يؤكد العديد من الباحثين الاقتصاديين المتابعين للشأن المصرفي وخاصة فيما يتعلق بالديون المترتبة على عدد من المتعثرين الكبار والمستحقة لمصلحة المصارف العامة أن الإجراءات التنفيذية التي تلجأ إليها المصارف لتحصيل ديونها لم تعد ذات جدوى فعلية، فهي تأثرت بمنعكسات الأزمة التي تمر بها سورية وأصبحت تستهلك من الوقت والجهد الكثير من دون أن تفضي إلى نتائج فعلية.

 

ومن المعروف عند تأخر المقترضين عن تسديد التزاماتهم تقوم المصارف باتخاذ الإجراءات التنفيذية المنصوص عنها في قانون أصول المحاكمات المدنية، وهي إجراءات متعددة وتحتاج وقتاً طويلاً، وفي الوقت الحالي تأخذ هذه الإجراءات زمناً طويلاً أكثر من أي فترة مضت، فأغلب أضابير المقترضين يتأخر التنفيذ عليها لعدة أسباب أهمها عدم وجود المقترض وتبليغه، إضافة لإغلاق بعض دوائر التنفيذ وصعوبة الوصول إلى مكان العقار نتيجة الأوضاع الحالية من أجل وضع اليد وقائمة شروط البيع ومتابعة الإجراءات التنفيذية، لذلك تظهر أهمية إصدار مرسوم خاص بالإجراءات المتعلقة بعمل المصارف أو على أقل تقدير تخصيص مديريات تنفيذ مستقلة لعمل المصارف يكون لها صفة الاستعجال، وهذا الطرح ليس بالجديد، فكثيراً ما طالبت به المصارف من دون جدوى أو حتى تفكير بدراسة من قبل الجهات الوصائية.

 

وانطلاقاً من هذا الطرح يقدم الباحث المصرفي أنس الفيومي رؤية خاصة لمعالجة الديون المترتبة على كبار المتعثرين من المقترضين لمصلحة المصارف العامة، مرتكزاً في دراسته ورؤيته على ظروف الحرب التي تشن على سورية واستهدفت جميع مناحي الحياة ومجالاتها، وفي هذا الظرف الاستثنائي لابد من معالجات استثنائية وإن كانت خارجة عن نطاق العرف أو القوانين التي تنظم عمل المصارف لأن الهدف الأساس كما يرى فيومي هو الحفاظ على أموال البلاد بالدرجة الأولى بما يحقق الاستمرارية في العمل المصرفي بوتيرة جيدة ومن شأنه مواجهة أي منعكسات خارجية.

 

وبحسب صحيفة "تشرين" يبني فيومي رؤيته على أساس وجود بيئة تشريعية متكاملة تتيح للمصرف التملك والمشاركة مع أصحاب المشاريع المهمة وذات الجدوى الاقتصادية المحققة أفضل من مراسيم الإعفاء، لأن وجود مثل هذه الهيئة يمكن المصارف من تحسين مراكزها المالية عن طريق إطفاء حسابات بعض الديون وتحويلها الى ملكيات وموجودات ثابتة بمجرد تحويل الديون الى ملكيات وموجودات ثابتة كما يوضح فيومي في رؤيته فإن ذلك من شأنه أن يعفي المصارف من اتخاذ إجراءات قانونية صعبة التنفيذ وأحياناً لا طائل منها في أوقات وظروف أشبه بهذه التي تمر بها البلاد حالياً، ولا تصل الى نتيجة في أغلب الأحيان وتالياً عدم إشغال الدوائر القضائية بهذه الإجراءات.

 

والأهم من ذلك، فإن الرؤية أوضحت أن ذلك لا يؤدي الى خسارات للمصارف نتيجة المبالغ التي تم ويتم الإعفاء منها بموجب مراسيم وتشريعات تضعها الجهات الوصائية، إنما يعطي المصرف فرصة مهمة في حال زيادة قيمة هذه المنشآت بعد انتهاء الأزمة التي تمر بها البلاد في استرجاع أمواله وفق قيمتها الفعلية المستمدة من القيمة السوقية لهذه المنشآت وتالياً تشكل حماية للمصرف من تقلبات سعر الصرف،وهذه الرؤية حسبما أوضحه الباحث المصرفي أنس فيومي بحاجة إلى دراسة معمقة وإغناء حتى تتحول إلى تشريع يشكل قفزة نوعية في مجال معالجة الديون المتعثرة لكبار المقترضين.

 

ومن المعروف أن الحل الوحيد أو الإجراء التشريعي الذي تعتمد عليه الجهات الوصائية على عمل المصارف في مجال تحصيل ديونها من المقترضين المتعثرين حثهم وتشجيعهم على السداد عبر جملة من الإعفاءات تقر بموجب نص تشريعي، إلا أن هذا الإجراء غالباً مايسبب خسارات للمصارف لأنها تعفي المتعثرين من جميع الفوائد وكذلك الغرامات، ناهيك بأن نسباً لايستهان بها من المتعثرين لايستجيبون لتلك الإعفاءات، وعلى هذا الجانب لابد من وجود إجراء يضمن للمصرف حقوقه بعيداً عن الإجراءات التنفيذية التي لاتفضي إلى نتائج ملموسة في أغلب الأحيان.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات