يعد قطاع تجارة السيارات من القطاعات الاقتصادية النشطة لجهة حركة وحجم الأموال الدائرة والموظفة فيه لكن هذا القطاع بات يعاني الكثير من المتاعب والصعوبات منذ بداية الأزمة التي تمر بها البلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات وخاصة لجهة غياب السيارات الجديدة عن الأسواق والمتعلقة بصعوبات الاستيراد والعقوبات الاقتصادية الجائرة وتذبذب أسعار صرف الليرة أمام العملات الأجنبية وإحجام الكثير من المصارف عن عمليات التمويل... كل ذلك خلق واقعاً متبايناً وآراء مختلفة بشأن نشاط بيع وشراء السيارات وتحديد أسعارها في الأسواق المحلية، حيث تعد شريحة واسعة من المواطنين أن أسعار السيارات المستعملة باهظة ومرتفعة ولا تتناسب مع دخولهم، بينما يشتكي أصحاب المحال والصالات من حالة الجمود وانخفاض عمليات البيع والشراء.

 

لا تتناسب مع الدخل

تتقاطع معظم آراء المواطنين الذين التقيناهم في محال تجارة السيارات المستعملة بشأن غلاء أسعارها وعدم تناسبها مع دخولهم وصعوبة شراء السيارة المناسبة بسبب تبعثر محلات بيع السيارات المستعملة، حيث غالباً ما يحتاج الشخص إلى التنقل بين عدة مناطق ليتسنى له العثور على السيارة التي ينوي شراءها لعدم وجود أماكن أو أسواق خاصة لبيع وشراء السيارات المستعملة كما كان في السابق قبل الأزمة، حيث كانت تتركز محلات وصالات البيع ضمن أسواق كبيرة، أهمها سوق شارع ثلاثين وسوق حرستا في ريف دمشق وسوق الصنمين في محافظة درعا  إضافة إلى الشكوى من فوضى الأسعار والتباين في سعر السيارة نفسها وبالمواصفات نفسها من محل لآخر وغياب عمليات الرقابة والمتابعة من قبل الجهات المعنية لعمليات بيع وشراء السيارات المستعملة والتي تكثر فيها عمليات الغش والغبن من دون وجود جهة يلجأ لها الزبون ليحصل على حقه سوى القضاء الذي غالباً لايرغب الزبون في التوجه إليه بسبب صعوبة إثبات الزبون لحقه في بعض الحالات ووجود إجراءات وتكاليف مالية وإمكانية استئناف الأحكام من قبل البائع وكل ذلك قد يطيل من عمر الدعوى.

 

فوضى وتباين

وفي محاولة للتعرف عن كثب عن واقع أسعار السيارات قمنا بجولة على مكاتب بيع السيارات في حي الميدان ومنطقة المزرعة في دمشق ومنطقة صحنايا في ريف دمشق حيث تبين أن هناك حالة من الفوضى والتباين في الأسعار بين منطقة وأخرى إلا أن معظمها سجل زيادة في الأسعار تقترب من نسبة 100% عما كانت عليه قبل الأزمة،  حيث نجد على سبيل المثال أن ثمن السيارة المستعملة من نوع كيا ريو وصل إلى حدود 1.3 مليون ليرة بينما كان يتراوح سابقاً بين 650-750 ألف ليرة و سعر السيارة من نوع كيا فورتي  بحدود 1.6 مليون ليرة بعد أن كان يقترب سعرها من900 ألف  ليرة وكذلك سيارات الهونداي مثل سيارة فيرنا التي أصبح سعرها بين 900 و مليون ليرة، بعد أن كانت بين 500-600 ألف ليرة وكذلك الأفانتي التي وصل سعرها الآن إلى حوالي 1.5-1.6 مليون ليرة بعد أن كانت من 800-900ألف ليرة، مع الإشارة إلى أن نسب الارتفاع كانت أقل من ذلك بالنسبة للسيارة الأكثر قدماً. 

 

أصحاب المكاتب

محمد الوادي يعمل في بيع وشراء السيارات في منطقة صحنايا أفاد أن هناك جموداً يلف أسواق السيارات وخاصة بعد رفع أسعار مادة البنزين مؤخراً حيث لاحظنا هبوطاً مباشراً في الطلب والبيع وخاصة لجهة السيارات ذات الاستهلاك العالي للبنزين، وأن معظم الزبائن حالياً باتوا يبحثون عن السيارات الأكثر اقتصاداً في صرفها لمادة البنزين، وهذا ما شاطره اياه صاحب مكتب الحسن لتجارة السيارات في بلدة أشرفية صحنايا حيث قال: أن مبيع السيارات المستعملة يشهد حركة جمود منذ أكثر من شهر وذلك للعديد من الأسباب منها ارتفاع أسعار البنزين وانخفاض القدرة الشرائية لدى الكثير من الناس، لكننا نتوقع أن تتحسن حركة الطلب على السيارات خلال الأيام المقبلة بسبب تحسن الوضع العام وحالة الاستقرار الذي تشهده البلاد وهو الأمر الذي يشجع العديد من المواطنين الراغبين في اقتناء السيارة على الشراء.

كما بيّن صاحب مكتب الجود للسيارات في حي الميدان في دمشق أن من ضمن العوامل التي أدت إلى انخفاض الطلب على شراء السيارات هو ارتفاع نفقات الصيانة والإصلاح وخاصة قطع الغيار التي شهدت أسعارها ارتفاعاً كبيراً بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الزيوت التي تحتاجها السيارة بشكل دائم، كما نوه إلى أن تذبذب الأسعار بشكل مستمر سببه وجود تفاوت في الأسعار بين منطقة وأخرى وغياب توحيد الأسعار... كل هذه العوامل تدفع الزبون إلى التردد في عملية الشراء ومحاولة ترقب حركة الأسعار والانتظار.

 

ليست مدخراً آمناً

من جانبه يرى جمال سويداني وهو تاجر قديم في سوق السيارات ومتابع لحركتي بيع وشراء السيارات والعوامل التي تقف وراء زيادة وانخفاض هذه الحركة أن شراء السيارة لم يعد يشكل مدخراً آمناً لشريحة من المواطنين التي كانت تنظر إلى شراء السيارة على أنه نوع من الإدخار وربما سبيل للربح عند بيع السيارة بالإضافة للحصول على رفاهية التنقل واستخدام السيارة في الحياة اليومية لهم وكل ذلك بسبب الظروف العامة في البلد وبسبب تذبذب أسعار السيارات و سعر صرف الليرة أمام العملات الصعبة مثل الدولار.

 

حماية المستهلك

مديرية حماية المستهلك في دمشق وفي أكثر من لقاء سابق معهم أكدوا أن الرقابة على محلات بيع السيارات المستعملة وضبط أسعارها ومتابعة حالات الغش التي تحدث فيها ليست من اختصاص المديرية لأنها تعد سلعة مستعملة ولا تخضع لعمليات التسعير وغالباً ما تحدد أسعار مثل هذه السلع عمليات العرض والطلب، وأن عمل المديرية في هذا المجال ينحصر في السيارات الجديدة، وأن الملاذ للذين يتعرضون لعمليات الغش والغبن هو التوجه للقضاء استناداً لعقد البيع الذي ينظم عملية البيع والشراء بين الطرفين.

Syriadailynews - Tishreen


التعليقات