤول وستحصل على المبلغ الذي طلبته .. ورافقني لباب غرفته ومد يده مودعاً فلم أكترث له , ومضيت وأنا في حالة غضب شديدة ..
سألتني فيفي : هل هذا هو سوء الفهم والخلاف التي تحدثت عنه ..!؟
قلت : نعم ..
قالت : وماذا حدث بعد ذلك ..!؟
قلت : أخذت المبلغ الذي أريده وهممت بالمغادرة .. ولكن فكرت بغضب : مادمت لن أحصل على فوائد فلن أترك بقية المال هنا ..وهذا ماجعلني أعود لمدير البنك وأطلب منه تصفية حسابي بالكامل فوافق على مضض , وأتصل بمدير قسم الايداعات المجمدة السرية وطلب منه أن يعطيني كامل حسابي مع تمزيق نسختي العقد , وكأن شيئاً لم يك ..
وفعلاً توجهت لقسم أخر .. فاستقبلني مدير القسم وقدم لي فنجان قهوة لريثما تنتهي كافة الاجراءات ووضع كامل المبلغ في محفظة , واستلم مني العقد وقارنه بنسخته ووضعهم في جهاز اتلاف فتحولوا على قصاصات صغيرة في سلة المهملات وودعني .
خرجت من البنك , وذهبت للفندق لاجد صورة كبيرة للمطربة السورية / س . ا / . تتوسط صالون الفندق تعلن عن حفلات في الصالة الذهبية .. ففرحت جداً بوجودها لانها صديقة عزيزة ..
في المساء .. دخلت الحفلة رأيتها تقف بقامتها , وصوتها الرائع تغني .. وقفت أتأملها مبهوراً طرباً .. ورأتني أبتسم وأصفق لها.. لاتصدق ماتراه ., ولم تتمالك فرحتها .. فتوقفت عن الغناء لتعلن ترحيبها بي بأجمل العبارات .. ورأيتها تتقدم نحوي فتقدمت نحوها وكان لقاء رائعاً .. وسهرة رائعة .. ومشوار منتصف الليل في الشارع الممتدد مابين الفندق وبحيرة جنيف الرائعة ذات النوافير العالية ., وكان حديث الوطن بكل مافيه من أحبة وذكريات ..
وغادرت في اليوم الثاني عائداً إلى السويد لأجد أمامي مفاجأة لم أتوقعها أبداً !!
مفاجأة وضعتني في حيرة قاتلة !؟
وللحديث تتمة
تنويه : في حضن الشيطان ./ بحث وتحقيق وأحداث حقيقية تم كتابتها في صيف 2013
ـــــــــــ . يعقوب مراد . ـــــــــــــ
يمكنكم قراءة سلسلة "في حضن الشيطان" من البداية على الرابط التالي: يعقوبيات مغترب
سيريا ديلي نيوز
2014-08-28 10:27:37