لايصدقون كيف تعمل وتركض وتلهث وراء وطن ومبادئ ومعتقدات بدافع الايمان والعقيدة التي لاتعريف لها بدون ثمن أو مقابل .. وهذا مايربكهم ويخيفهم فعلاً .! لأنهم لايجدون ثغرة يدخلون بها , ومن خلالها لتحطيم هذه المبادئ .. هذا هو السوري , وذلك هو العدو ., وشتان مابين الاثنين ..السوري قلب واحد ودم واحد ., وهدف واحد ., والاعداء كثر , وأهداف شيطانية أكثر .. كل هذا ., وأكثر تتابعونه في الجزء 23 من سلسلة / في حضن الشيطان / مع الكاتب القدير يعقوب مراد ., وحصرياً على سيريا ديلي نيوز . / الناشر

 

في حضن الشيطان ـ 23

رأيتهم ينظرون لبعضهم البعض .. وكأنهم يتبادلون اشارات خاصة لا أعرفها , شعرت للحظة , وكأني تورطت بالحديث , وقبل أن يتسرب القلق لنفسي , قلت : ـ يهمني أن تعرفوا جيداً .. أنا انسان عشت نصف حياتي في سوريا , والنصف الاخر في السويد .. وتعودت أن أفعل مايرضي ضميري الانساني والاخلاقي , ولا أخجل من أي تصرف عملته , ولست نادماً , بل فخور بكل شي عملته وفعلته في حياتي ..

 فجأة سألتني فيفي : ماهي علاقتك بالهاربون ..!؟

قلت لها : للاسف الشديد كثر الهاربون من البلاد العربية , بسبب ماسمي زوراً بثورات الربيع العربي...

 قاطعتني : سؤالي محدد ياسيدي .. أنا أسألك عن تنظيم الهاربون ..!؟ هل لك اي علاقة بهم .!؟

 قلت بحزم : لا .. لاعلاقة لي بأي تنظيم أو حزب سياسي .

عاد ماركوس يسألني : لماذا ذهبت اذن الى تركيا العام الماضي ..!

 قلت : حتى التقي الهاربون من سوريا ..

 قال : لماذا ..!؟

قلت : أهل بلدي .. ومن واجبي كمواطن سوري وكصحفي وكاتب وباحث اجتماعي أن أرى وأفهم وأسمع منهم شخصياً حقيقة مادفعهم للهروب .

قال: وماذا رأيت ..!؟

قلت : رأيت الحقيقة عارية حتى من ورق التوت , وكانت قبيحة جداً , ومحزنة لدرجة الغثيان , لم أصدق الذل الذي يتعرض له السوري في المخيمات التركية وهم بحماية مسلحين كانوا قد هتفوا للثورة , ورفعوا شعار : الشعب السوري مابينذل ., فوجدتهم يذلون أبناء بلدهم ويجبرونهم على أعمال لا انسانية ,,,

سألتني فيفي : ماذا تقصد بأعمال غير انسانية !؟

قلت : حين يتم شحن الرجال والنساء في سيارات وتوزيعهم على الفنادق التركية ليعملوا أعمال شاقة لأكثر من عشر ساعات يومياً في المطابخ والتنظيف في ظروف قاسية ولا يحصلون إلا على الفتات بينما الاجر الاكبر يحصل عليه المسلحون بحجة دعم الثورة !؟ فذلك استغلال غير انساني .. حين تعود بهم السيارات للمخيم مع غروب الشمس , لتأخذ البنات والصبايا والنساء الجميلات بقوة لتوزعهم على الفنادق وأماكن الدعارة , ولزبائن خاصة في فنادق الخمس نجوم ., ولايحصلون إلا على جزء يسير من مدخولهم ., وأيضاً الأجر الأكبر يحصل عليه المسلحون بحجة دعم الثورة !؟ فذلك استغلال غير اخلاقي وغير انساني ..

سألتني : هل كان المسلحون سوريون فقط !؟

قلت : طبعاً لا .. وهنا العجب .. أنا شخصياً رأيت شباب من تونس وليبيا والشيشان وأتراك ولكن قيل لي ان هناك خليط كبير من المغرب ومصر والسعودية والكويت وهناك رجل لبناني مهم ياتي دائماً ويملئ سيارته بعدة فتيات قاصرات يغيب عدة أيام ثم يعود بهم ليأخذ غيرهم ..

سألتني : هل التقطت لهم صور ..!؟

قلت : نعم .. ألتقطت صور للسوريين في الخيام , ولمحتويات الخيام , وصور للمسلحين عن بعد , ولكل الذين اجرينا معه مقابلات ..

قاطعتني : ألهذا تم طردك من تركيا ,.؟

قلت مصححاً : أنا لم أستلم قرار طرد من تركيا , ولكن بعدما كشف أمرنا من قبل المسلحين , ورؤيتهم لنا , ونحن نصور ونجري التحقيقات ., هجموا علينا , وتعرضنا للضرب وتكسير الكاميرات والموبيلات , وتم سرقة كل مانملك , ولولا تدخل طبيب من لواء اسكندرون لما استطعنا الوصول الى المشفى للعلاج , وبعدها مباشرة غادرنا تركيا بمساعدة من السفارة السويدية .

سألت : لماذا من السفارة السويدية ..!

 قلت : نحن فقدنا جوازات السفر , وكل مانملك , وشي طبيعي أن تساعدنا السفارة , وتؤمن لنا الوسيلة المناسبة للعودة للسويد .

سألتني مرة ثانية : ماذا تقصد بقولك ـ نحن ..!؟

قلت : أنا وصديقي السويدي استيفان الذي أقنعته بمرافقتي ليكون شاهداً ..!؟

سـألني ابراهام : هل عرض عليك الانضمام للمعارضة !؟

قلت : نعم .. وأكثر من مرة ., ومن عدة جهات , ورفضت .

سألني : هل كانت هناك إغراءات مادية أو ... !؟

قاطعته : نعم مادية ومعنوية ورفضتها , خاصة في بداية الحرب على سوريا , وخلال زيارتي لسوريا في نيسان 2011 , شرحت كل ماتعرضت له في مقابلة مع موقع شام برس ., وفي عدة محطات تلفزيونية سورية وأوربية وأمريكا اللاتينية .

سألني : ألهذا تعرضت للاغتيال !؟

 قلت : أنا تعرضت مرتين لمحاولة قتل , ولكن لست متأكداً ان كان بسبب رفضي ., أو لسبب آخر متصل بمواقفي ونشاطي وكتاباتي .

سألتني فيفي : رفضك نابع عن مبدأ أم لسبب آخر .!؟

قلت : قلت لك لاأفعل شيئاً إلا اذا كنت مقتنع به , ومؤمن به .. فأنا أولاً وأخيراً إنسان سوري منذ فجر التاريخ . نحن في سوريا تعلمنا أن ننتمي إلى سوريا قبل أن ننتمي للكنيسة أو للجامع . ..نحن في سوريا ننتمي لسوريا قبل ان ننتمي لحزب أو تنظيم أو شخص ما , إلا اذا كان هذا الشخص على حق , ووضع كرامة سوريا نصب عينه , وفوق كل اعتبار , كلنا نقف معه ونفديه بأرواحنا لاننا نعرف بأنه سيفدي سوريا لتبقى مهد الحضارة الانسانية .

عادت تسألني : هل هذا إعتراف بانك لاتنتمي إلى حزب البعث , أوالجيش السوري ..؟؟؟

قلت : هذا شرف لاأدعيه سيدتي .. لم يحصل لي شرف الانضمام لآي حزب لا في سوريا ولا في السويد , ولن أنضم أبداً , وسأبقى حراً مستقلاً , وكلمتي حرة غير رهينة لأحد , ولا ضد أحد إلا اذا كان ضد سوريا , وعلاقتي بالجيش السوري كانت خلال فترة خدمة العلم فقط ., وكانت أجمل أيام حياتي ., ولايربطني الأن آي تعاون سياسي أو أمني مع أي جهة في سوريا .

 سألني ماركوس : ألا تحصل من سوريا على دعم مادي يغطي تكاليف نشاطك الوطني .؟

أشرت برأسي : لا... ولا أنتظر شيئاً مقابل ماأفعله , ولا أعرف إذا كان لديهم علم بذلك

 .. سأل : ولماذا تفعل كل هذا !؟

نظرت إليه , وقلت : باختصار ياعزيزي لاني سوري .. وهذا واجبي , ودين في رقبتي تجاه وطن ولدت فيه مجاناً ., وكبرت وتعلمت فيه مجاناً ., وقدمني للعالم حفيداً لحضارة وتاريخ عريق لأمة يمتدد جذروها ألاف السنين .

عاد يسألني : هل تفعل كل هذا لتعزيز طموحك السياسي .؟

ضحكت.. وقلت : أنا لم أكُ يوماً موظفاً , ولا أريد أن أكون موظفاً , وليس لدي طموح أن أكون وزيراً أو سفيراً .

 سألني معقباً على كلامي : حتى وان عرض عليك تقديراً لجهودك ومواقفك ..!؟

قلت : سأعتذر بلباقة .

 سألتني فيفي : إذاً من يمول كل نشاطك ..؟

قلت لها : أنا ., ولم أقبل بآي دعم أو آي منحة من آي جهة مهما كانت ., وأتحدى أن يوجد لدى آي جهة حكومية أو سياسية أو حزبية أو دنينة آي إيصال أو عقد يثبت عكس ذلك ...

 نظرت فيفي في وجهي , ثم هزت القلم الذي بيدها وقالت : ـ هناك سؤال لابد منه ..

فقاطعتها قائلاً : قبل أن تسألي , أريد أن أعرف متى سننتهي ..!؟

أشارت لمكرفون في اذنها وقالت : ليس لدي أجوبة بل أسئلة

 .. قلت بضجر : تعبت وبحاجة لقليل من الراحة والطعام والشراب فهل هذا ممكن ..!؟

ابتسمت بخبث وقالت وهي تهم بالمغادرة مع أصدقائها : ـ طبعاً ممكن ..ستحصل على كل ماتريد , وسندعك ترتاح قليلاً , وسنعود لنكمل.

قلت لها : وأنا بالانتظار., ولا تنسي مشروبي المفضل الاوزو اليوناني . وجلست أستعيد في رأسي كل التحقيق والاسئلة والاجوبة .. وأفكر بكلام فيفي الأخير : ـ ترى ماهو السؤال الذي لابد منه ..!؟

 

وللحديث تتمة

 

تنويه : في حضن الشيطان ./ بحث وتحقيق وأحداث حقيقية تم كتابتها في صيف 2013

 

ـــــــــــ . يعقوب مراد . ـــــــــــــ

 

 يمكنكم قراءة سلسلة "في حضن الشيطان" من البداية على الرابط التالي:

يعقوبيات مغترب

سيريا ديلي نيوز


التعليقات