بعد ما يشبه الفتور لثلاثة أعوام خلت، عادت قضية الاستملاك السياحي للشريط الساحلي تتصدر أولى اهتمامات محافظة اللاذقية، حيث بات لا يعقد اجتماع إلا ويتخلله الاستفسار والمساءلة عن مصير الدراسة التي تعد لرفع إشارة الاستملاك، أو إنصاف مالكي العقارات المستملكة بدفع بدلات الاستملاك لهم بالسعر الراهن، تأتي الاستفسارات هذه بعد وعود كثيرة وردت على ألسنة عدد من الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة السياحة والذين كان كل منهم لدى زيارته اللاذقية يبدي أسفه وتعاطفه الشديد مع هذه المشكلة التي تشكل غبناً وإجحافاً كبيراً بحق الأهالي مالكي العقارات، وكل منهم كان يقد الوعود بوضع ثقله والاستنفار لمعالجة المشكلة بإعادة الحق لأصحابه، مؤكدين المباشرة بإجراء الدراسة ومتابعتها بشكل حثيث على ألا تتعدى مدتها أشهراً قليلة لتخرج  إلى النور عن طريق رفع الإشارة عن المواقع التي لا تخدم المشاريع السياحية، وتعويض الأهالي عن المواقع أو العقارات الصالحة للاستثمار إما بدفع بدل عادل، أو إشراك صاحب العقار بنسبة من أرباح المشروع السياحي المقام على عقاره، إلا أن جميع الوعود تبخرت في الهواء.

 

ولدى زيارة وزير السياحة بشر يازجي إلى اللاذقية وحضوره جانباً من اجتماع الجلسة الأولى لمجلس المحافظة بدورته الثالثة، بدت أجواء المجلس زاخرة بالطروحات المتعلقة بالجانب السياحي وعلى رأسها قضية الاستملاك السياحي التي تقدم بها عدد من أعضاء المجلس، محملين وزارة السياحة المسؤولية نتيجة التقصير والإهمال، ومنهم دريد مرتكوش الذي عرض للمشكلة القائمة منذ نحو 40 عاماً والتي بدأت بوضع إشارة الاستملاك عام 1975 هذه الإشارة المستمرة لغاية تاريخه دون تحريك ساكن حيالها، ودون إقامة أي مشروع، سوى منع أصحاب العقارات من التصرف بها، ومنعهم من إقامة أي مشروع عليها، ما سبب الضرر لآلاف الأسر على امتداد الشريط الساحلي وخاصة في السنوات الأخيرة حينما أخلت وزارة السياحة بعض العقارات المستملكة في رأس البسيط لقاء بدلات استملاك جائرة لم تعتمد معايير مدروسة وموضوعية وحضارية تحفظ حقوق الفلاحين بل وضعت قيمها في المصارف دون إعلام أصحابها وبأسعار تخمين من عام 1975، مطالبا بمعالجة هذه المعضلة بإنصاف الفلاحين وإعطائهم حقهم الطبيعي والفعلي وخاصة أن هؤلاء ليسوا ضد إقامة مشاريع سياحية متطورة تخدم البلد بل هم معها، لكن على أن تقوم وفق معايير منطقية لا ظلم بها،

ونوه مرتكوش قائلاً: هذا العرض كان قد قدمه والدي من قبلي، وها أنا أقدمه حالياً، وأعتقد أن أحفادي من بعدي سيتقدمون به أيضاً (طبعاً أحفاد مرتكوش لم يبصروا النور حتى الآن لأنه لم يدخل الحياة الزوجية بعد).

 

ورداً على ما طرح أكد وزير السياحة أن الاستملاك السياحي تم لإقامة مشاريع سياحية ذات ريعية اقتصادية من جهة، ولتأمين فرص عمل من جهة أخرى، وبما أنه لم تحقق الغاية المرجوة منها، فالوزارة تركز حالياً على حل هذه المشكلة التي وضعتها ضمن أولويات عملها واهتماماتها، وقد تمت المباشرة خلال الأشهر الماضية للعمل على معالجة هذه المشكلة باعتبار أن مشكلة الاستملاك هي من أخطر المواضيع بسبب قساوتها على المواطنين، وعندما نقول مشكلة استملاك مستمرة لـ30 أو40 سنة دون أن تعالج فهذه مشكلة كبيرة، لأن الاستملاك يجب أن يكون نعمة لا نقمة على المواطن، وعلينا أن نحوله لشيء مفيد للمواطن يحقق له مستوى معيشي أفضل بكثير، لذلك وبناء على الايجابيات السابقة يتم العمل بداية بإشارة الاستملاك، وانتهاء بكيفية التخطيط السياحي.

 

وأشار يازجي  إلى أنه تم تشكيل لجنة من خبراء وفنيين لحل مشكلة الاستملاك السياحي بشكل جذري ليخدم أكبر شريحة من المواطنين، واعتماد التطوير السياحي، ومنع التعديات، والأخذ بعين الاعتبار كل ما يصب في المصلحة العامة، وستكون الحلول على مراحل وفق معايير متوازنة يشترك في وضعها المجتمع المحلي لتطوير الساحل السوري سياحيا، وأضاف قائلاً: نعمل الآن لكن ليس معنى هذا أن مشكلة الاستملاك يمكن حلها بكلمة، لكننا نسير بالتطوير، وقال تعليقاً على كلام مرتكوش: نحن نريد لأولادنا وأولادك أن يدعوا لنا.

Syriadailynews - Alwatan


التعليقات